سرت.. هبّة لحماية "الخطوط الحمراء" من أطماع أردوغان
مدينة سرت الساحلية بوابة استراتيجية لمنشآت النفط الرئيسية، وبرزت كنقطة حاسمة في الصراع الذي تشهده ليبيا
برزت مدينة سرت الساحلية الليبية، وهي بوابة استراتيجية لمنشآت النفط الرئيسية، كنقطة حاسمة في الصراع الذي تشهده الدولة التي مزقتها مليشيات حكومة فايز السراج غير الدستورية ومرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
الجدل حول سرت كان واضحًا بالفعل في أوائل يونيو/حزيران الماضي، عندما زار موسكو وفد ما يسمى حكومة "الوفاق"، بما في ذلك نائب رئيس المجلس الرئاسي، أحمد معيتيق، الذي قال آنذاك إن سرت "خط أحمر" لروسيا.
وبالعودة إلى طرابلس، اتصل معيتيق بقائد عملية سرت-الجفرة، وحثه على وقف الهجوم وإثارة صراع داخلي، ، بحسب موقع "المونيتور" الأمريكي.
كما تعهد وزير الداخلية في حكومة الوفاق باحتلال سرت، وكذلك أمر السراج، الذي كان عائدًا من المحادثات في أنقرة، بمواصلة الهجوم.
وقال الجنرال عبد الهادي ديرة، المتحدث باسم غرفة العمليات المشتركة بين سرت والجفرة، في 15 يونيو/حزيران: "سرت خط أحمر بالنسبة لنا".
ولفت الموقع إلى أن قوات المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي سيطرت على الجفرة عام 2017، بينما سيطرت قواته على سرت التي تبعد نحو 300 كيلومتر (190 ميلا) إلى الشمال في يونيو 2019.
من خلال نشر 14 طائرة من طراز MiG-29 وSu-24 على الأقل في الجفرة في أواخر مايو/أيار، أظهرت روسيا أنها ستثبت موقفها هناك، في مؤشر على عدم السماح لسرت بالسقوط، محطمة آمال أنقرة في السيطرة على مواقع استراتيجية بعد استيلائها على قاعدة الوطية العسكرية ومدينة رهونة.
وفي 14 يونيو/حزيران، أجل وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان زيارة إلى تركيا في اللحظة الأخيرة، مع استمرار الاتصالات الثنائية على مستوى أقل.
وانسحب الروس من المحادثات بعد أن رفضت تركيا اقتراحًا مصريًا بوقف إطلاق النار حيث كان المسؤولون الأتراك عازمين على دعم حكومة "الوفاق" في عمليات الضغط العسكري.
وفي مقابلة تلفزيونية في 8 يونيو/حزيران، ذكر أردوغان أن سرت والجفرة وحقول النفط الرئيسية هي الأهداف التالية للحملة.
ما الذي يجعل سرت "خطا أحمر"؟
تقع سرت في منتصف الساحل الليبي، وهي البوابة الغربية لمنطقة "الهلال النفطي" في البلاد والطريق الذي ينبغي السيطرة عليه للهيمنة على موانئ سدرة ورأس لانوف ومرسى البريقة وزويتينا، حيث يوجد 11 خط أنابيب نفط و3 خطوط غاز تصل إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط.
ومن خلال السيطرة على سرت، يمكن بسهولة الاستيلاء على امتداد ساحلي بطول 350 كيلومترًا (217 ميلًا) على طول الطريق إلى بنغازي، يزخر بخطوط الأنابيب والمصافي والمحطات الطرفية ومرافق التخزين.
وتعد منطقة "الهلال النفطي" موطن 60٪ من ثروات الهيدروكربون، وفي ليبيا ما قبل الحرب، كانت 96٪ من الإيرادات العامة تأتي من المحروقات.
ويبلغ احتياطي البلاد 48.3 مليار برميل من النفط و1.5 تريليون متر مكعب من الغاز، ومع ذلك، انخفض إنتاجها النفطي إلى 90 ألف برميل يوميًا من 1.6 مليون برميل في العام الماضي.
خلاصة القول، السيطرة على "الهلال النفطي" تضمن أن يكون لتدفق النفط تأثير مضاعف في التأثير على الصراع، ويُنظر إلى سرت على أنها مفتاح السيطرة على المنطقة.
وتسعى تركيا إلى تواجد عسكري دائم في ليبيا، وتتطلع إلى قاعدة بحرية في مصراتة، بالإضافة إلى قاعدة "القرضابية" الجوية بالقرب من سرت.
ويعتقد أن روسيا، من جانبها، قد تجاهلت سرت كقاعدة بحرية، بالإضافة إلى الجفرة، لأنها تحرص على تعزيز موقعها في البحر الأبيض المتوسط بعد الحصول على قواعد في طرطوس واللاذقية في سوريا.
من جهتها، تعتبر القاهرة أن سرت خطا أحمر لأنه في حال سقوطها في يد حكومة "الوفاق" ومليشيات أردوغان سيساعدها ذلك على السيطرة على باقي المدن حتى تصل إلى الحدود المصرية، وهو ما تخشاه مصر حيث تتخوف من تهريب الأسلحة والإرهابيين إلى أراضيها.
وتتزايد وبشكل كبير انتهاكات المرتزقة السوريين والمليشيات الموالية للسراج في العاصمة طرابلس خاصة في المناطق التي أعلن الجيش الليبي الانسحاب منها تنفيذا لرغبة الدول الداعمة والتي تحاول حل الأزمة بالطرق الدبلوماسية.
ويسعى مرتزقة أردوغان والميليشيات الموالية له من مصراته وطرابلس إلى اقتحام سرت وسط ليبيا وتقوم بالتحشيد المسلح للهجوم على المدينة إضافة إلى منطقة الهلال النفطي (شرق).