صدمة القمح المرتفع.. هل تُنهي أكبر خدعة في التاريخ؟
على مدار آلاف الأعوام سيطر القمح على سلة غذاء الإنسان مستفيدا من وفرة إنتاجه وتكلفته المعقولة على موائد الغالبية العظمى من البشر.
لكن القمح لم يكن سوى "أكبر خدعة في التاريخ" كما يصفه المؤرخ يوفال نوح هراري في كتابه "العاقل: تاريخ موجز للبشر"، وهو يتجه الآن نحو فقدان اثنتين من مميزات انتشاره: السعر والوفرة.
تدشين عصر القمح المرتفع
منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية حتى الجمعة الماضي 11 مارس/آذار، قفزت أسعار القمح بنحو 29.18% لتتخطى 11 دولارا للبوشل، وهو رقم أكبر بنحو الضعف من سعر القمح في نفس الفترة من العام الماضي عندما راوح 6 دولارات للبوشل.
- 4 حلول مصرية للتغلب على أزمة القمح الروسي.. الكسافا والكينو أبرزها
- بفضل المذاق والسعر .. حبوب اليمن تزدهر في عصر "القمح المستورد المكلف"
والحرب التي اندلعت وهددت خبز العالم، هي بين دولتين من أكبر الدول المنتجة للقمح عالميا، والمصدرة له أيضا.
وحتى قبل الحرب، كان القمح آخذا في الارتفاع بالتوازي مع سلع غذائية أخرى بسبب أزمة سلاسل الإمداد، إذا تقدر نسبة ارتفاع سعر القمح منذ بداية العام وحتى يوم الجمعة الماضي بأكثر من 35%.
ومن المتوقع أن يشهد القمح ارتفاعات أخرى كبيرة في ظل توجه العديد من الدول المنتجة لحظر التصدير في ظل الحرب، فضلا عن المزيد من التداعيات التي تهدد سلاسل الإنتاج.
قصة أكبر خدعة في التاريخ
قبل 10 آلاف عام، كان القمح مجرد عشب بري، واحدا من أعشاب برية عديدة محصورة في نطاق صغير في الشرق الأوسط.
ويرى المؤرخ هراري أنه في لحظة أنثروبولوجية فاصلة، تعرّف البشر على حبة القمح وطحنوها وأكلوها، ثم زرعوها ومع وفرة الحصاد أكلوا أكثر وأنجبوا أكثر وبذلوا جهدا أكبر وأكبر في الزراعة وتطويرها، رغم أنهم عاشوا في السبق حياة مريحة نوعا ما في الصيد.
فجأة، وفي غضون بضعة آلاف من السنين، أضحى القمح محصولا رئيسيا ينمو في جميع أنحاء العالم.
وفقًا للمعايير التطورية الأساسية للبقاء والتكاثر، أصبح القمح أحد أكثر النباتات نجاحًا في تاريخ الأرض.
في مناطق مثل السهول الكبرى بأمريكا الشمالية، حيث لم ينمُ ساق قمح واحد قبل 10000 عام، يمكنك اليوم رؤية مئات ومئات الكيلومترات من القمح المزروع.
يغطي القمح حاليا حوالي 2.25 مليون كيلومتر مربع من سطح الكرة الأرضية، أي ما يقرب من 10 أضعاف مساحة بريطانيا.
التلاعب بالبشر نحو حياة أكثر بؤسا
يرى يوفال أنه تم التلاعب بالبشر لصالح القمح، فذهبت الحياة الرغدة، وأصبحوا أكثر التزاما بالقمح الذي يتطلب الرعاية.
لم يكن القمح يحب الصخور والحصى، لذلك كسر الإنسان ظهره في تنظيف الحقول. ولم يكن القمح يحب مشاركة مساحته ومياهه مع النباتات الأخرى ، لذلك عمل الرجال والنساء لأيام طويلة في إزالة الأعشاب الضارة تحت أشعة الشمس الحارقة.
مرض القمح، لذلك كان على البشر أن ينتبهوا للديدان والآفات.
كان القمح أعزل ضد الكائنات الحية الأخرى التي تحب أكله، من الأرانب إلى أسراب الجراد، لذلك كان على المزارعين حمايته وحراسته.
كان القمح عطشانًا، لذلك كان البشر يجلبون المياه من الينابيع والجداول لسقيها.
وفي المقابل، هل قدم القمح للبشر حياة طيبة مقابل حياة أكثر بؤسًا؟ لم يحدث ذلك وفقا ليوفال الذي يرى في النظام الغذائي المعتمد على القمح "غير صحي".
ويوضح: "البشر قرود آكلة اللحوم تتغذى على مجموعة متنوعة من الأطعمة. كانت الحبوب تشكل جزءًا صغيرًا فقط من غذاء الإنسان قبل الثورة الزراعية".
وتابع: "النظام الغذائي الذي يعتمد على الحبوب فقير بالمعادن والفيتامينات، ويصعب هضمه، وسيئ حقًا للأسنان واللثة".
aXA6IDE4LjIyNy4yMDkuMjE0IA== جزيرة ام اند امز