التقارب التركي تجاه مصر.. أبرز الأسباب والشروط
يبدو أن القاهرة تتحسس خطاها تجاه التقارب رغم الأنباء عن عقد اجتماع وزاري وإعلان أنقرة، يوم الإثنين، عودة سفيري البلدين قريبا.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الإثنين، إن أنقرة والقاهرة قد تعيدان تعيين السفراء في الأشهر المقبلة.
وسبق ذلك، أمس الأحد، أن قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "عملية بناء العلاقات مع مصر ستبدأ باجتماع الوزراء"، في أول مؤشر على تقدم في مسار حلحلة الأزمة السياسية بين القاهرة وأنقرة في أعقاب لقاء بين أردوغان ونظيره المصري خلال حفل افتتاح كأس العالم في قطر.
ويرى محللون سياسيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن تصريحات الرئيس التركي حول اللقاء تشير إلى رغبة إسطنبول في الوصول إلى اتفاق سريع مع القاهرة حول القضايا العالقة بين البلدين ورفع مستوى التمثيل السياسي والدبلوماسي بينهما.
وشددوا على أن القاهرة تنتظر خطوات تركية ملموسة وواقعية على الأرض وليس تصريحات ومصافحات بين الرئيسين إنما تحرك في الملف الليبي والعربي والأمني بالإضافة إلى وقف الدعم التركي لتنظيم الإخوان نهائياً.
وقبل انطلاق فعاليات حفل افتتاح كأس العالم في العاصمة القطرية الدوحة، تصافح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، للمرة الأولى منذ أن توترت العلاقات بين البلدين في يونيو/حزيران عام 2013.
وعقب ذلك قال أردوغان إن عملية بناء العلاقات مع مصر ستبدأ باجتماع وزراء من البلدين وإن المحادثات ستتطور انطلاقا من ذلك، موضحا أنهما (هو والسيسي) تحدثا خلال ذلك الاجتماع لمدة تراوحت بين 30 و45 دقيقة.
ويقول المحلل السياسي التركي تورغوت أوغلو، إن تصريحات الرئيس التركي جاءت في وقت هام بعد مهاجمة مصر منذ ما يقرب من 10 سنوات وبعد تراجع السياسة التركية الخارجية وتعديلها تجاه دول الشرق الأوسط.
وأضاف أوغلو لـ"العين الإخبارية"، أن:"تراجع أردوغان عن مهاجمة مصر لسببين رئيسين، أولهما: داخلياً حيث الانتخابات المقبلة لرئاسة ومجلس النواب التركي، لافتا إلى أنها هامة في تاريخ حزب العدالة والتنمية وسط المعتركات الحالية هناك والأزمات التي تمر بها البلاد اقتصاديا وسياسيا.
أسباب وراء مسعى تركيا
وتابع "أوغلو" أما خارجيا، فبدأت تركيا أنها تريد الحفاظ على العلاقات العربية وصولا إلى مصر، لافتا إلى أن أردوغان بمسعاه للتقارب مع القاهرة " يريد بعث رسالة مفادها أنه حال نجاحي في الانتخابات التركية المقبلة سوف تساعد سياسة تركيا في تنمية الشرق الأوسط وحل أزماته".
لفت الخبير التركي إلى أن السبب الثاني، هو رغبة تركيا الاتفاق مع مصر حول شرق المتوسط والسماح بالاستثمار في ليبيا بحرية، لافتا إلى أنه رغم التقارب التركي مع طرابلس والحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة إلا أن تلك الاتفاقيات مازالت مع مجمدة.
وشدد على أن: "مصر تتحسس الخطى قبل الانفتاح الكامل مع تركيا، وتريد ضمان تحقيق شروطها حيال ليبيا أولا، لما تمثله من أمن قومي للقاهرة، وبالتالي عقد لقاء على المستوى الوزاري ثم رؤساء الوزراء لإتمام عملية المصالحة بين الجانبين".
واتفق مع أوغلو الخبير في الشؤون التركية والمحلل السياسي الدكتور بشير عبد الفتاح، حول حديثه عن وجود رغبة تركية قوية في التقارب مع مصر مع وجود تحسس من جانب الأخيرة.
القاهرة تترقب
ويضيف عبد الفتاح، لـ" العين الإخبارية" أن " نرى الإعلان جاء من الجانب التركي منفردا وهو يشير لتلهف أردوغان للتقارب مع القاهرة"، لافتا إلى أن "الصمت المصري يؤكد انتظارها سياسات واقعية وتغير على الأرض ملموس في منهج إسطنبول للتعامل مع القاهرة وقضايا المنطقة".
وأشار إلى أن "التقارب بين البلاد لا يحدث بالمصافحة أو التصريحات فقط وإنما يستند إلى سياسيات فعلية، وبالنسبة للقاهرة وأنقرة فبينهما ملفات خلافية أربعة وهي ليبيا وشرق المتوسط والإخوان والتدخل العسكري في الدول العربية"، موضحا أن تكثيف الرئيس التركي الحديث عن مسألة التقارب ربما يعطي أملاً لحلحلة الملفات التي حددتها القاهرة في الوقت القريب.
ولفت إلى أن القاهرة ما زالت في مرحلة الترقب والانتظار لخطوات تركية أكثر فعالية، مؤكدا أن " القاهرة حريصة أيضا على استمرار العلاقات وإنهاء حالة الجفاء مع أنقرة لكن بعد إنهاء الملفات الخلافية".
ملفات تتنظر الحسم
وتأكيدا لحديث الخبيرين السابقين، أكد الباحث والمحلل المتخصص في الشأن التركي، مصطفى صلاح، أن "مصر ما زالت تحسس الخطوات تجاه تركيا"، لافتا إلى أن الأخيرة تحاول التقرب بكافة الطرق الآن.
وشدد صلاح لـ" العين الإخبارية" على أن التنسيق الثلاثي القبرصي اليوناني المصري فيما يخص قضية شرق المتوسط والغاز، سارع من وتيرة إطلاق التصريحات التركية لتأكيد وجود تقارب مع القاهرة، مشيرا إلى أن "كافة التصريحات تخرج من الوسائل الإعلامية التركية في ظل صمت مصري".
ويكمل أن: "أردوغان بحديثه عن القاهرة يحاول بعث رسائل لكل من قبرص واليونان أننا نتواصل مع مصر ونرجو الوصول لصيغة تفاهم فيما يخص تلك القضية والمشاركة في التنقيب على الغاز بالمنطقة"ـ موضحا أن " القاهرة تتحرك من منطلق قوة وتنتظر تحقيق التنسيق الأمني في ملفات الإخوان والمرتزقة والجماعات الإرهابية وليبيا".
وشدد على أن طاولة المفاوضات هي من ستحسم مستوى التمثيل السياسي والدبلوماسي بين البلدين، لافتا إلى أن "التقارب التركي السوري سوف يرفع على كاهل مصر جزءاً من القضايا التي تتحدث عنها القاهرة في اللقاءات المختلفة".