يتولى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مقاليد حكم الكويت متسلحا بخبرات كبيرة، اكتسبها خلال رحلة عطاء حافلة، قضى منها 3 سنوات وليا للعهد.
وعقب وفاة أمير الكويت الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، السبت، نادى مجلس الوزراء بولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميرا للبلاد.
- محمد بن زايد يتمنى التوفيق لأمير الكويت الجديد ويؤكد استمرار التعاون المشترك
- بعد وفاة أميرها.. ما هي آلية انتقال الحكم في الكويت؟
يأتي ذلك عملا بأحكام الدستور والمادة الرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن أحكام توارث الإمارة التي تنص على أنه "إذا خلا منصب الأمير نودي بولي العهد أميرا".
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمة (البرلمان) جلسة خاصة ليؤدي الأمير اليمين الدستورية أمامه، حتى يتولى مهامه رسميا، حيث تنص المادة 60 من الدستور على أن الأمير يؤدي قبل ممارسة صلاحياته في جلسة خاصة لمجلس الأمة اليمين الآتية: "أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه".
وبتوليه مقاليد الحكم رسميا سيكون أمير البلاد السابع عشر، ليكمل الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح رحلة عطاء حافلة في خدمة بلاده، قضى عقودا منها للعمل في الجهات الأمنية والعسكرية بالكويت، الأمر الذي جعله أحد أهم رجال الأمن بالكويت، ومنحه خبرات أمنية كبيرة سخرها في الحفاظ على مقدرات بلاده وصيانة أمنها واستقرارها.
بدأ الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حياته العملية في وزارة الداخلية التي تدرج في مناصبها المختلفة وصولا لمنصب رئيس المباحث العامة على مدار 13 عاما.
وتحول هذا الجهاز على يديه إلى إدارة "أمن الدولة"، قبل أن ينتقل لاحقا لمنصب نائب رئيس الحرس الوطني بدرجة وزير، وهو المنصب الذي شغله على مدار 17 عاما وحتى تعيينه وليا للعهد.
ومنذ أن أصدر أمير الكويت الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مرسوما أميريا يوم7 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 بتزكية الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وليا للعهد، أضحى السند الأمين لأمير البلاد.
وبعد أن فوضه أمير البلاد الراحل في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بممارسة بعض اختصاصات الأمير الدستورية، قام بالعديد من المهام الصعبة في مرحلة شهدت توترات متلاحقة بين الحكومة والبرلمان، تكللت بنجاحه في تعزيز وحدة الصف الوطني، وتعزيز التعاون بين الحكومة والبرلمان.
مولده وتعليمه
الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح هو الابن السابع للشيخ أحمد الجابر الصباح الحاكم العاشر للكويت.
ولد في الكويت عام 1940، وتلقى تعليمه في المدرسة المباركية بالكويت، وهي نفسها التي سبق أن التحق بها أخوه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
ثم توجه الشيخ مشعل إلى بريطانيا حيث التحق بكلية "هندن" للشرطة في المملكة المتحدة البريطانية، وتخرج فيها عام 1960.
الأمن والشعر
وبعد تخرجه التحق بوزارة الداخلية وتدرج في المناصب حتى أصبح رئيساً للمباحث العامة آنذاك برتبة عقيد منذ عام 1967 وحتى عام 1980، وقد تحولت في عهده إلى إدارة "أمن الدولة"، التي لا تزال تعمل بالكويت تحت هذا الاسم.
وإضافة إلى عمله الأمني، عُين الشيخ مشعل من قبل أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح عام 1977 رئيساً لديوانية شعراء النبط عقب تأسيسها التي أنشئت بهدف المحافظة على تراث الأجداد من الشعر النبطي وتعليمه للأجيال الحالية وغرس ما يتضمن من عادات وموروثات في نفوس الأبناء.
وكما كانت له إسهامات بارزة في وزارة الداخلية، أسهم الشيخ مشعل في وضع الدعائم الأساسية للديوانية، لإيمانه بأهميتها في الحفاظ على الموروث الشعري، ودعم الشعراء واحتضانهم، بالإضافة إلى دورها المهم في توثيق الشعر النبطي، وهي الدور الذي لا تزال تمارسه حتى اليوم.
17 عاما في رحاب الحرس الوطني
وفي 13 يناير/كانون الأول 2004، صدر مرسوم أميري بتعيين الشيخ مشعل نائباً لرئيس الحرس الوطني بدرجة وزير.
والحرس الوطني هيئة مستقلة عن الجيش والشرطة، ومهامه تتمثل في مساندة الجيش في الدفاع عن الوطن ومعاونة قوات الشرطة في الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية الجبهة الداخلية ضد كل الأخطار التي تهددها وتأمين الأهداف أو المنشآت الحيوية في البلاد والاستعداد الدائم لتلبية أي مهمة أخرى يكلف بها من قبل مجلس الدفاع الأعلى.
وظل الشيخ مشعل يشغل هذا المنصب على مدار 17 عاما ، حيث ساهم في تطوير هذا الجهاز العسكري الأمني المهم وعزز دوره في حفظ أمن البلاد واستمر في شغل ذلك المنصب حتى تزكيته وليا للعهد، نجح خلالها في أداء عمله بحب وتفانٍ.
وخلال أزمة كورونا التي شهدتها العديد من دول العالم ومنها الكويت، ظهر الدور القوي للحرس الوطني الكويتي في مساندة قوات الجيش والشرطة في حفظ الأمن وتطبيق حظر التجول والتغلب على الجوانب المختلفة من الأزمة حتى إن هذا الجهاز أنيط به إدارة بعض الجمعيات التعاونية الاستهلاكية.
وخلال توليه هذا المنصب، كان الشيخ مشعل حريصا على الالتقاء مع الخريجين من الحرس الوطني لترسيخ الركائز والقيم التي يجب أن يتسلحوا بها ابتداء من غرس عقيدة راسخة للدفاع عن قدسية الوطن وأراضيه وتحقيق الأمن والأمان لمواطنيه.
وتوج الشيخ مشعل رحلة عطائه في الحرس الوطني بتكريم فرنسي تقديرا لجهوده.
وفي 4 ديسمبر 2018 تقلد الشيخ مشعل الأحمد الصباح وسام قائد جوقة الشرف من الجمهورية الفرنسية.
وأشادت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي التي قامت بتقليده الوسام بالشيخ مشعل، مشيرة إلى أنه "أحد الرجال الذين بنوا الكويت وساعد على بناء الصداقة بين فرنسا والكويت على أسس متينة وبنائها حجرا بعد حجر".
ولاية العهد
وأصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مرسوما أميريا يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020 بتزكية الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وليا للعهد.
وعقب التزكية وأدائه اليمين الدستورية أمام أمير البلاد جرت مبايعة الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وليا للعهد في جلسة خاصة لمجلس الأمة في اليوم التالي حيث أدى اليمين الدستورية أمام الأعضاء وفق قانون توارث الإمارة ودستور الكويت.
وخلال تلك الأعوام الثلاثة التالية كان ولي العهد السند الأمين لأمير البلاد وشارك ممثلا عنه أو بالإنابة عنه في العديد من القمم والمؤتمرات علاوة على القيام بالمسؤوليات الكبيرة وإلقاء الخطب والكلمات في المناسبات الرسمية والمحطات المهمة وحمل إلى جانب سموه تلك الأعباء والأمانة العظيمة.
وأصدر أمير الكويت الراحل في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أمرا بالاستعانة بولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لممارسة بعض اختصاصات الأمير الدستورية، الذي جعله يقود العديد من المهام الصعبة في مرحلة مليئة بالتحديات، شهدت توترات متلاحقة بين الحكومة والبرلمان.
جهود تكللت بنجاحه في تعزيز وحدة الصف الوطني، وتعزيز التعاون بين الحكومة والبرلمان.
وتوجت تلك الجهود بتشكيل الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح حكومة جديدة في 18 يونيو/حزيران الماضي، وذلك قبل يومين من افتتاح دور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمة، الثلاثاء 20 يونيو/حزيران، بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية التي جرت 6 من الشهر نفسه.
ووصف رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون التعاون بين الحكومة والمجلس بأنه "تاريخي وغير مسبوق"، الأمر الذي انعكس على إصدار سلسلة قوانين لتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتحقيق إنجازات في مجالات عدة.
آمال كبيرة
وإضافة إلى مناصبه الرسمية التي شغلها طوال العقود الماضية تولى الشيخ مشعل الأحمد عددا من المناصب الفخرية منها تزكيته رئيسا فخريا لجمعية الطيارين ومهندسي الطيران الكويتية خلال الفترة بين عامي 1973 و2017 كما كان أحد مؤسسي الجمعية الكويتية لهواة اللاسلكي ورئيسها الفخري، ويهوى القنص والرحلات البرية.
ويعول الكويتيون على أمير الكويت الجديد في توظيف خبراته الكبيرة لاستكمال مسيرة العطاء في قيادة الدولة والنهوض بها.