مسجد الشيخ زايد.. صرح يحتضن التنوع
التفاصيل المعمارية لمسجد الشيخ زايد تعكس رؤية مؤسسه الذي وضع تعزيز القيم والمآثر الإنسانية في المجتمع
تبوح كل زاوية من زوايا مسجد الشيخ زايد بحكاية تعكس المبادئ التي شُيد على أساسها ذاك الصرح المعماري المميز في العاصمة الإماراتية أبوظبي، إذ يستقبل زوارها مطلاً بلونه الأبيض المهيب وقببه المرتفعة ومآذنه الشامخة.
وإلى جانب مكانته كواحد من أهم المعالم الثقافية محلياً وعالمياً، دأب مسجد الشيخ زايد على بث قيم التسامح وإرساء ثقافة الوسطية والاعتدال؛ من خلال انتهاج رؤية تشجع على الانفتاح الفكري والتعايش واحترام الآخر على أرض تحتضن أكثر من 200 جنسية ينتمي أفرادها إلى أديان وثقافات مختلفة.
تعكس التفاصيل المعمارية لمسجد الشيخ زايد رؤية مؤسسه الذي وضع تعزيز القيم والمآثر الإنسانية في المجتمع نصب عينيه، وروج لها لتكون أساس التعامل بين أفراد المجتمع الإماراتي حتى تأصلت فيه وباتت منهج حياة وثقافة لأجياله المتعاقبة.
تصميم يعكس التواصل الحضاري
تنسجم في بناء مسجد الشيخ زايد أساليب العمارة المعاصرة مع مدارس العمارة الإسلامية مثل التصميم المغولي والمملوكي والعثماني والأندلسي والمغربي، عاكساً ضرورة التواصل الحضاري لإبراز العناصر الجمالية في فنون العمارة في تناغم وانسجام، وهو ما قد ينعكس على واقع المجتمعات كذلك.
ويحمل تصميم مسجد الشيخ زايد بصمات عالمية لفنانين وحرفيين من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى ما شُيّد به من مواد طبيعية عالية الجودة تم استيرادها من دول مختلفة، إذ استخدم لبنائه 37 نوعا من أنواع الرخام من إيطاليا وألمانيا والمغرب والهند والصين.
وبرزت ملامح التسامح في الجامع الكبير، منذ بدايات تأسيسه، حيث ساهم في تشييده أكثر من 3 آلاف عامل، من مختلف الجنسيات وثقافات العالم المختلفة.
تفاصيل معمارية ورسائل تسامح
الأعمدة المزهرة:
يتميز مسجد الشيخ زايد بأعمدته المرصعة بالتصاميم الزهرية، إذ وجه الشيخ زايد بالاستعانة بعدد من الحرفيين المغول الذين ينتمون إلى الجيل الـ16، من محترفي فن "البيترا دورا"، الذين كانت لهم بصمة خاصة في تاج محل؛ الأمر الذي ساهم في إحياء هذا الفن الإيطالي والمغولي، الذي أوشك على الاندثار.
اللون الأبيض: رسالة سلام ونقاء
يعد اللون الأبيض النقي لجامع الشيخ زايد الكبير أحد ملامحه المميزة، إذ كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مولعا باللون الأبيض باعتباره رمزًا للنقاء والسلام، ويغطي أكثر من 165 ألف متر مربع من أجود أنواع الرخام الأبيض، الذي جلب من مختلف أنحاء العالم.
التصاميم الزهرية
زينت جدران البهو الشرقي بتصاميم لأصناف من زهور منطقة الشرق الأوسط، بينما جدران البهو الشمالي والجنوبي فزُينت بتصاميم لأصناف من زهور القطب الشمالي والجنوبي من الكرة الأرضية.
المحراب
استوحي تصميم المحراب بخطوطه المتموجة باللونين الأبيض والذهبي من أنهار اللبن والعسل في الجنة، الوارد ذكرها في الكتب السماوية الثلاثة، القرآن الكريم (سورة محمد، آية 15) والتوراة والإنجيل.
الإضاءة القمرية
صممت إضاءة المسجد لتعكس سطوع القمر المتدرج حسب منازله على مدار الشهر، فاللون الأبيض يدل على البدر، أما الأزرق الداكن فيدل على الهلال، ويعد تطور ظهور القمر وفق أطوار مختلفة ظاهرة لها حضورها واعتباراتها في الدين الإسلامي إلى جانب العديد من الديانات والثقافات.