تنعقد الدورة الرابعة لمعرض الصين الدولي للاستيراد في الفترة من 5-10 نوفمبر الجاري في شنغهاي الصينية.
ويشارك في المعرض ما يقرب من 3000 شركة من 127 دولة ومنطقة، بما فيها دول عربية، على رأسها الإمارات والأردن والكويت ومصر وسوريا، والتي تشارك في المعرض حضوريا أو عبر الإنترنت، للترويج لمنتجاتها المميزة إلى الأسواق الصينية.
وفي ظل انتشار الجائحة العالمية والتعافي الضعيف للاقتصاد، تحمل الصين مسؤوليتها كشريك تجاري مهم لمعظم الدول العربية والأفريقية.
وسيجلب المعرض الدولي الرابع للاستيراد فرص التنمية لدول العالم، خاصة الدول العربية.
فأولا، تواصل الصين توسيع الانفتاح على الخارج، ودعم الشركات العربية في اكتشاف فرص الأعمال في الصين عبر منصة المعرض الدولي للاستيراد، والذي يعد أول معرض وطني يركز على موضوع الواردات، والذي يقوم بإجراءات مهمة اتخذتها الصين لفتح أسواقها أمام العالم.
وكسوق كبيرة تضم 1.4 مليار نسمة، بما في ذلك أكثر من 400 مليون من متوسطي الدخل، تتمتع السوق الصينية بالإمكانات الهائلة، فهناك طلب كبير ومستمر على السلع والخدمات ذات الجودة العالية من شتى بلدان العالم، ففي هذه السوق الضخمة لا يمكن فقط للتقنيات المتقدمة والمنتجات عالية التقنية أن تجد فرص أعمال تجارية فحسب، وإنما تحظى المنتجات المميزة من مختلف البلدان، بما في ذلك المواد الغذائية والمنتجات الزراعية والسلع الاستهلاكية والموارد السياحية، بشعبية كبيرة من قبل المستهلكين الصينيين أيضا، وفي هذه المجالات تحديدا تمتاز الدول العربية بمزايا كبيرة جدا.
في الدورة الثالثة من المعرض العام الماضي، ظهرت الوجبة الوطنية المصرية، "الكُشري"، وحليب الإبل من شركة DromeDairy Naturals الإماراتية، وزيت الورد من شركة بيوشام السورية، وغيرها من المنتجات العربية في معرض الصين الدولي للاستيراد، كما تم الاتفاق على صفقات تجارية مع الوكلاء الصينيين والأجانب،
أما الأردن، ضيف شرف الدورة السابقة من المعرض، فقد جذبت مواردها السياحية الغنية أنظار مشاركي المعرض.
ثانيا، استمرار الصين في تحسين بيئة الأعمال، بفعل إنجازات المعرض الإيجابية، يقدم تسهيلات وضمانات للشركات العربية لدخول السوق الصينية.
وكنافذة للصين لإظهار بيئة أعمالها للعالم، يلعب معرض الصين الدولي للاستيراد دوره في تحسين بيئة الأعمال الصينية، فقد تم وضع عدد من تدابير الانفتاح الرئيسية، التي أعلنها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في الدورات السابقة من المعرض، قيد التنفيذ في السنوات الأخيرة، فقد خفضت الصين التعريفات الجمركية على الواردات مرات، وبدءًا من 1 يناير 2020، فرضت تعريفة استيراد مؤقتة على أكثر من 850 منتجًا بأقل من تعريفات الدولة الأكثر رعاية، وقلصت بشكل كبير وقت استيراد المنتجات، وصار يمكن للمزيد من المنتجات العربية عالية الجودة الوصول إلى الصين بأسعار أكثر انخفاضا وسرعة أكبر.
إضافة إلى ذلك، فمنذ 1 يناير 2020، دخل كل من قانون الاستثمار الأجنبي واللائحة الخاصة بتحسين بيئة الأعمال حيز التنفيذ بشكل مشترك، فتم تقليص القائمة السلبية للاستثمارات الأجنبية بشكل أكبر، وتوسيع نطاق الاستثمار الأجنبي باستمرار.
ومن تخفيض الضرائب إلى تبسيط الإدارة والخدمات، استفادت الشركات العربية من سلسلة السياسات والإجراءات الجديدة في الصين، من جهة تمكن الشركات العربية من دخول السوق الصينية والتجذر فيها لمدة طويلة.
معرض الصين الدولي للاستيراد يمثل مفهوما للمشاركة، كما يمثل ممارسة حية لبناء "المصير المشترك للبشرية"، وفق ما عبر عنه الرئيس الصيني بقوله: "علينا التركيز على المصالح المشتركة لجميع الدول، وتعزيز العولمة الاقتصادية نحو وضع أكثر انفتاحا وشمولية وتوازنا وفائدة للجميع".
ومع بدء انطلاق فعاليات الدورة الرابعة من معرض الصين الدولي للاستيراد في شنغهاي، تتبلور أهمية الفعالية التي تنظمها الصين في خضم هذه المرحلة الحاسمة بعد جائحة كوفيد-19 كمنصة مسؤولة عن توفير الفرص، لترسل الصين من خلالها إشارة إيجابية إلى العالم.
وبين الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للاستيراد في عام 2018 والدورة الرابعة هذا العام، ورغم التأثيرات السلبية لكوفيد-19 وعدد من التحديات المتنوعة، شاركت الشركات العربية والعالمية في المعرض متجاوزة كل الصعوبات لاكتشاف فرص تجارية جديدة للتعاون والتنمية.
وفي ظل الأزمة، كان السبيل الوحيد للعالم للانتعاش الاقتصادي هو التضامن والتعاون، وقد فسر معرض الصين الدولي للاستيراد مفهوم "المصير المشترك للبشرية" بعمق، فيما يُقام بالتوازي مع المعرض الصيني حدثٌ دولي كبير آخر، ألا وهو معرض إكسبو 2020 على أرض دولة الإمارات، الذي تشارك الصين فيه بنشاط كبير من خلال معروضاتها، ومنها منظومة "بيدو" للملاحة بالأقمار، وقمرة القيادة لمحاكاة قيادة السكك الحديدية عالية السرعة، وسيارة الطاقة الجديدة دون سائق، وزراعة "أرز مياه البحر".
وللاستفادة من المعرض، تسعى الصين إلى نقل مفاهيمها التنموية إلى شعوب العالم كافة، وخاصة العربية، لإظهار إنجازاتها الابتكارية العلمية والتكنولوجية، وتعزيز التبادلات والتعاون مع الدول العربية والعالم.
وتعتبر مشاركة الصين رفيعة المستوى في معرض إكسبو العالمي ذات أهمية كبيرة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والدول العربية، وبناء "الحزام والطريق" بشكل مشترك، ودفع بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين والعالم العربي.
قبل أكثر من 2000 عام، ربطت طرق الحرير البرية والبحرية بين الصين والعالم العربي بشكل عميق.. والآن صارت المعارض الدولية منصة مهمة لبناء نوع جديد من العلاقات بين الصين والعرب، لتبقى التبادلات والتعاونات بين الصين والدول العربية دون توقف، حتى في ظل جائحة عالمية نستطيع معا التغلب على صعوباتها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة