ما إن بثت القناة القطرية البيان التضليلي، حتى تحول شفيق بقدرة قدير إلى رمز وطني يدافع عنه الإخوان وحلفاؤهم.
ما أتاه الفريق أحمد شفيق، لا يمكن تفسيره إلا بما ورد في تغريدة معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، من استشهاد ببيت الشاعر أبي الطيب المتنبي: "إذا أنت أكرمت الكريم ملكته، وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا»، فالموضوع أخلاقي قبل أن يكون سياسياً، وما قام به شفيق أربك أهل العرفان، وبعث السرور في أهل النكران، ليطرح بذلك أسئلة عدّة حول الغاية من هذا الموقف المخزي لصاحبه، أولها: لفائدة من؟
خلال ساعات قليلة تواترت مواقف شفيق، فقد أعلن في فيديو مسجل بثته "رويترز" أنه سيترشح للانتخابات الرئاسية المصرية، وأنه سيقوم قبل العودة إلى القاهرة بجولة عبر عدد من الدول للالتقاء بالجاليات المصرية، وإلى الآن يبدو الأمر عادياً، ومعقولاً، ولا لبس فيه، خصوصاً أن مصر تستعد لتنظيم ثالث انتخابات تعددية بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في فبراير 2011.
ما إن بثت القناة القطرية البيان التضليلي، حتى تحول شفيق بقدرة قدير إلى رمز وطني يدافع عنه الإخوان وحلفاؤهم، يتبنون ادعاءاته ويعتنقون توجهاته، تواصلاً مع الحملات الدعائية القطرية الإخوانية ضد الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.
ولكن بعد ساعات قليلة، فاجأ شفيق الجميع ببث فيديو على قناة «الجزيرة» القطرية، يتهم فيه سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة بمنعه من السفر، الأمر الذي قلب صورة وموقف الرجل رأسا على عقب، أولاً، لأن الجميع يعرف أن شفيق وجد في الإمارات الملجأ والملاذ الآمن يوم غادر بلاده بعد انتخابات 2012 عندما كان ملاحقاً من قبل الإخوان، ودمه مهدر من قبل الجماعات المتشددة التي كانت تصول وتجول في القاهرة.
وحظي في أبوظبي بكرم الوفادة وحسن الضيافة، وتمت معاملته كأحد كبار الضيوف من القادة والساسة البارزين تقديراً لمصر التي تحتل مكانة خاصة في قلوب الإماراتيين وللقوات المسلحة المصرية التي كان من أبرز رجالاتها، كما كان يتمتع بكامل الحرية في استقبال من يشاء، والسفر حيث يشاء، والحديث إلى من يشاء،
وثانياً، لأن شفيق كان على اتصال بكبار المسؤولين الإماراتيين، وكان بإمكانه التواصل مع أي منهم، لو أنه تعرض بالفعل إلى أية عراقيل تحول دون سفره إلى خارج الإمارات أو العودة إلى مصر.
وثالثاً، لأن شفيق، سارع بعد أقل من ساعتين من بيانه الأول إلى تسجيل بيان يزعم فيه أنه ممنوع من مغادرة أبوظبي، ثم قام بإرساله بأسلوب مخابراتي معقد إلى قناة «الجزيرة»، ما يعني تعمده الإساءة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر في آن، وهو يدرك مدى الحقد الذي تكنه القناة القطرية والواقفون وراءها للبلدين، ويعلم جيداً أن اللجوء إلى تلك القناة إنما يمثّل طعنة بخنجر الغدر في ظهر من استضافوه وأمّنوه وكرّموه، وضربة موجعة في خاصرة وطنه وشعبه اللذين يخوضان حرباً حقيقية بهدف التصدي لمؤامرات نظام الدوحة وأدواته الإرهابية وفي مقدمتها قناة «الجزيرة».
وما إن بثت القناة القطرية البيان التضليلي، حتى تحول شفيق بقدرة قدير إلى رمز وطني يدافع عنه الإخوان وحلفاؤهم، يتبنون ادعاءاته ويعتنقون توجهاته، تواصلاً مع الحملات الدعائية القطرية الإخوانية ضد الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.
ولم يعد خافياً أن اندفاع شفيق إلى الخطيئة يفضح مخططاً كان بصدد الإعداد له، وهو الانقلاب على تحالفاته السابقة، والبحث عن طريق تدفع به نحو الربوة حيث يجلس الإخوان.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة