كورونا يفرض على لبنان تجربة "التعليم عن بعد"
بعد إصدار وزارة التعليم اللبنانية قرارا بإغلاق المؤسسات التربوية أسبوعين خوفا من كورونا، وجهت باستغلال العطلة عبر التدريس الإلكتروني
أجبر انتشار فيروس كورونا المستجد الحكومة اللبنانية على إدخال تجربة "التعليم عن بعد" في مدارسه، رغم أن نسبة ليست قليلة منها، خاصة الرسمية، غير مؤهلة لمثل هذه الخطوة نتيجة عدم اعتمادها على النظام الإلكتروني.
وبعد إصدار وزارة التعليم اللبنانية قرارا بإغلاق المؤسسات التربوية لمدة أسبوع بعد اكتشاف 28 حالة مصابة بكورونا، ثم مدّدته أسبوعا إضافيا، عمدت إلى إصدار تعميم يطلب من هذه المؤسسات الاستفادة قدر الإمكان من العطلة لاستمرار التدريس باعتماد الوسائل الإلكترونية.
تأتي هذه المطالب بعد الأحداث المتتالية التي شهدها لبنان هذا العام وانعكست سلبا على المؤسسات التربوية، التي توقفت عن التدريس لأسابيع عدة نتيجة الانتفاضة الشعبية التي انطلقت منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول.
تنفيذ القرار لم يكن صعبا على الجامعات، لا سيما الخاصة؛ نظرا لاعتيادها على هذا النظام وسهولة تطبيقه بالنسبة للطلاب، لكنه كان متفاوتا بين المدارس، ما يحول دون استفادة جميع التلاميذ بالقدر نفسه.
والاختلاف هنا يظهر بشكل أساسي بين المدارس الرسمية والخاصة، إذ إن الأولى غير جاهزة بشكل كامل لهذا الأمر باستثناء بعضها التي خاضت التجربة بفضل المبادرات الفردية للمديرين والمدرسين.
يقول مصدر مسؤول في وزارة التربية اللبنانيةK إن لبنان لا يزال بعيدا عن تطبيق نظام التعليم عن بعد بمفهومه الصحيح، مضيفا: "مع تفشي فيروس كورونا والاضطرار لتعطيل المدارس هناك اجتماعات مكثفة تعقد بين وزارة التربية وإدارات المدارس الخاصة والرسمية، على أن يصدر عنها قرارات أساسية الأسبوع المقبل".
ويوضح المصدر لـ"العين الإخبارية": "قد تكون هذه الأزمة مناسبة للإسراع في وضع أسس لهذا النظام لتفعيله في أي أزمة مقبلة، خاصة أن أحداثا كثيرة أدت هذا العام لتعطيل الدراسة، وهو ما قد ينسحب على المرحلة المقبلة في ظل عدم اتضاح الرؤية وانتشار كورونا".
عن مصير العام الدراسي والامتحانات خاصة الرسمية منها التي يخضع لها التلاميذ في الصف التاسع والثانوية العامة، يقول المصدر: "في هذه الفترة نخطط كل يوم بيوم أو أسبوع بأسبوع كحد أقصى، وما زلنا متمسكين بالامتحانات حتى الساعة".
فيما لا تزال المدارس الرسمية تعتمد على الوسائل الإلكترونية مثل "واتساب" والإيميل للتواصل مع التلاميذ وإرسال الواجبات اليومية، ذهب بعض المدارس الخاصة إلى أبعد من ذلك، إذ تدرس إمكانية البدء بنظام التدريس التفاعلي، أي أن يشرح المعلمون الدرس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يمكن التلاميذ من التفاعل مع الأستاذ خاصة في الصفوف المتوسطة والثانوية.
وتقول "سلمى ع"، التي تعمل في مدرسة رسمية: "إن المدرسين بدأوا تطبيق تعميم الوزارة عبر تحضير فروض يومية وإرسالها للتلاميذ بعد حصول موافقة الوزارة عليها".
