«توفالو» تدخل معادلة المناخ الصعبة.. هل تغرق الجزيرة المرجانية؟
تغير المناخ.. وضع توفالو في دائرة الضوء
بحلول عام 2050 تشير التقديرات إلى أن نصف مساحة أراضي توفالو سوف تغمرها مياه المد والجزر يوميًّا.
إليك ما تحتاج إلى معرفته عن «توفالو» ودورها في المحيط الهادئ
تُعد توفالو دولة جزرية صغيرة جنوب المحيط الهادئ- في منتصف الطريق بين أستراليا وهاواي. وتنتشر توفالو عبر تسع جزر منخفضة وتبلغ مساحتها 26 كيلومترًا مربعًا فقط (10 أميال مربعة) من الأرض.
ويعيش ما يقرب من نصف سكانها البالغ عددهم 11200 نسمة في العاصمة جزيرة فونافوتي المرجانية، ويبلغ عرضها 650 مترًا فقط (710 ياردة) على أوسع نطاق. أثناء المد المرتفع بشكل استثنائي، يغمر ما يقرب من 40% من الجزيرة الرئيسة بمياه البحر.
تداعيات تغير المناخ على جزر توفالو
تعد توفالو واحدة من أكثر دول العالم عرضة لخطر تغير المناخ وقد جذبت الاهتمام الدولي لهذه القضية منذ فترة طويلة.
قام فريق تغير مستوى سطح البحر التابع لوكالة ناسا هذا العام بتقييم تداعيات تغير المناخ على جزر توفالو، وأشار في تقديراته إلى أن الكثير من الأراضي والبنية التحتية الحيوية في توفالو ستكون تحت مستوى سطح البحر بحلول عام 2050. ووجد الفريق أنه بحلول نهاية القرن، ستشهد توفالو أكثر من 100 يوم من الفيضانات كل سنة. فضلًا عن أنه من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى تكثيف حجم وتواتر الأعاصير والرياح.
ومن جانبه، أشار الدكتور "كوزمين كورينديا"، باحث أول في جامعة الأمم المتحدة للبيئة والصحة والسلامة: إلى أن تغير المناخ سوف يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وتحمض المحيطات مما ينعكس بالسلب على مصايد الأسماك والبنية التحتية المحلية، كما أنه من المرجح أن يؤدي مزيج هذه التهديدات إلى جعل أجزاء من المنطقة غير صالحة للسكن. ومن ثمَّ، ستتزايد معدلات الهجرة وعندما يتخذ المهاجرون القرار الصعب بمغادرة منازلهم، فإنهم غالبًا ما يواجهون تحديات بمجرد وصولهم إلى وجهتهم الجديدة. لا سيما محاولة الوصول إلى سوق العمل المحلي أو أنظمة التعليم في مناطق المقصد، حيث لا توجد في كثير من الأحيان سياسات تنظيمية محلية يمكن أن تدعم اندماج المهاجرين. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجهون الصراع وفقدان الهوية الثقافية.
يبحث الدكتور كورينديا في سيناريوهات الصراع في وجهات الوصول للمهاجرين لأسباب بيئية وقد قام للتو بعمل ميداني في فيجي وساموا وتوفالو وكيريباتي حيث ركز على تقليل الصراع المرتبط بالهجرة القسرية في منطقة المحيط الهادئ. هذا، ويطرح "فرانسوا جيمين"، المتخصص في الجغرافيا السياسية البيئية وإدارة الهجرة في جامعة لييج، أن التهديد الوجودي الذي تواجهه هذه الدول الجزرية يثير أسئلة قانونية مهمة حول السيادة الوطنية.
التحرك الدولي
حذرت الأمم المتحدة من أن ارتفاع منسوب مياه البحار ــ والذي ربما يكون العواقب الأشد خطورة لأزمة المناخ ــ يعمل بالفعل على خلق مصادر جديدة لعدم الاستقرار والصراع؛ حيث من المتوقع أن تختفي المجتمعات المنخفضة وحتى بلدان بأكملها إلى الأبد.
تسعى مبادرة الأمم المتحدة إلى إصدار إعلان سياسي من قبل المجتمع الدولي للحفاظ على سيادة وحقوق الدول الجزرية المرجانية في المحيط الهادئ؛ وإنشاء برنامج شامل لبناء وتمويل مشروعات التكيف والقدرة على الصمود لمساعدة المجتمعات المحلية على الحفاظ على سبل العيش.
وقد اكتسبت المبادرة بالفعل دعم بلدان مثل الولايات المتحدة، وألمانيا، وكوريا الجنوبية، وكندا، وجميعها اعترفت بالعبء الفريد الذي يتعين على الدول الجزرية مثل توفالو وجزر مارشال أن تتحمله؛ والتي يكون سكانها أكثر عرضة للوفاة بسبب الأحوال الجوية القاسية بمقدار 15 مرة مقارنة بالأجزاء الأقل عرضة للخطر في العالم.
وقد تعهد العديد من البلدان بتقديم أموال لمساعدة الدول الجزرية على دفع تكاليف أنظمة الإنذار المبكر وتحديث مبانيها لحمايتها بشكل أفضل من الأعاصير والأحداث الجوية الأخرى.
وفي هذا الصدّد، وبينما يعترف زعماء العالم بـ 'التهديد الوجودي' لتغير المناخ، يسعى رئيس وزراء توفالو "كاوسي ناتانو" لإنقاذ دولته الجزرية الصغيرة من الغرق من خلال رفعها من 13 إلى 16 قدمًا (4 إلى 5 أمتار) فوق مستوى سطح البحر من خلال استصلاح الأراضي.
الدعم الأسترالي
وقع رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، اتفاقًا ثنائيًّا مع توفالو يهدف إلى حماية الدولة الجزرية الصغيرة من تغير المناخ. وذكر ألبانيز في مؤتمر صحفي في جزر كوك، أنه سيُنظر إلى اتحاد فاليبيلي بين أستراليا وتوفالو على أنه يوم مهم تعترف فيه أستراليا بأننا جزء من أسرة المحيط الهادئ'.
وبناءً عليه، ستدشن أستراليا تأشيرة خاصة لما يصل إلى 280 مواطنًا من توفالو سنويًا، أي 2.5% من عدد السكان البالغ 11200 نسمة. كما سيتم توفير الأموال لاستصلاح الأراضي في توفالو لتوسيع الأراضي في العاصمة فونافوتي بنحو 6%.
وأضاف ألبانيز أن أستراليا ستضيف أيضًا مزيدًا من التمويل لمشروع التكيف الساحلي في توفالو، والذي يهدف إلى توسيع الأراضي حول جزيرة فونافوتي الرئيسية بنحو 6% للمساعدة في محاولة إبقاء سكان توفالو في وطنهم. ومن ثمَّ، أصبحت أستراليا 'الشريك المفضل' لتوفالو، لمواجهة تداعيات تغير المناخ.
السياسات اللازمة في منطقة المحيط الهادئ لمعالجة الهجرة المناخية
تظهر الحاجة إلى تعزيز القدرة الوطنية لجزر المحيط الهادئ على استخدام الهجرة كوسيلة للتكيف مع آثار تغير المناخ. في هذا الصدّد، تُظهر النتائج الأولية أن هناك تحديات ولكن هناك أيضًا فرصًا محتملة عندما يتعلق الأمر بالهجرة في سياق تغير المناخ، بشرط أن تكون البلدان مستعدة.
يمكن للهجرة الطوعية أن تكون استراتيجية تكيف تسمح للأفراد بتنويع دخلهم، وتخفيف الضغوط البيئية، ولا سيما من خلال التحويلات المالية.
aXA6IDE4LjIyNC43My4xNTcg
جزيرة ام اند امز