منتزه الشيخ زايد.. متنفس تعز تحت قصف ميليشيا الحوثي

سكان مدينة تعز واليمن يحتفظون بتقدير كبير للمرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان للدور التنموي السخي سواء في تعز أو اليمن.

"كنا نبحث عن خدمات الدولة لاستثمار هذه المرتفعات المطلة على مدينة تعز وتوفير متنفس للمدينة المزدحمة بالسكان، فأتى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وتبنى مشروع تشييد المنتزه وحوّل جبل صبر إلى مزار لسكان المدينة والمحافظات الأخرى خاصة في فصل الصيف وفي الأعياد حيث تزدحم منعطفات جبل صبر بالسيارات والأسر".

• الهلال الأحمر الإماراتي ينتهي من حفر بئر مدينة النور في تعز
  

بهذه العبارات، استهل أحد الشيوخ المسنين من سكان مديرية صبر الموادم في محافظة تعز اليمنية حديثه لـ" العين الإخبارية"، قبل أن ينهي كلامه متحسرا على الوضع الذي وصلت إليه تعز وتسبب بتدمير أبرز متنفساتها بفعل حرب المليشيات الانقلابية الحوثية.

منتزه الشيخ زايد الواقع في جبل صبر، أعلى قمة بمدينة تعز جنوب غرب اليمن، على ارتفاع 2150 مترا فوق سطح البحر، يعد أحد معالم مدينة تعز السياحية.

وشيّد المنتزه، على نفقة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، ويتميز بموقع فريد في أعلى قمة تطل على مدينة تعز، وكان متنفسا رئيسا لجميع سكان المدينة وكل زائري تعز، قبل أن يطاله العبث الحوثي مؤخرا.

يتكون المنتزه من مبنى مكون من 3 طوابق يضم 16 شاليها سياحيا موزعة على منسوبين، وتصل مساحة كل شاليه 80 مترا مربعا ومطعم بمساحة 400 متر مربع ويحتوي على كافتيريا وصالونات ومطابخ ومخازن مع مبنى الإدارة وصالة البهو وغيرها.

كما يضم 24 غرفة في الدور الأول، وجناح كبار الضيوف من مجلسين كبيرين ومطبخا وخدمات ومواقف سيارات خارجية ونافورات مياه، كل ذلك نهبته المليشيات وحولته لثكنة عسكرية تدير عملياتها الحربية في جبل صبر قبل أن تنسحب منه وتستهدفه بقذائف الدبابة والمدفعية الثقيلة بشكل شبه يومي ألحق به أضرارا واسعة.

 المليشيا تحوّل المنتزه إلى أطلال

روى الصحفي طاهر بشير، وهو أحد السكان المجاورين لمنتزه الشيخ زايد في منطقة دار النصر بمديرية صبر الموادم محافظة تعز، عن جانب من مسيرة مليشيا الحوثي التخريبية في مديرية صبر الموادم.

وقال بشير لـ"العين الإخبارية": "حين اشتعلت الحرب في اليمن ومع رفض المواطنين للمليشيات الانقلابية، بدأ تذمر الناس هنا يتعاظم من توسع المليشيات وبدأ التنسيق لمنع المليشيات من استخدام جبل صبر في قصف مدينة تعز".

وأضاف: "مطلع مايو/أيار 2015 تقريبا، باشرت دبابة مليشيا الحوثي المتمركزة آنذاك في مبنى إذاعة تعز بقصف المنطقة ومنتزه الشيخ زايد بهدف ترهيب سكان المنطقة الذين بدأوا بالتحرك لمنع المليشيات من السيطرة على جبل صبر الاستراتيجي، وتمهيدا للسيطرة عليه".

ووفقا للصحفي اليمني فقد تمكنت المليشيات حينها من التقدم والسيطرة على الجبل لأن تحركات المقاومة لم تكن قد تبلورت بعد إلى شكل منظم، سيطرت المليشيات على المنتزه وقامت بنهب محتوياته وتحويله إلى ثكنة عسكرية واستراحة لقياداتها الميدانية وموقع لإمداد مقاتليها في جبل صبر وهو التمركز الذي عرّضه المنتزه والقرى المجاورة لقصف الطيران".

يروي سكان محليون لـ"العين الإخبارية"، جرائم المليشيات الانقلابية منذ اللحظات الأولى لسيطرتها على المنتزه، حيث قام مشرف المليشيا ويكنى "أبو محمد" بإغلاق المنتزه ومنع السكان من دخوله أو الاقتراب منه، وبدأت عملية نهب كاملة شملت أثاث ومحتويات المنتزه قبل أن تحوله إلى مقر لإدارة عملياتها العسكرية وتخزين الأسلحة والذخائر.

