سيناء يغلب عليها التيار الصوفي منذ عقود، غير أن هناك رواية تؤكد تغلغل أفكار القيادي الإخواني سيد قطب التكفيرية هناك.
لم أتفاجأ باستهداف تنظيم «داعش» أخيراً مئات المصلين في مسجد قريةٍ على طريق بئر العبد- العريش، في محافظة شمال سيناء. فالتنظيم ذاته أشار قبل نحو عام، إلى نيته استهداف الزوايا الصوفية في المحافظة نفسها، وورد ذلك في مقال نشرته مجلة «النبأ» التابعة له. وسبق له في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 خطف الرمز الصوفي سليمان أبوحراز الذي قارب عمره وقتها المئة عام، وقتله بدم بارد، فضلاً عن تفجير ضريح الشيخ زويد مطلع أغسطس/آب 2011 بقذائف أر بي جي. وهو استهدف كذلك المصلين في المسجد النبوي الشريف، ما يعني غياب الحرمة عن فكر هؤلاء الذين يبيحون القتل بفتوى التترس، التي تسمح لهم بقتل الجميع المقصود وغير المقصود، بدعوى أن كل واحد فيما بعد يبعث على نيته ولا يمنعهم ذلك من مقاتلة من يرونهم «كفاراً» لوجود العامة بينهم.
تنظيم «داعش» لا يجد حرجاً في صراعاته بالاعتداء على بيوت الله ولا المصلين، إيماناً منه بغاية يريد أن يحققها على دماء الأبرياء وفي بيوت الله، فإذا أراد نكاية بالدولة نفذ جرائمه ضد المصلين من دون رادع أخلاقي أو إنساني
سبق أن قتل تنظيم ولاية سيناء من المدنيين قرابة 623 شخصاً منذ 2013 بدعوى تعاون بعضهم مع قوات الجيش المصري أو عدم وقوفهم مع التنظيم في معركته مع أجهزة الأمن. ولا شك في أن استهداف المسجد لم يُقصد منه الصوفيون على وجه التحديد، إنما كان الهدف المدنيين عموماً، بما أن القتل شمل جَمعاً كان يستعد لأداء صلاة الجمعة، وليس للانخراط في حضرة صوفية.
سيناء يغلب عليها التيار الصوفي، منذ عقود طويلة، غير أن هناك رواية تؤكد تغلغل أفكار القيادي الإخواني سيد قطب التكفيرية هناك، ما مهّد لظهور تنظيمات جهادية عدة، منها «أنصار بيت المقدس» الذي بايع «داعش». وبالتالي ليس مستغرباً استهداف التنظيم ذاته المساجد، وهو يفعل ذلك في اليمن وسوريا والكويت والسعودية. هذه الذيول تتبع الفكرة الرئيسة للتنظيم التي لا ترى حرمة للمسجد النبوي ولا زواره، كما لا ترى حرمة في فعل أي جريمة من هذا النوع في شهر رمضان.
تنظيم «داعش» لا يجد حرجاً في صراعاته بالاعتداء على بيوت الله ولا المصلين، إيماناً منه بغاية يريد أن يحققها على دماء الأبرياء وفي بيوت الله، فإذا أراد نكاية بالدولة نفذ جرائمه ضد المصلين من دون رادع أخلاقي أو إنساني. فاستراتيجية التنظيم التي اتجهت صوب القتل بهذه الصورة هدفها الأساسي، وفق إشارات أبوبكر الناجي في كتابه «إدارة التوحش»، الإنهاك والإرباك لهدف أسمى متمثل في إسقاط الدولة بعد تنفيذ عمليات مسلحة وخاطفة في أماكن كثيرة وعلى حيز جغرافي متقارب وعلى بعد زمني متقارب أيضاً.
لكن يلاحظ أن العمليات المسلحة في مصر تقع في بقعة لا تتجاوز ثلاثين كيلومتراً مربعاً، علماً أن إجمالي مساحة البلد مليون كيلومتر مربع، ما يعني استقرار الأمن، باستثناء ما هو متوقع في الحرب المفتوحة بين الدولة والتنظيمات المتطرفة.
نقلا عن "الحياة"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة