"الشارقة للكتاب".. بوابة لتعافي سوق النشر العربي والعالمي
وضع الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في مطلع عام 1982 حجر الأساس لانطلاق معرض الشارقة الدولي للكتاب.
وسرعان ما تحوّل من حدث خليجيّ- عربيّ إلى تظاهرة ثقافية عالمية تحشد حولها سنوياً نخبة من الأدباء والمفكرين والعاملين في مجال الثقافة وتكّرس الكتاب كمحرك تنمويّ وركيزة أولى لبناء المجتمعات.
وها هو اليوم ينطلق في 4 نوفمبر/تشرين الثاني في دورة استثنائية تعرض تجربة رائدة في المعارض الهجينة على مستوى العالم حيث تقام جميع الفعاليات المصاحبة لدورته الـ 39 "عن بعد" وعبر منصة مبتكرة أطلقتها هيئة الشارقة للكتاب تحت عنوان "الشارقة تقرأ".
ويعرض ناشرون من مختلف بلدان العالم جديد إصداراتهم في مركز إكسبو الشارقة في بيئة تلتزم بأقصى الإجراءات الاحترازية لحماية الزوّار والناشرين من انتشار فيروس كورونا.
وقال أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، إن إمارة الشارقة توجه من خلال تنظيم المعرض رسالة إلى العالم تؤكد فيها أن الفعل الثقافي قائم وأن حاجة المجتمعات إلى المعرفة حاجة أصيلة لا تنتهي.
وأضاف العامر: "نقدم من خلال هذه الدورة الاستثنائية للمعرض نموذجا رائدا للمعارض الهجينة في العالم التي تقام على أرض الواقع وعبر منصات الاتصال الافتراضية حيث نجحنا في توظيف أحدث الخيارات التقنية لعقد جميع الفعاليات المصاحبة للمعرض (عن بعد) واستفدنا من إمكانياتها لنخاطب جمهور الكتاب والمعرفة ليس المقيم في الدولة أو الزائر لها وحسب وإنما الجمهور من مختلف بلدان العالم وهو ما يجعلنا اليوم فخورين بوضع تجربة جديدة لتنظيم المعارض ليس خلال فترة كورونا وإنما في المستقبل ككل".
حراك واعد
ويقود المعرض سنوياً حراكاً نوعياً لتعزيز الواقع الثقافي ودعم صنّاع الكتاب في المنطقة بوصفه منصة دولية لقطاع النشر وأحد أكبر ثلاثة معارض في العالم.
ويتضاعف أثره هذا العام لما يقدمه من دعم للناشرين الإماراتيين والعرب في ظل الظروف الراهنة التي شهدت إيقاف وإلغاء العديد من معارض الكتب عربياً وعالمياً فالمعرض يعد الأول على المستوى الدولي الذي يقام خلال فترة الجائحة.
ويحمل المعرض للناشرين المحليين والعرب والأجانب رسالة تبشر بتعافي سوق الكتاب إذ يفتح تنظيمه بهذه المعايير والتقنيات الباب أمام إعادة تنظيم المعارض الدولية العربية والعالمية ويقود حراكاً كاملاً نحو استكمال مشاريع الناشرين التي توقفت وألغيت خلال الأشهر الماضية بسبب الجائحة.
إلى جانب ذلك يضع المعرض صناع الكتاب في العالم أمام دراسة لراهن سوق الكتاب وتحولات آليات النشر المستقبلية إذ ينظم على هامش فعالياته الدورة العاشرة من "مؤتمر الناشرين" مسلطّاً الضوء على واقع النشر في ظلّ الجائحة ومقدماً بذلك تجارب جديدة وناجحة لناشرين تخطوا التحديات واستثمروا الفرص التي فرضها الواقع الراهن.
ذاكرة الثقافة العربية و العالمية.
من يوسف إدريس إلى محمود درويش والطيب صالح وفاروق شوشة وأدونيس ودان براون وأورهان باموق وأسماء كبيرة عديدة في تاريخ الثقافة العربية والعالمية شخصيات تجوّلت ذات يوم في أروقة وردهات المعرض وتركت أثرها الذي عكس مكانة الإمارة وثقلها كحاضنة للثقافة والمثقفين في مشهد سنويّ يشكّل حراكاً ثقافياً يستقطب حوله نخبة من المبدعين والمبدعات للتواصل والحوار الفاعل والبنّاء خدمة لمشروع الشارقة الثقافي الكبير.
واليوم يجدد المعرض احتفاءه بالأدباء والمفكرين الإماراتيين والعرب والأجانب ويستضيف الروائي والشاعر والناقد الإماراتي سلطان العميمي إلى جانب القاصّة فاطمة سلطان المزروعي والروائي الجزائري واسيني الأعرج والروائي المصري أحمد مراد والكاتب والروائي الكويتي مشعل حمد والمؤلف الأمريكي روبرت كيوساكي والنيوزلندية لانغ ليف والكندي يان مارتيل والفرنسي جيلبرت سينويه وغيرهم.
وعلى امتداد دوراته شكّل المعرض عرساً ثقافياً حشد حوله مختلف المؤسسات والجهات الثقافية والإبداعية محلياً وعربياً وعالمياً في مجالات المسرح والفنون التشكيلية والموسيقى والغناء وغيرها جميعهم يجتمعون سنوياً على أرض المعرض ليشكّلوا لوحة متجانسة تعكس المكانة التي يجسدها المعرض.
جميع هذه الجهود وغيرها جسّدها معرض الشارقة الدولي للكتاب على الأرض ورسّخها في ذاكرة الأجيال فالكثير من زوّار المعرض تربوا على زيارته وحضور فعالياته وبات جزءاً من حياتهم في الشارقة فهذا الحدث ليس معرضاً للكتاب بل ذاكرة الثقافة العربية بتنوعها وشموليتها من هنا مرّ أدباء العالم وفنانوه تركوا في أروقته رسائل ما زالت تُقرأ حتى الآن.
aXA6IDMuMTI5LjYzLjI1MiA= جزيرة ام اند امز