كارثة بيئية.. تسربات الصرف الصحي تلوّث أنهار وبحيرات بريطانيا

تشهد بريطانيا أزمة بيئية متصاعدة بعدما كشفت بيانات رسمية أن تسربات مياه الصرف الصحي باتت تلوّث الأنهار والبحيرات والسواحل بمعدل يقارب مرة واحدة كل 70 ثانية، في واحدة من أسوأ الفترات التي تشهدها البلاد.
ووفقًا لإحصاءات وكالة البيئة البريطانية، فإن عام 2024 شهد أكثر من 450 ألف تسرب، امتدت لساعات تجاوزت 3.6 ملايين ساعة من الانسكابات في المياه، وهو رقم قياسي جديد يثير قلق السكان والمنظمات البيئية.
صحيفة ديلي ميل البريطانية أطلقت خريطة تفاعلية تمكّن المواطنين من معرفة ما إذا كانت مياه الصرف قد تسرّبت بالقرب من منازلهم العام الماضي، في خطوة تهدف إلى توعية الناس بحجم التلوث المنتشر في مختلف أنحاء البلاد.
في قرية سالكومب ريجيس بمقاطعة ديفون، سجلت محطة معالجة الصرف هناك تسربات يومية متواصلة على مدار العام بأكمله، بسبب تسلل المياه الجوفية ومياه الأمطار إلى شبكة الصرف من خلال الأنابيب المتضررة، ما أدى إلى فيضانها بمياه ملوثة.
ويأتي ذلك بينما يواصل نحو 4 آلاف شخص من السكان وأصحاب الأعمال مقاضاة شركات المياه ومزارع الدواجن في مقاطعات واي ولَغ وأَسك، متهمين إياها بالتسبب في تدهور بيئي واسع النطاق طال جودة المياه والنشاط السياحي في المنطقة منذ أغسطس/آب 2019. ويطالب المدعون بتعويضات مالية كبيرة، إلى جانب تنفيذ عمليات تنظيف شاملة للأنهار وإعادتها إلى حالتها الطبيعية.
في المقابل، نفت الشركات المعنية هذه الاتهامات، إذ أكدت شركة «ويلش ووتر» أنها تعمل وفق نظام غير ربحي، وأنها استثمرت خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 70 مليون جنيه إسترليني لتحسين منشآت الصرف في نهر واي، إلى جانب مشاريع أخرى بقيمة 33 مليون جنيه لنهر أَسك، لكنها أشارت إلى أن مصادر تلوث أخرى من قطاعات مختلفة ساهمت في تراجع جودة المياه رغم الجهود المبذولة.
أما شركة «ساوث ويست ووتر»، فبررت التسربات في منطقة سالكومب ريجيس بما سمّته «الاتصالات غير القانونية» داخل الشبكة، مؤكدة أنها أضافت سعة معالجة إضافية في أغسطس/آب 2025، ما أدى إلى انخفاض كبير في عدد الحوادث.
ورغم تزايد حوادث التلوث، تلقت شركات المياه البريطانية خلال العقد الماضي أكثر من 112 مليون جنيه إسترليني كحوافز ومكافآت إدارية، في وقت أُجيزت فيه زيادات جديدة على فواتير المياه تقدر بنحو 556 مليون جنيه، بعد أن منحت هيئة المنافسة والأسواق خمس شركات رئيسية — منها «أنغليان ووتر» و«ساوث إيست ووتر» و«وِسِكس ووتر» — الحق في رفع الأسعار بما يفوق ما أقرته هيئة تنظيم المياه «أوفوات» في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقالت كيرستن بيكر، رئيسة اللجنة المستقلة المكلّفة بمراجعة قرارات الأسعار، إن معظم طلبات الشركات لرفع الفواتير بنسب إضافية كانت «غير مبررة»، مشيرة إلى أن القرار المؤقت يوازن بين تمويل مشاريع تطوير البنية التحتية وتقليل الضغط على ميزانيات الأسر البريطانية.
من جانبها، أوضحت وزيرة المياه إيما هاردي أن الحكومة تعي تمامًا غضب المواطنين من ارتفاع الفواتير، مؤكدة أن الأموال المخصصة للاستثمار ستوجَّه إلى تحديث الشبكات وتحسين البيئة المائية، مع إنشاء جهة تنظيمية جديدة لتحل محل «أوفوات» وتعيد الثقة إلى النظام.
في المقابل، حذر مجلس المستهلكين لشؤون المياه (CCW) من أن مزيدًا من الزيادات سيؤثر سلبًا في الأسر محدودة الدخل، مشيرًا إلى أن أربعين في المئة من الأسر في نطاق الشركات الخمس ستجد صعوبة في سداد الفواتير.
من جهتها، أكدت رابطة شركات المياه البريطانية أن «أي تسرب للصرف غير مقبول»، معلنة استثمار 12 مليار جنيه إسترليني حتى عام 2030 لخفض التسربات إلى النصف وبناء بنية تحتية أكثر مرونة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز