انخفضت أسعار النفط بما يزيد على 2% يوم الأربعاء الماضي.
يأتي ذلك مع التخوف من أن يؤدي الخفض التدريجي في شراء الأصول، الذي بدأه نظام الاحتياطي الفيدرالي، إلى انخفاض النمو وخفض الاستثمار في المصادر، التي ترفع التضخم، مثل الأسواق المستقبلية للنفط الخام.
وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي، "بنك الولايات المتحدة المركزي"، قد ذكر عقب اجتماعه، الذي استمر يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، أنه سيبدأ خفض مشترياته الشهرية من الأصول في وقت لاحق من هذا الشهر بوتيرة 15 مليار دولار شهريا، وهو بداية لسحب الدعم الطارئ للاقتصاد من الجائحة، والذي قدمه طوال الفترة الماضية.
وطبقا للبيان الصادر عن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التابعة للمركزي الأمريكي، فإنه بعد التخفيضات التي ستستمر بهذا المستوى خلال شهري نوفمبر وديسمبر، وحتى تاريخ اجتماعها اللاحق، "ترى اللجنة أن التخفيضات المماثلة في وتيرة شراء الأصول الصافية ستكون مناسبة على الأرجح كل شهر، لكنها مستعدة لتعديل وتيرة المشتريات إذا استدعت ذلك التغيرات في التوقعات الاقتصادية".
وقال "الاحتياطي الفيدرالي" إنه سيخفض مشتريات الخزانة بمقدار 10 مليارات دولار، والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بمقدار 5 مليارات دولار، إيذانا ببداية إنهاء البرنامج، الذي يهدف لحماية الاقتصاد من كوفيد-19.
وقررت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الحفاظ على النطاق المستهدف لسعر الفائدة القياسي من صفر إلى 0.25%.
وبتلك الوتيرة، قد تنتهي عملية خفض مشتريات الأصول بحلول يونيو المقبل.
كان "الاحتياطي الفيدرالي" قد اعتاد شراء ما قيمته 80 مليار دولار من سندات الخزانة و40 مليار دولار من الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري شهريا للمساعدة على تحفيز النشاط الاقتصادي بعد تفجُّر جائحة كورونا.
إضافة إلى ذلك، فقد انخفضت أسعار النفط أيضا نتيجة زيادة المخزون التجاري من النفط الخام في الولايات المتحدة.
فقد ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن المخزون التجاري من النفط الخام ارتفع بمقدار 3.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 29 أكتوبر مقارنة بالأسبوع الماضي.
وتعد هذه سادس زيادة أسبوعية في المخزون على التوالي.. فقد بلغ المخزون 434.1 مليون برميل، ورغم الارتفاع المتوالي، فإن المخزون لا يزال يقل بنحو 6% عن متوسط المخزن في مثل هذا الوقت من السنة خلال السنوات الخمس الأخيرة، كما أن هذا المخزون لا يزال يقل بنحو 57 مليون برميل عن مستواه في بداية العام الحالي.
وقد انخفضت مخزونات البنزين بمقدار 1.5 مليون برميل، وأضحت تقل بنسبة 3% عن متوسطها خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.
وفي الوقت ذاته ارتفعت منتجات التقطير، التي تشمل الديزل، بمقدار 2.2 مليون برميل.
وعموما، فقد ارتفع مجمل المخزونات من الخام والمنتجات بمقدار هامشي بلغ 0.6 مليون برميل خلال الأسبوع.
من الأمور المهمة أيضا، علاوة على ما سبق، ترقب الأسواق قرارات تحالف "أوبك+" وسط دعوات ملحة من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى بضرورة عمل التحالف على رفع العرض من النفط الخام بأكثر مما تخطط "أوبك+"، والذي يبلغ قدره 400 ألف برميل يوميا.
ويضيف بعض المحللين أن تحالف أوبك+، وبعيدا عن المستويات التي سيرفع بها الإنتاج، لا بد أيضا أن يأخذ في اعتباره ما الذي ينبغي عمله بشأن مستوى إنتاج نيجيريا وأنجولا، حيث ينخفض إنتاج الدولتين بنحو 400 ألف برميل يوميا، مقارنة بمستوى الحصة المحددة لهما.
هناك إذاً العديد من العوامل، التي دفعت أسعار النفط للانخفاض، لكن أغلب هذه العوامل "ظرفية" وتأثيرها على الأرجح غير مستدام، ما يعني أن عودة الأسعار للارتفاع أمر متوقع.
ومن الطبيعي في ظل سوق تتحكم به العديد من العوامل، بدءا من عوامل جوية ومستوى النشاط الاقتصادي وصولا إلى مستوى الأسعار والطلب على أنواع الوقود الأخرى ثم العوامل الجيوبولتيكية وغيرها، أن تكون الأسعار عرضة للانخفاض والارتفاع، لكن ما يهم فعلا هو الاتجاه العام.. ووفقا لغالبية الرؤى السائدة في الأسواق، سواء من قبل بعض المؤسسات أو بعض المحللين، فالاتجاه العام للأسعار هو نحو الارتفاع خلال الفترة المقبلة.
ويقدر البعض أن أسعار برميل النفط من نوع "برنت الخام" قد ترتفع إلى مستوى 90 دولارا أو أعلى مع نهاية هذا العام، ويمكن أن تبلغ الأسعار نحو 100 دولار للبرميل خلال الربع الأول من العام المقبل.
ويترافق ذلك مع توقع وصول الطلب على النفط إلى مستوى ما قبل ظهور جائحة كورونا في تاريخ ما خلال الربع الحالي أو خلال الربع الأول من العام المقبل.
وتقدّر بعض الجهات أن مستوى الطلب على النفط قد بلغ بالفعل 100 مليون برميل يوميا، وهو مستوى قريب للغاية من مستوى الطلب السابق على الجائحة
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة