زيارة السيسي لفرنسا.. مؤشرات إيجابية ودلالات استراتيجية
تتزامن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا في هذا التوقيت مع عدة متغيرات إقليمية ودولية.
وتأتي تلك الزيارة في ظل توقعات بانعكاسات إيجابية لها ليس فقط على مجمل العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا، لكن أيضا على مستوى التنسيق والتعاون في الملف الليبي وشرق المتوسط لمواجهة أطماع تركيا.
وقال خبراء ودبلوماسيون سابقون، في أحاديث لـ"العين الإخبارية"، إن الزيارة تكتسب أهمية خاصة في هذا التوقيت، خاصة أنها تأتي قبل أيام من قمة الاتحاد الأوروبي، الخميس المقبل، والعقوبات المرتقبة على نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
مرحلة جديدة في العلاقات
الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وصف زيارة السيسي إلى فرنسا في هذا التوقيت بـ"الهامة جدا"، قائلا لـ"العين الإخبارية" إنها تدشن مرحلة جديدة في العلاقات المصرية الفرنسية القائمة على فكرة المصالح المشتركة والفوائد المتبادلة.
وقال فهمي إن الزيارة لها دلالات سياسية واستراتيجية، ورسائل غير مباشرة موجهة للأطراف التي تسعى للعبث في أمن الإقليم وعلى رأسها تركيا.
وأوضح أن "زيارة الرئيس المصري تأتي قبل أيام من عقد القمة الأوروبية الخميس المقبل، التي ستكون لها تداعياتها على المستوى الإقليمي، حيث من المرتقب فرض عقوبات على تركيا.
مواجهة التحديات
وبيّن أستاذ العلوم السياسية أن باريس باتت طرفا رئيسيا في إقليم شرق المتوسط، وبالتالي سيكون للتنسيق مع مصر أهمية كبيرة لمواجهة التحديات المختلفة بالإقليم.
وأضاف فهمي أنه "في هذا الإطار طلبت فرنسا الدخول في المنظمة الإقليمية لغاز شرق المتوسط بصفة مراقب شأنها شأن الجانب الأمريكي".
وتكمن أهمية زيارة الرئيس المصري لفرنسا أيضا في بحث تنويع مصادر السلاح، باعتباره أمرا حيويا لمصر، وفقا لطارق فهمي.
ولفت الخبير السياسي في هذا الصدد إلى مشاركة فرنسا في التدريبات العسكرية البحرية بإقليم شرق المتوسط خلال الأيام الأخيرة، والمناورات متعددة الأطراف التي شملت عدة أطراف إقليمية بينها قبرص واليونان.
وانطلقت الإثنين الماضي حتى أمس الأحد، مناورة "ميدوزا 10" العسكرية المشتركة في شرق البحر المتوسط، بين كل من فرنسا واليونان وقبرص ومصر، قبالة سواحل الإسكندرية.
ووصف الإعلام اليوناني تلك النسخة من مناورات "ميدوزا 10" بـ"المهمة للغاية" بحكم توقيت المناورة التي جاءت في ظل تصاعد الاستفزازات التي تمارسها تركيا في شرق البحر المتوسط وبالتزامن أيضا مع تدخلها السافر في ليبيا.
تطوير الشراكة والتعاون
ونوه فهمي بأنه من بين الملفات الهامة الأخرى، الدفع بالعلاقات الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين، والسعي لتطوير مؤسسات الشراكة والتعاون الاقتصادي خاصة، وأن هناك تحركات أوروبية في هذا الإطار.
وقال إن الزيارة من حيث التوقيت تطرح كثير من الملفات المهمة، أبرزها أنها تأتي في ظل توتر مشوب بحذر في العلاقات العربية الإسلامية مع فرنسا، والموقف المصري واضحا في محاول تقريب وجهات النظر مع الجانب الفرنسي.
وأعرب عن أمنيته أن تؤدي القمة المصرية الفرنسية إلى انفراجة في العلاقات بين باريس والعالم الإسلامي على خلفية أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يتفهم الرئيس ماكرون طبيعة العلاقات العربية الإسلامية في هذا الإطار.
ونبه إلى أن هناك قضايا أخرى تم مناقشتها على هامش الزيارة بينها قضايا الهجرة غير الشرعية وضبط الحدود والأمن الأوروبي وأمن البحر المتوسط.
متغيرات إقليمية ودولية
وبدوره، قال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الزيارة تأتى في ظل متغيرات إقليمية وعالمية عديدة، مشيرا إلى أن باريس تطمح أن تقود الاتحاد الأوروبي، ولها حضور في عدة ملفات، علاوة على أنها من الدول المتقدمة في ضرورة مواجهة الخطر التركي.
وقال العرابي إن أوروبا شعرت أخيرا بالخطر التركي بعد أن كانت لفترة طويلة تخضع للإبتزاز من أنقرة لاسيما في ملف الهجرة غير الشرعية.
وتابع: "ينبغي النظر للزيارة على أكثر من مستوى؛ الأول، العلاقات الثنائية بين البلدين، والمتغيرات الإقليمية، والوضع العالمي الجديد في ظل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الجديدة".
وأكد أنه على مستوى العلاقات الثنائية سيتم مناقشة التعاون الاقتصادي، وفرص الاستثمار الواعد بين البلدين، والسياحة الفرنسية لمصر.
ووصل الرئيس السيسي، الأحد، إلى باريس في زيارة رسمية تلبية لدعوة من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وفق بيان للرئاسة المصرية.
وبحث الرئيس المصري مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، تطورات الأوضاع في شرق المتوسط ومستجدات القضية الفلسطينية.
ورحب لودريان بزيارة السيسي إلى باريس، مؤكداً ثقته بأن تلك الزيارة ستدعم مسيرة العلاقات بين البلدين على نحو بناء وإيجابي، في ظل تطلع فرنسا لتعزيز أطر التعاون المشترك مع مصر في مختلف المجالات.
aXA6IDE4LjExOC4zMi43IA== جزيرة ام اند امز