يضيف سكان محليون لـ"العين الإخبارية"، أن القيادي الحوثي، ومشرف المليشيا المدعو "أبو محمد" قاد عملية نهب شاملة لمحتويات المنتزه وقام بنقلها على متن شاحنات صغيرة إلى الحوبان ومدينة إب وبيعها هناك في واحدة من أسوأ ممارسات المليشيات التي نهبت اليمن وصادرت خيراته.

كيف تم بناء المنتزه

بحسب معلومات متداولة في تعز، فقد كانت المدينة تفتقر للمتنزهات عندما زارها المغفور له الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، منتصف الثمانينيات من القرن الماضي وأعجب بجمالها، فقرر بناء هذا المنتزه على نفقته الخاصة.

وقدم المغفور له الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان لهذا الغرض منحة كريمة لتشييد المنتزه مخلدا اسمه في قلوب أبناء المدينة حتى الآن، لكن مليشيا الحوثي الانقلابية سعت في مسيرتها التخريبية إلى تدمير كل شيء جميل في اليمن ومن ضمنها هذا المنتزه الذي تحول إلى ركام.

وفي بيان سابق له، أكد صندوق أبوظبي للتنمية المكلف بالإشراف الفني على المشروع أن متابعة تنفيذ المشروع تمت بناء على أوامر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وبلغت التكلفة الكلية للمنتزه 25 مليونا و316 ألف درهم.

وأكد البيان أن هذا المشروع يؤكد دعم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لليمن وشعبه، كما يؤكد على عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين ويكشف حرصه على تنمية اليمن، لافتا إلى أن منتزه الشيخ زايد علامة من علامات التعاون بين البلدين الشقيقين.

دحر الحوثيين من المنتزه

في 15 أغسطس/آب 2015 حققت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدمات كبيرة وتم تحرير مناطق واسعة من مدينة تعز، إضافة إلى مديريتي مشرعة وحدنان وصبر الموادم من ضمنها منتزه الشيخ زايد وطرد المليشيات منها.

يؤكد بعض شباب المنطقة أثناء حديثهم عن حجم الخراب الذي تعرض له المنتزه بالقول: "تمكنا من دخول المنتزه في أول يوم لتحريره من قبل الجيش والمقاومة وأُصبنا بالصدمة من جراء النهب الذي طال المنتزه، لم يتبقَّ شيء، حتى الأبواب والنوافذ نهبها الحوثيون."

لم تكتفِ مليشيا الحوثي بالخراب الذي تسببت به في منتزه زايد ولا بالنهب الذي قامت به، فقد حولت فوهات مدافعها من مواقعها شرق المدينة لتدمير ما تبقى منه.

الأمر الذي يؤكده الصحفي طاهر بشير بالقول: "بعد تحرير المنتزه استمر استهدافه من قبل المليشيا بقذائف الدبابة والمدفعية بشكل شبه يومي من مواقع تمركزها شرق المدينة من معسكر التشريفات وتبة السلال وفندق سوفتيل وألحقت أضرارا واسعة بالمنتزه والقرى المجاورة".

وعن السبب الذي يدفع المليشيا لإحداث كل ذلك الدمار، يوضح "طاهر" أن نهج مليشيا الحوثي قائم على العداء لكل ما هو جميل في اليمن، ولهذا لا تتورع عن نهب وتدمير البنية التحتية لليمن وتعريض المعالم الأثرية والسياحية للخطر بتحويلها إلى مواقع عسكرية كما حدث في تعز مع قلعة القاهرة ومنتزه زايد والإذاعة والمتحف والمركز الثقافي وغيرها، وهو سلوك انتقامي من تاريخ اليمن ومستقبله"

ذكرى طيبة للشيخ زايد في تعز واليمن

يحتفظ سكان مدينة تعز واليمن عموما بتقدير كبير للمرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وامتنان كبير للدور التنموي السخي الذي مثله من أعاد بناء سد مأرب وأعاد الحياة لأرض سبأ، حتى إنه يعد أبرز الشخصيات العربية التي تحظى بالحضور اللافت والامتنان الكبير في الشارع اليمني بمختلف توجهاته نظير الدور التنموي السخي الذي منحه لليمن خلال ثمانينيات القرن الماضي.

ومن الشواهد التي تدل على حب وتقدير أبناء مدينة تعز للشيخ زايد رحمه الله أنهم شعروا بالحزن والخسارة لوفاته وصلى عليه الجميع صلاة الغائب.

ويتطلع سكان المنطقة لإعادة ترميم منتزه الشيخ زايد بحسب حديثهم لما يمثله من دفعة أمل لسكان تعز بشكل عام من شأنها إعادة الحياة والنشاط للمنطقة ومنح سكان مدينة تعز مساحة للنزهة والاستمتاع بالأجواء الترفيهية التي يوفرها جبل صبر لمرتاديه.