"فاطم".. مشروع يضع المصريات على طريق المشغولات اليدوية
"فاطمة" فتاة عشرينية وجدت موطئ قدم لها في مجال الصناعات اليدوية بمصر.
تسارع بخطوات ثابتة نحو باب حديدي موصد، تمد يدها بالمفتاح.. وتحاول مع القفل فإذا بالباب ينفتح على مصراعيه، لتكتشف بعدها أنه كان مواربًا ولا يحتاج سوى طرق خفيف.. هذا ما حدث مع "فاطمة"، الفتاة العشرينية التي كانت تبحث عن موطئ قدم لها في مجال الصناعات اليدوية بمصر.
الصعوبة كانت تكمن في أن "فاطمة" لم يكن مجال دراستها مناسبًا لميولها العامة؛ حيث كتب لها القدر أن تلتحق بكلية التجارة، وهي كلية نظرية ليست ذات صلة بموهبتها في صناعة المشغولات اليدوية، من الجلود، مثل الشنط والمحافظ، باستخدام أدوات بسيطة، بعيدة عن الآلات الحديثة.
مواجهة هذا التحدي تقول عنه "فاطمة" لـ"العين": "تخرجت في كلية تجارة عام 2013، كنت أحلم بالالتحاق بكلية فنون جميلة لكن لم يفلح الأمر، فكرت بعدها في طرْق جميع الأبواب والبحث عن الشيء الذي أحبه، عملت كمصممة جرافيكس لمدة عامين، لكني سرعان ما تركت العمل".
توضح أسباب تركها مجال الجرافيكس: كان يشكل ضغطًا بالنسبة لي، لا أتخيل أن أبقى أمام جهاز كمبيوتر لمدة 24 ساعة، وقتها عرفت أنني سأجيد شيئًا آخر، وبالفعل أحببت مجال الصناعات اليدوية ومن هنا كانت التجربة.
تجربة فاطمة في الصناعات اليدوية، حملت اسمًا مشتقًا منها وهو "فاطم"، وهو الاسم الذي حرصت على أن يكون باللغة العربية حتى إذا انتشرت منتجاتها فيما بعد، حول العالم، وهو ما تتوقعه الفتاة المصرية، لا سيما أن "منتجاتها من الألف للياء دون تدخل الآلات".
تتابع: ما أفعله هو ما كان يفعله المجتمع المصري في بداياته، كل شيء ننتجه من الألف للياء دون تدخل لأي آلة.. والنتيجة النهائية أن المنتج لا يكون شبيها بآخر، بل على العكس كأننا نقدم قطعة فريدة، وبالمناسبة هذا يسهل الصناعة على المبتدئين، خصوصًا فيما يتعلق بالخامات والأدوات المستخدمة.
حلم "فاطمة" كان أكبر من مجرد النجاح في صناعة الشنط والمحافظ من الجلود؛ حيث فكرت في تعليم غيرها من الفتيات، خاصة أنها اكتشفت أن هناك كثيرات ممن يمكنهن الإبداع إن حصلن على التعليم المناسب لهذه الحرفة.
"فتيات كثيرات يفكرن في الشيء الذي تجيده وتتميز فيه، وفي الوقت نفسه يوفر لها عائدا ماديا جيدا، وبالتالي فكرت أن أعلمهن تلك الحرفة، خاصة أنها لا تشترط دراسة، بل على العكس الأمر كله يتوقف على وجود وقت فراغ ورغبة في عمل المشغولات اليدوية"، بحسب فاطمة التي لا تجد حرجًا في تقديم الاستشارات لمن يبدأن مشروعهن الخاص بعد إتمام ورشة التعليم.
ما بين تعليم الفتيات، والاستمرار في مشروعها الخاص، تكافح "فاطمة" الظروف الاقتصادية غير المستقرة، بل تنجح في تبرير ارتفاع أسعار منتجاتها للعملاء، بأسباب أخرى حقيقية، بحسب رؤيتها، ترغبهم أكثر في الشراء، وهي أن التصميمات ليست تقليدية، وتقول: "الشنطة لا يستغرق عملها أقل من 8 ساعات.. كما أنني لا أعمل على قطعة واحدة، ففي كثير من الأحيان يكون لديّ أكثر من قطعة، وبالتالي المجهود المبذول للخروج بقطعة مميزة يكون مضاعفًا، كما أنني أستخدم أفضل الخامات وأسعى أن تكون التصميمات مختلفة".
تتابع فاطمة: مع كل هذا ما زلت أحلم بتأسيس مشغل يدوي للفتيات تكون سمته الروح الجماعية بينهن جميعًا، أعرف أن كثيرات ينتظرن الفرصة ولديهن مهارات بالفعل بعيدًا عن دراستهن الأكاديمية، وأشعر أن مهمتي مساعدتهن، خصوصًا أنه لا يوجد تعارض بين الدراسة والنجاح في "صناعة" بجانبها".
وبحسب آخر إحصاءات للجهاز المركزي للمحاسبات، هناك 30% من الأسر تقوم المرأة بإعالتها، في وقت ما زالت تمثل نسبة البطالة بين الإناث نحو 2.24% مقابل 9.4% للذكور، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعطي "فاطمة" دافعًا أكبر للعمل على حلم "المشغل اليدوي".