عيد "صادم" في السودان.. 15 ألف جنيه سعر "طقم ملابس الأطفال"
يعتبر شراء ملابس جديدة للأطفال في الأعياد من الطقوس شديدة الأهمية في السودان، التي لا تحتمل التنازل مهما كانت الظروف المالية للعائلة.
ووفاء لهذا التقليد الراسخ، اصطحب أحمد إبراهيم صغاره الأربعة إلى إحدى أسواق العاصمة الخرطوم لاستيفاء احتياجات أبنائه من الملابس، قبل أن يصدمه واقع التضخم في البلاد.
"وجدت أسعار الملابس الجاهزة مرتفعة بشكل غير متوقع.. طقم الطفل يصل إلى 15 ألف جنيه.. هذا أمر لا يطاق"، يقول إبراهيم لـ"العين الإخبارية".
- صعود مفاجئ للدولار أمام الجنيه السوداني.. و"المركزي" يستجيب
- انفراجة في أزمة كهرباء السودان.. مشروع ضخم لتوليد الطاقة
%80 تضخم
ومع اقتراب حلول عيد الفطر المبارك، شهدت أسعار الملابس الجاهزة وبعض السلع الخاصة بهذه المناسبة ارتفاعاً كبيراً يفوق الـ80% وفق تقديرات متعاملين في السوق.
ويمثل انفلات أسعار السلع، تجلٍ لاقتصاد السودان المتدهور والذي يبلغ فيه معدل التضخم 330.7% فق آخر إحصائية صادرة لشهر مارس/ آذار الماضي.
وتراجعت قيمة العملة الوطنية أمام النقد الحر وبلغ سعر الدولار الأمريكي 407 جنيهات في تعاملات السوق السوداء، في حين تجاوز حاجز الأربعمائة جنيه لدى البنك المركزي لأول مرة بتاريخه.
ويعتقد أحمد إبراهيم وهو موظف بالقطاع الخاص، أن ضعف الرقابة الرسمية على الأسواق أدى إلى انفلات وفوضى في الأسعار.
واتهم التجار بجني أرباح طائلة بحجة ارتفاع سعر الدولار في مشاهد تتطلب الحسم من قبل الدولة قبل أن تحرق نيران الغلاء جسد المواطن، على حسب تعبيره.
ويضيف "لدي أربعة أطفال وأحتاج إلى 60 ألف جنيه على الأقل لكسوتهم بالعيد.. هذه المبالغ تفوق راتبي بكثير وسأضطر لإنفاق كل ما ادخرته خلال الأشهر الماضية لأنني أحتاج أيضا شراء الحلويات والمخبوزات والألعاب حتى تكتمل فرحة أفراد عائلتي".
ورغم الغلاء الطاحن في أسعار كل السلع، فقد تحرك الركود الذي كان يلازم الأسواق السودانية في بداية شهر رمضان المعظم، وانتعشت حركة البيع والشراء بشكل لافت.
"الكل يشتري!!"
ويقول إسماعيل الطيب، صاحب متجر للملابس الجاهزة بسوق "لبيبا" الشهير: "هناك حالة غلاء عام نعاني منها كثيرا لأنه لا يسرنا إطلاقا أن يعجز أي شخص عن إسعاد أفراد عائلته بشراء كل مستلزمات العيد".
وتابع: "لكننا نشترى البضائع بأسعار عالية وكذلك علينا رسوم وجبايات كثيرة وضرائب وإيجارات مباني، ونقوم وبوضع هامش ربح بسيط ومع ذلك يتضجر منا الناس ويحملوننا مسؤولية الغلاء".
ويضيف الطيب "الكل هنا يشتري.. لقد انتعشت السوق بشكل كبير وارتفعت مبيعاتنا بصورة لم نكن نتوقعها، لقد تسلل اليأس إلى نفوسنا مع حلول رمضان، ولكن موسم العيد ربما يعوضنا عن خسائر الأيام الماضية".
وطبقت الحكومة الانتقالية برنامجاً قاسياً للإصلاح الاقتصادي بإشراف صندوق النقد الدولي، وما يزال السودانيون ينتظرون ثمار هذه السياسات.
وقضى البرنامج الإصلاحي برفع الدعم كليا عن المحروقات وزيادة أسعار الكهرباء وتعويم جزئي للجنيه السوداني، بينما تبنت برنامجاً للدعم العيني للأسر الفقيرة تحت مسمى "ثمرات" بتمويل من المجتمع الدولي، بهدف تخفيف وطأة هذه السياسات على الشرائح الضعيفة.
ومن المنتظر أن ينعقد مؤتمر دولي للمانحين في العاصمة الفرنسية باريس يوم 17 مايو/ مايو الجاري، لدعم السودان عن طريق بحث آفاق جديدة لشراكات استثمارية وإعفاء ديون الخرطوم الخارجية والتي تجاوزت 60 مليار دولار أمريكي.