"تقرير المصير" يتصدر مفاوضات السلام السودانية في أديس أبابا
الفرقاء السودانيون يعودون لطاولة التفاوض الأسبوع المقبل عقب فشل نحو 15 جولة تفاوضية سابقة
تستضيف العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الأسبوع المقبل جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة السودانية ومتمردي الحركة الشعبية - قطاع الشمال لإنهاء الصراع المسلح بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق أو ما يعرف بمفاوضات"المنطقتين" جنوبي البلاد.
وتوقع خبراء سياسيون تحدثوا لـ"بوابة العين" الإخبارية أن تسفر الجولة التفاوضية المرتقبة برعاية الاتحاد الإفريقي عن توقيع اتفاق لوقف الأعمال العدائية وإيصال المساعدات الإنسانية لمناطق سيطرة التمرد.
واستبعد الخبراء إبرام سلام دائم في الوقت القريب لا سيما في ظل بروز أجندات تفاوض جديدة للحركة الشعبية –شمال بينها مطلب "تقرير المصير" الأمر الذي سترفضه الحكومة تفاديا لتكرار سيناريو انفصال جنوب السودان.
ونقل سفير الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيجاد) بالخرطوم ليسان يوهانس الخميس استعداد الحكومة والحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو استئناف محادثات السلام خلال الأسبوع الأول من فبراير بأديس أبابا بعد أن سلمتهما دعوات رسمية بهذا الخصوص.
وأفاد يوهانس أن جولة المفاوضات الأولى ستركز على وقف العدائيات ثم تعقبها جولة المفاوضات السياسية.
وحال انطلقت الجولة المقبلة ستكون المرة الأولى التي تجلس فيها الحكومة السودانية مع الفصيل المنقسم في الحركة الشعبية بقيادة الحلو، الذي أطاح برئيسها السابق مالك عقار وأقصى وفد التفاوض بقيادة ياسر عرمان.
وفشل الاتحاد الإفريقي في التوفيق بين الطرفين خلال نحو 15 جولة تفاوضية سابقة، نتيجة لتمسكهما بمواقفهما حول إيصال المساعدات الإنسانية ووقف العدائيات ومسارات التفاوض، بينما لم يراوح اتفاق خارطة الطريق الموقّع بين الحكومة ومكونات المعارضة المدنية والمسلحة مكانه منذ عامين.
وترى الحكومة السودانية ضرورة أن ينحصر التفاوض مع "الشعبية" حول المنطقتين، وأن تمر الإغاثة بمدينة سودانية قبل نقلها لمناطق سيطرة التمرد، فيما كانت الحركة الشعبية عند تولي أمينها العام السابق ياسر عرمان ملف التفاوض تتمسك بأن تكون المحادثات مع الحكومة حول كل قضايا السودان المختلفة، ونقل المساعدات الإنسانية من مدينة أصوصا الإثيوبية مباشرة للمتضررين.
واندلع النزاع المسلح بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في السادس من يونيو عام 2011 إثر خلاف حول نتائج الانتخابات لمنصب الوالي بجنوب كردفان التي فاز بها مرشح المؤتمر الوطني الحاكم أحمد هارون على حساب مرشح "الشعبية" عبد العزيز الحلو، لينتقل الاقتتال إلى ولاية النيل الأزرق بعد مرور عام عقب تمرد واليها مالك عقار.
وبخلاف فزاعة "تقرير المصير" وأجندات التفاوض التي قد تدفع بها الأطراف، اعتبر كبير مفاوضي الحكومة السودانية مساعد الرئيس إبراهيم محمود حامد أن الأجواء مهيأة الآن لتحقيق السلام، معربا عن أمله في أن تحقق جولة المحادثات القادمة، تطلعات المواطنين في تحقيق السلام الشامل بعد التوقيع على وقف العدائيات.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة وادي النيل السودانية، عبد اللطيف محمد سعيد أن الحركة الشعبية بقيادة الحلو ستضعف حظوظ التوصل لسلام ينهي الحرب المشتعلة، إذا ما دفعت بمطلب حكم ذاتي أو تقرير المصير للمنطقتين في طاولة التفاوض، "وربما تنهار الجولة مبكرا وتلحق بسابقاتها" لأن الحكومة السودانية –في تقديره– لن تعيد سيناريو اتفاقية نيفاشا التي أدت إلى انفصال دولة الجنوب.
وشدد سعيد في تعليق لـ"بوابة العين" الإخبارية على ضرورة تقديم تنازلات من جانب الحكومة والحركة الشعبية بغرض الوصول إلى سلام دائم ينهي معاناة الآلاف بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وبرأيه فإن الضغوطات التي يمارسها المجتمع الدولي على الطرفين لإنهاء الصراع سيكون أثرها محدودا على جولة المفاوضات القادمة "لأن الضغوط ستكون نظرية فقط، ولا شيء ملزم بحكم التجربة.. السلام يتحقق برغبة الجانبين ومدى استعادادهما للتنازل عن الموافق التفاوضية الصلبة".
وثمة من يعتقد أن غياب الأمين العام السابق للحركة الشعبية ياسر عرمان عن الجولة التفاوضية القادمة سيصب إيجابا في صالح إحداث اختراق والتوصل إلى سلام نسبة للاتهامات التي تلاحقه بالتعنت في المواقف.
لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. صفوت صبحي فانوس، يرى أن جناح عبد العزيز الحلو ربما يدفع بمطالب أقوى كتقرير المصير وخلافه "لذلك يصعب التكهن بسناريوهات المحادثات المقبلة".
وشدد فانوس في تعليق لـ"بوابة العين" الإخبارية على أن القضية برمتها بحاجة لمرونة في المواقف لدى الطرفين "لأن القضايا كثيرة وشائكة وأي تعنت ستكون الجولة القادة كسابقتها".
واعتبر أن جلوس الأطراف للتفاوض عقب انقطاع دام لأكثر من عام يمثل خطوة إيجابية في حد ذاته ستوجب أن تدعم بإرادة سياسية بما يفضي لاتفاق سلام يوقف الاقتتال بالمنطقتين.
ويتوقع الصحفي المهتم بإنشطة النزاع المسلح في السودان، إبراهيم عربي أن تشهد الجولة القادمة توقيع اتفاق على وقف العدائيات وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين بمناطق سيطرة التمرد.
وقال عربي في تعليق لـ"بوابة العين" الإخبارية، إن المعضلة الأساسية ستكون في القضية السياسية والترتيبات الأمنية، لافتا إلى أن الانقسام الذي حدث في الحركة الشعبية وتجاوز الطرف الآخر "ياسر عرمان- ملك عقار" بالدعوة ربما يلقي بظلال سالبة على عملية السلام.
وبرأيه فإن دعوة الاتحاد الإفريقي لجناح مسلح دون الآخرين يمثل نهاية عملية لاتفاق "خارطة الطريق" بين الحكومة ومكونات المعارضة السودانية الموقعة في أديس أبابا قبل عامين.
aXA6IDEzLjU5LjUuMTc5IA== جزيرة ام اند امز