تنظيم داعش يهرب من الهزيمة في سيناء بإطلاق التهديدات
تنظيم داعش الإرهابي يحاول التغطية على هزيمته في سيناء بإطلاق الشائعات والتهديدات
خرجت إحدى مطبوعات تنظيم داعش الإرهابي، لتعلن عن توسع ميداني في القاهرة والدلتا، وهو ما يطرح تساؤلا حول ارتباط هذه الخطوة التي لم تتجاوز الجانب "الإعلامي"، بتطورات المعارك في سيناء، المعقل الرئيسي للتنظيم.
فقد جاءت مشاركة قبائل سيناء بشكل رسمي في الحرب على داعش، ضربة قاصمة للتنظيم الذي كان يعتمد على معرفة عناصره لدروب وجبال شبه الجزيرة الواقعة شرقي مصر، وهو ما ساعده على تطبيق أسلوب الكر والفر في استهداف قوات الأمن من الجيش والشرطة.
ولكن يشير الواقع إلى فشل التنظيم في مواجهة ضربات القبائل سواء العسكرية أو الإعلامية، حيث تزامن التحرك الميداني لقبائل سيناء، مع تحركات على منصات التواصل الاجتماعي لمواجهة بيانات وحسابات داعش التي تشكك في نجاحات القبائل التي تتحرك تحت مظلة الدولة المصرية، وهو ما أدى إلى تراجع أدائهم الإعلامي الإلكتروني، بالتزامن مع نشر صور لأعضائه وخسائره في هذه المواجهات المسلحة.
هذا التحول الميداني، ربما يمكن اتخاذه مدخلا لقراءة الحوار الذي نشرته جريدة التنظيم الإرهابي الأسبوعية المسماه بـ"النبأ" والتي تصدر في سوريا، مع ما يسمى بـ"أمير جنود الخلافة في مصر".
وهنا، ثمة عدة ملاحظات ربما تكون كاشفة عن وضع وحالة تنظيم داعش في المرحلة الراهنة، على ضوء هذا الحوار، على النحو التالي:
1 –التمدد (الإعلامي) الوهمي:
كشف الحوار عن أن تنظيم داعش الإرهابي يعاني انحسارا على الأرض في مصر، فضلا عن فشله في الإعلان عن وجود فعلي بعمق الدولة المصرية، عبر تكتيكات العروض العسكرية وذلك في القاهرة أو أي من مدن الدلتا والصعيد.
إذ يعد هذا التكتيك، رسالة تؤكد وجود التنظيم فعليا على الأرض وسيطرته على أجزاء منها، وهو ما تجلى سابقا في شمال سيناء عندما نظمت جماعة أنصار بين المقدس عرضا عسكريا في 18 يناير 2015، بعد شهرين على انضمامهم لتنظيم داعش وتغيير اسمها إلى "ولاية سيناء" وذلك في 10 نوفمبر 2014.
2– مواجهة الفشل في سيناء بالحرب النفسية:
تضمن الحوار إعلانا لم يتجاوز حتى اللحظة الجانب "الإعلامي"، لتشكيل قيادة للعمليات الإرهابية في القاهرة والدلتا، وهو ما يمكن اعتباره محاولة للفت الانتباه عما يحدث في سيناء من فشل وتراجع أمام تحركات القبائل بالتعاون مع القوات المسلحة المصرية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الرؤية ربما يدعمها عدم الإعلان عن اسم أو كنية ما يسمى بأمير جنود الخلافة، كما أنه جاء بعد أيام قليلة من تحركات القبائل على الأرض، ونشر صور ومواد مصورة (فيديو) لخسائر هذا التنظيم الإرهابي في سيناء.
ورغم محاولات تصدير بعض منصات التواصل الاجتماعي المؤيدة لتحركات داعش في سيناء، مثل جماعة الإخوان الإرهابية، للأمر باعتباره حربا أهلية، لكن البيانات المتتالية والتحركات الإعلامية لممثلي القبائل الرئيسية وعشائرها، أضعف هذا التصور، وبات ينحسر رويدا.
3 – عدم وجود قيادة موحدة في مصر:
كشف الحوار أيضا عن عدم وجود قيادة موحدة للتنظيم الإرهابي في مصر، وأن الإعلان "الإعلامي" عن تشكيل قيادة في القاهرة والدلتا، يكشف عن حالة الانحسار التنظيمي والفكري لداعش في المرحلة الراهنة.
فالشخص الذي تم إجراء الحوار المزمع معه، يمثل المجموعات التي تنفذ أعمالا إرهابية باسم تنظيم داعش في القاهرة أو الدلتا، وهي غير المجموعات التي تنشط في سيناء تحت اسم "ولاية سيناء".
وربما ترتكز هذه الخطوة على إعلان التنظيم مسؤوليته في وقت سابق عن تنفيذ عناصره لعمليات إرهابية ضد الكنائس المصرية خلال العام الجاري.
بيد أن هذا التوجه يخالف استراتيجية التنظيم الإرهابي التي تعتمد على الاستيلاء على الأرض للإعلان عن وجوده، وذلك منذ الإعلان عن التنظيم الأم في العراق في 29 يونيو 2014.
في المقابل، يستخدم تنظيم داعش الإرهابي أسلوب الذئاب المنفردة "Lone Wolves" والخلايا النائمة "Sleeper cells"، لتنفيذ عمليات داخل دول أو أطر جغرافية لا يستطيع الوجود فيها بشكل مباشر، وبالتالي فإن الحديث عن تمدد التنظيم داخل العمق المصري أمر يحتاج إلى مراجعة، وهو أقرب إلى الوهم.
4 – الدعوة للفوضى للخروج من الانحسار:
في هذا الحوار المزمع حاول تنظيم داعش الدعوة للفوضى، عبر دعوته للمسيحيين المصريين بالقتال للدفاع عن أنفسهم، وهو ما يكشف عن الأهداف الحقيقية لاستهداف الكنائس المصرية وقت الأعياد والصلوات، وما ترافق معه من تحريض ضد النظام المصري.
وكان تنظيم داعش الإرهابي قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم على 3 كنائس خلال الأشهر الماضية؛ هي الكنيسة البطرسية في الإسكندرية في نهاية عام 2016، ثم كنيستي مار جرجس ومار مرقس في مدينتي طنطا والإسكندرية، في إبريل الماضي.
من هنا، يتضح أن تنظيم داعش الإرهابي يحاول تصدير الأوهام بقوته على الأرض بل انتشاره وتمدده في مصر، لكن يمكن قراءة هذه الدعوة الوهمية، من منظور الانحسار في سيناء، بعد أن باتت القبائل رقما مهما في معادلة الحرب على الإرهاب.