زينب الرياشية.. بدوية من سيناء تحلق بصوف الأغنام إلى معارض دولية
أبناء المناطق الصحراوية في مصر يجيدون الحرف اليدوية القائمة على صناعة مشغولات يستخدمونها في حياتهم اليومية، وهذه الفتاة من سيناء.
من قلب الصحراء وصولًا إلى منصات عرض المنتجات الحرفية في كبرى المعارض وقاعات المؤتمرات والفنادق بالقاهرة، استطاعت فتاة بدوية من سيناء، أن تحقق بمصنوعات أنتجتها بيديها من صوف الأغنام ووبر الإبل وشعر الماعز، أول تجربة تسويق لمشغولات من أشكال زينة وستائر ومفارش وكليم ولوحات فنية وإكسسوارات نسائية من الصوف، على زبائن من مختلف أنحاء العالم.
تسكن "زينب الرياشية" في قرية صغيرة بشمال سيناء، ومن منزل صغير يتوسط مجموعة بيوت أهالي قرية "أبو طويلة"، تخرج إبداعاتها التي تعتبر كل مشغولة منها بمثابة انتصار لإرادتها على قيود لا تخفي أنها واجهتها.
تقول الفتاة البدوية لـ"العين الإخبارية"، إن تجربة وصولها بمنتجاتها لما وصفته بالعالمية، سبقها اجتهاد منها، كانت أول خيوطه وراثتها حرفة نسج صوف الأغنام ووبر الإبل وشعر الماعز من والدتها، حيث كانت ترافقها وهي تعد الكليم وأدوات ركوب الإبل، وتقوم بتسويقها لأهل المكان حتى توفاها الله.
ويجيد أبناء مناطق مصر الصحراوية الحرف اليدوية القائمة على صناعة مشغولات يستخدمونها في حياتهم اليومية، ومن بينها صناعات قائمة على الصوف والوبر، إضافة للمفروشات التي تستخدم للجلوس عليها، عن حرفة صناعة بيت الشعر من الصوف، وجميعها فنون حرفية تجيدها السيدات واندثرت خلال السنوات العشر الأخيرة؛ نظرًا لتراجع الإقبال عليها.
وفي هذا السياق، تشير زينب إلى أنها قررت ألا تضيع هذه الحرفة هدرًا، وبدأت في تجهيز مشغل بسيط، والقيام بشراء كميات من الصوف ووبر الإبل وشعر الأغنام من السوق المحلية، وتجهيزها في المشغل بغسلها وصبغها بألوان طبيعية مختلفة، وفردها وإعدادها على النول اليدوي وتجهيزها ومن ثم نسجها لأشكال منوعة.
تعتمد زينب في عملها على المشغل الذي أعدته في منزلها، الذي بجانبه مكان مخصص لفرد مكونات ما تنسجه من الصوف والوبر، ومكان آخر مجاور خاص بالصباغة التي تعتمد فيها على مكونات ألوان طبيعية.
وأوضحت أنها قبل أن تصل لمرحلة التصنيع في منزلها، اتفقت مع إحدى الجمعيات الأهلية في منطقتها على تنفيذ مشروع متكامل لصناعات الصوف والوبر يقوم على صناعة تشكيلات لمشغولات مختلفة، سبقه استضافتها عن طريق الجمعية لمدربين في مثل هذا النوع من المصنوعات لإعطائها مزيدا من الجرعات العلمية والعملية حول الصناعات الصوفية، وأحدث ما توصل إليه العلم في هذا المجال، بالتوازي مع فتح منافذ تسويق المنتجات عن طريق الجمعية وعرضها في منافذ بيع مختلفة.
وتوسعت تجربتها وأصبحت لا تعمل فيها منفردة، وإنما من خلال أكثر من 30 سيدة وفتاة من قريتها، جميعهن يعملن بشكل تطوعي بهامش ربح بسيط يعتمد على تسويق المنتج، مقابل أن يتم تدريبهن وتوفير الخامات لهن مجانًا.
بعد تجهيزها لمشغولاتها في مصنعها الصغير أو "مملكتها الصناعية" كما تحب أن تطلق عليه، تبدأ رحلة البحث عن التسويق، وتجهز حقائب خاصة لنقل هذه المصنوعات، لتنقلها من القرية لأقرب مدينة لها وهي العريش، ومنها تستقل مواصلات عامة تنقلها للقاهرة، وهناك تحاول البحث عن مكان إقامة بسيط وفق إمكانياتها في آخر كل ليلة عمل.
تقول زينب: إن بيع منتجات غير تقليدية في مجتمعها المحيط بها كان صعبًا وغير مُجدٍ، ومن هنا استطاعت أن تطرق الأبواب وتصل لمعارض خارج سيناء وتحديدًا في القاهرة، بمساعدة الجهات الحكومية المصرية الرسمية الداعمة لها، ومنها جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومشروع الأسر المنتجة التابع لوزارة التضامن.
وتم استضافتها بمنتجاتها في أكثر من معرض خاص بالحرف اليدوية، وخصص لها مركز تحديث الصناعة منصة عرض دائمة، كما عرضت منتجاتها ضمن معروضات بيت القاضي في شارع المعز عن طريق وزارة الثقافة المصرية، إضافة إلى معارض حرفية تابعة لشركات خاصة وفي فنادق كبرى.
ابتسامة زينب في وجه زبائنها، وهي تجلس خلف منصات معروضاتها، يعقبها إرهاق في البحث عن مبيت لها -كما تقول- ويبلغ الإرهاق أشده إذا ما بدأت رحلة عودتها لقريتها ومعها كميات متبقية من المنتجات لم تتمكن من بيعها.
ومع كل هذا، لا تخفي الفتاة البدوية زينب الرياشية، سعادتها بنجاح تجربتها، لأنها أحيت حرفة كادت تندثر، وأعادت لها أهميتها، وأسهمت في توفير فرص عمل لكثير من السيدات حولها.
aXA6IDMuMTQ1LjYyLjM2IA==
جزيرة ام اند امز