خبراء: زيارة السيسي إلى النمسا تعمق الشراكة المصرية الأوروبية
الخبراء أكدوا عمق العلاقات التي تربط النمسا ومصر في السنوات الأخيرة، في ظل دورها الفعال تجاه جهود استقرار منطقة الشرق الأوسط.
قال خبراء سياسيون، إن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى النمسا، التي بدأت اليوم، الأحد، تأتي في إطار توجه سياسي مصري بتعميق الشراكة مع دول القارة الأوروبية، في جميع المجالات.
وأكد الخبراء، في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن "علاقات تعاون وثيقة تربط النمسا ومصر في السنوات الأخيرة، في ظل أهمية موقع فيينا داخل الاتحاد الأوروبي، ودورها الفعال والمحايد باتجاه جهود استقرار منطقة الشرق الأوسط".
وتعد زيارة السيسي إلى فيينا هي الأولى لرئيس مصري منذ 11 عاما، في مؤشر واضح على تقدم العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة.
وتستغرق الزيارة 4 أيام، يشارك خلالها في أعمال المنتدى رفيع المستوى بين أفريقيا وأوروبا لتعزيز الشراكة بينهما، تلبية لدعوة من المستشار النمساوي سيباستيان كورتز الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي.
الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمؤسسة الأهرام المصرية، يرى أن السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس السيسي تستهدف على وجه الخصوص توطيد علاقات مصر بجميع دول القارة الأوروبية، وزيادة التعاون معها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأكد اللاوندي أن النمسا دولة مهمة في الاتحاد الأوروبي، ولها علاقات اقتصادية واسعة مع مصر، فضلا عن أنها تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي، بما يمكن أن يكون له دور مؤثر في القضايا التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، لذلك ستتم مناقشة عدة ملفات على رأسها اليمن وسوريا وفلسطين.
ونوّه الخبير السياسي لـ"العين الإخبارية"، إلى أن مصر في السنوات الأخيرة استعادت علاقاتها المتميزة مع معظم دول العالم، وبالتأكيد منها العالم الغربي، والذي يضع أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط على أولوية اهتماماته.
وقبل أيام، تلقى الرئيس السيسي اتصالا هاتفيا من مستشار النمسا، أكد فيه حرص مصر على تعزيز علاقاتها مع النمسا، لا سيما من خلال تعظيم التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري، فيما أعرب المستشار النمساوي عن رغبة بلاده في الارتقاء بمجمل العلاقات مع مصر.
وأكد المستشار النمساوي خلال الاتصال الهاتفي، أن فيينا كرئيس حالي للاتحاد الأوروبي تعتبر مصر شريكا مركزيا في ضوء الروابط المتشعبة التي تجمعها بأوروبا والتحديات المشتركة التي تواجههما على ضفتي المتوسط، وتعوّل على دور مصر المحوري كمركز ثقل لاستقرار منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا.
في السياق ذاته، قالت آية عبد العزيز الباحثة بالمركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة، إن زيارة السيسي تأتي في سياق الجهود المصرية لتوثيق العلاقات مع الدول الأوروبية، وفي عمقها الاستراتيجي "أفريقيا"، لبحث سبل التعاون والشراكة بين الجانبين، وإمكانية ترسيخ مكانة مصر الدولية باعتبارها دولة مركزية وشريك مهم في إدارة الملفات الدولية الخاصة بمحال الهجرة ومكافحة الإرهاب والتطرف.
ونوهت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" بأن الزيارة تأتي بالتزامن مع اقتراب رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي 2019، ورغبة القيادة السياسية في انتهاج سياسية خارجية أكثر مرونة في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتلاحقة، بما يتوافق مع المصلحة الوطنية المصرية.
وأضافت الخبيرة السياسية أن الزيارة "تعكس حالة الزخم السياسي بين الجانبين، لكونها الزيارة الأولى للرئيس السيسي منذ توليه الحكم، كما تمثل الزيارة الرئاسية الأولى منذ أكثر من عقد بين القاهرة وفيينا، وتمثل فرصة كبيرة للطرفين في توثيق العلاقات على جميع الأصعدة".
وبالنظر إلى أهمية النمسا لمصر، قالت "إنها من الدول الأوروبية المهمة التي ترتبط مع القاهرة بروابط تاريخية، ساهمت في استقرار العلاقات بين البلدين؛ فقد انتهجت فيينا سياسة الحياد في علاقاتها الخارجية مع القاهرة إبان الحرب الباردة، كما لعبت دورا بارزا في إطلاق عملية السلام، بجانب الشراكة الاقتصادية والتجارية بين الجانبين التي تحاول كلا البلدين الارتقاء بها للوصول إلى الحد المأمول عبر تعزيز الاستثمار والتعاون الاقتصادي بينهما، وهو ما يهدف إليه الرئيس السيسي في خلق شراكات جديدة مع الدول الأوروبية والأفريقية".
ومؤخرا تبادل مسؤولي البلدين الزيارات الرسمية رفيعة المستوى، في إشارة إلى تصاعد مستوى العلاقات الثنائية.
وأجرى السفير مايكل لينهارت سكرتير عام وزارة الخارجية النمساوية زيارة إلى مصر، في مارس/ آذار الماضي، في حين قام سامح شكري وزير الخارجية المصري بزيارة للنمسا في يوليو/ تموز الماضي.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي زار دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي، وسيباستيان كورتز مستشار النمسا مصر، واستقبلهما الرئيس السيسي.
وتم خلال اللقاء استعراض والتشاور حول عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي والنمسا، بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد، وعلى رأسها مشكلة الهجرة غير الشرعية.
برنامج الزيارة
وتتضمن زيارة الرئيس المصري لقاء قمة مع المستشار النمساوي، فضلا عن مباحثات ثنائية مع عدد من كبار المسؤولين والساسة والمستثمرين النمساويين لبحث أطر التعاون الثنائي، خاصة في مجالات الاستثمار والتجارة والتكنولوجيا والابتكار والتعليم والبحث العلمي والنقل والسكك الحديدية، فضلا عن تبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بشأن الملفات والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
ويلقى الرئيس السيسي كلمة أمام منتدى أفريقيا–أوروبا، تركز على رؤية مصر نحو دفع وتعزيز جهود التنمية في القارة الأفريقية.
ومن المقرر أن يتم على هامش المنتدى، عقد عدد من الموائد المستديرة تتناول قضايا التعاون الأفريقي الأوروبي في مجالات الزراعة والتكنولوجيا، وعوائق التعاون الأفريقي الأوروبي، والتعليم العالي والبحث العلمي، والاستثمار في المشروعات الجديدة وربط المدن وتعبئة التمويل لمواجهة تغيرات المناخ بأفريقيا والوصول إلى الطاقة المستدامة والحكومة الإلكترونية، بالإضافة إلى سبل تسريع التجارة الإلكترونية في أفريقيا والاتصالات بالقارة.
ويجري الزعماء المشاركون في المنتدى حوارا عالي المستوى تحت عنوان (التعاون في العصر الرقمي)، يتعلق بالتعاون بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي في مجال الابتكار والتكنولوجيا الرقمية.