الشعراوي سياسياً.. خبراء يفنّدون مواقف "سجدة الهزيمة" و"قيادة الأوقاف" (خاص)
عُرِف الشيخ محمد متولي الشعراوي كعالم دين ومفسِّر نجيب حباه الله برؤية مختلفة لآيات القرآن الكريم ومنحه حلاوة اللسان وبساطته فنقلها للعامة.
لكن الشيخ الشعراوي لم يلعب دوراً دينياً فقط خلال الحقبة التي سطع نجمه فيها وفقاً لخبراء في علم الاجتماع السياسي، إذ امتد لأدوار اجتماعية وثقافية وحتى سياسية.
بعض خبراء الاجتماع رأوا أن توليه وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1976 خلال فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات بمثابة دور سياسي لعبه الشعراوي، بينما رأى آخرون أن هذا دور تنفيذي ولم يوظف سياسياً.
ومن الوقائع الشهيرة التي يتناقلها البعض كلما ذُكِر الشعراوي سجوده شكراً لله بعد هزيمة 1967 في فترة الرئيس جمال عبدالناصر، وما تناقل عن قوله وقتها إن "مصر كانت في أحضان الشيوعية".
الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، تحدّث عن الدور السياسي للشعراوي، ورأى أن المشكلة الأولى فيما يتعلق بالشيخ الراحل أن له مريدين كثيرين وأيضاً أعداء كثر.
وقال صادق لـ"العين الإخبارية" إن هناك مشكلة تتعلق بمواقف الشعراوي من الأقليات الدينية والمرأة حيث كان في بعض آرائه "تطرف"، فضلاً عن بعض مواقفه السياسية مثل نكسة مصر في عام 1967.
وتابع: "لذا سنجد دائماً انقسامات حول الشيخ بين معجبين به لأنه كان يتحدث بطريقة بسيطة ومنتقدين لأدواره ومواقفه السياسية مثل تأييده للرئيس الراحل أنور السادات ومعاداته للرئيس الراحل جمال عبدالناصر".
وأوضح: "الشعراوي كان موقفه من عبدالناصر واضحاً، فمثلاً صلى ركعتين عندما أعلن تنحيه بعد الضربة الأولى في نكسة 67، وهذا موقف جرى عليه كراهية لأن هناك فرقاً بين أن تكون مختلفاً مع شخص وتفرح لهزيمته وبين هزيمة للبلد بأكلمه، وهذا أحدث مشكلة لأنه سلوك غير طبيعي".
وأوضح صادق أن الشعراوي "شخصية البعض شبه يقدّسها فيذهب هؤلاء إلى منزله لأخذ البركة"، رغم أنه كان شخصاً عادياً لكن الإعلام في تلك الفترة واتجاه السادات لضرب الناصرية واليسار كان يشجع هذا النوع من التيارات الدينية.
وأضاف: "جزء مهم من أيدولوجية النظام الحاكم في عصر الرئيس السادات هو تصدير صورة الرئيس المؤمن والشعب المؤمن والدولة الإسلامية والدولة الدينية، وبالتالي وجد مكاناً للشعراوي ونتيجة لتلك الفترة أصبح الشيخ مثل الأصنام الممنوع مسّها".
واستطرد: "اختيار الدولة للشعراوي ليتولى وزارة الأوقاف جاء تدعيماً لتوجه السادات ولأنه يخدم أيدولوجيته في تلك الفترة الخاصة بنشر الشعوذة والتدين ومحاربة اليسار والناصرية، وإذ لم يكن ليأخذ توجهه ما كان ليظهره في الإعلام".
الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع في مصر، وصفت الشيخ الشعراوي بـ"المفسِّر العظيم الذي تمتع بميزة تبسيط المعلومة ونقلها للعامة والوصول لتفكير الناس جميعاً مهما كان تفكيرها بسيط".
وقالت منصور لـ"العين الإخبارية" إن الراحل كانت لديه ملكة إيصال المعلومة بدقة ومهارة وحرفية شديدة للغاية وهذا ما أوجد له شعبية كبيرة، وغالبية محبيه رأت أنه يعبّر عن لسان حالهم.
ورأت أنه "ربما المواقف السياسية التي مر بها الشعراوي على خلفية تعرضه لاضطهاد سياسي في فترة ما، وهو ما جعل البعض ينصرف عنه".
وأضافت: "هؤلاء شعروا أنه بدأ يدخل في السياسة ولم يضع نفسه في إطار المفسِّر وعالم الدين فقط، فأصبح لديه مواقف سياسية واضحة ما صرف بعض الناس عنه".
وشددت على أن الداعية أو المفسِّر وعالم الدين من حقه أن يكون له رأي سياسي لكن لا يجوز أن يعلن آراءه على الملأ أو يطرحها كموضوع من موضوعات النقاش، فلا يجوز خلط الأوراق السياسية مع الأوراق الدينية.
وتابعت: "أيضاً علماء الدين لا يجوز لهم التحدّث بألفاظ تحوي نوعاً من التطاول أو التهكم لأنها لا تتفق مع القيم الدينية، لكن عندما يدخلون السياسة للأسف يستخدمون هذا الأسلوب ما ينتقص من رجل الدين".
وأشارت إلى أن الشيخ الشعراوي لم يدخل معترك السياسة لأنه لم يمارس السياسة، موضحة: "أن توليه وزارة الأوقاف لا يعد ممارسة سياسية لأن الوزارة ليست منصباً سياسياً وإنما منصب تنفيذي استراتيجي".
وأضافت: "الشيخ كانت لديه بعض الأفكار السياسية أو ردود الفعل السياسية نظراً لاضطهاده وإبعاده عن مصر، لكنه لم يمارس السياسة لأنه لم ينتم لحزب أو أي قناة يمارس عبرها نشاطاً سياسياً".
بينما رأى الدكتور أحمد مجدي حجازي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في مصر، أن الشيخ الشعراوي كان يملك "كاريزما" معينة وكان يفسِّر القرآن من وجهة نظره أي أنها كانت اجتهادات تلقى أحياناً قبولاً وأحياناً رفضاً أو اعتراضاً.
وقال حجازي لـ"العين الإخبارية" إن هناك اختلافاً بين كثيرين على ما يمكن أن نسميه "جدل العلاقة بين الدين والسياسة في المجتمع"، وفيما يخص الشيخ الشعراوي يجب أن نسأل: "إلى أي مدى تم توظيفه سياسياً لصالح السلطة وقتها؟".
وأجاب: "أتصوَّر من وجهة نظري أن الشعراوي لم يكن حريصاً على أن يكون خادماً للسلطة، وأعتقد أن البعض لم يتقبل آرائه لذا راح ينعته بأنه قريب من السلطة ويعبّر عنها".
وأضاف: "الشعراوي لم يكن يبحث عن مكانة سياسية، فلم ينتم إلى حزب سياسي مثلاً لنقول إنه يبحث عن السلطة.
وعن توليه قيادة وزارة الأوقاف، قال حجازي: "تولي الوزارات هي اختيارات السلطة، والدولة وقتها كانت تدعو إلى الوسطية الدينية بشكل عام، لكن لم يكن الهدف الأساسي من توليه الوزارة أن يتملق السلطة".
واختتم: "الشيخ الشعراوي كان وسطياً، وكان يحاول تبسيط القرآن لجميع الفئات".
aXA6IDE4LjExNy4xNTguMTI0IA== جزيرة ام اند امز