وتحدثت سلمى لـ"العين الإخبارية" عن عدم اتضاح الصورة التي يفترض أن تكون عليها المرحلة المقبلة بعد الانتهاء من الفروض المتعلقة بالدروس التي سبق أن شرحت، مضيفة: "ستكون المشكلة في الدروس المقبلة التي تحتاج الى شرح".
فيما يتعلق بالمدارس الخاصة، تقول المدرسة "ميريام س" لـ"العين الإخبارية"، إنه وبسبب عدم اعتماد المدرسة التي تعمل فيها على نظام "أون لاين"، عمدت إلى إرسال الفروض اليومية عبر الباصات التي اعتادت نقل الطلاب إلى منازلهم، ليبقوا على قدر الإمكان في أجواء الدراسة بانتظار ما سيحدث في المرحلة المقبلة.
وتشرح "منى د"، مديرة إحدى المدارس الخاصة في لبنان، الخطة التي يتم بحثها لمواجهة هذه المرحلة، وتقول: "في الأساس هناك نظام أون لاين نعتمده في المدرسة لكن لم نكن نعتمد عليه بشكل كامل إذ يقتصر على الفروض اليومية والعلامات الشهرية، لكن مع التعطيل القسري بدأ العمل على تفعيله بشكل أكبر".
وتضيف لـ"العين الإخبارية": "الآن نعتمد على إرسال الفروض والدروس إلى المنازل عبر الإيميل، والأسبوع المقبل سنبحث الخطة التي سنعتمدها في المرحلة الجديدة، حيث يعمد الأهل إلى إعادة الفروض إلى المدرسة لتصحيحها".
وتتابع: "كما تم طرح فكرة اعتماد وسيلة جديدة عبر تصوير المعلم شرح الدروس وإرسال الفيديو إلى الطلاب أو حتى عبر فتح اتصال مشترك بين التلاميذ والأستاذ ما يسمح لهم بطرح الأسئلة، فضلا عن إرسال الأسئلة عبر الإيميل".
ومع إقرارها بأن هذه الوسيلة ليست فعالة 100% بالنسبة للتلاميذ الذين لا يلتزمون جميعهم بالقدر نفسه، تؤكد المديرة أنها تظل أفضل من أن يبقوا بعيدين عن أجواء الدراسة بشكل نهائي.
وأصدر مدير عام وزارة التربية اللبنانية تعميما يتعلق بتنظيم عمل المدارس والثانويات الرسمية خلال فترة الإغلاق الناتج عن انتشار فيروس كورونا.
وقال في التعميم إنه "وانطلاقاً من مبادئ التعليم في حالات الطوارئ والأزمات المزمنة، بما يضمن تجنّب التأخير في إكمال المناهج الدراسية للعام الدراسي 2019/2020، وبانتظار استئناف المدارس والثانويات لعملها بشكل طبيعي مع انتهاء فترة الاقفال".
وأشار إلى أنه لضمان الاستفادة من هذه الفترة لوضع خطة الاستجابة الأوّلية، تعتمد في المدارس والثانويات الرسمية الإجراءات الآتية:
يلتزم مديرو الثانويات والمدارس الرسمية بالحضور إلى المؤسسات لوضع آلية للتواصل مع الأساتذة والتلامذة وأولياء الأمور، لا سيما إنشاء مجموعات على تطبيق واتساب وفيسبوك تضمن متابعة مختلف الشؤون التربوية.
ولفت التعميم إلى اعتماد المديرين على الوسائل الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، أو بأي طريقة أخرى متاحة، لوضع المواد التربوية في متناول التلامذة وذويهم، واعتبارها بمثابة فروض منزلية يقتضي إنجازها خلال فترة إقفال المدرسة/الثانوية، وإيداع نسخة عن هذه المواد التربوية إلى المرشد التربوي كل بحسب مادة اختصاصه.
وأضاف: "كذلك، التزام المديرين بإيداع المناطق التربوية ومديرية التعليم الثانوي كل في ما خصّه، التقارير اليومية عن سير العمل في المدرسة في ضوء أحكام هذا التعميم"، مؤكدا ضرورة أن تطبّق هذه الإجراءات في المدارس المعتمدة لتدريس التلامذة غير اللبنانيين بدوام بعد الظهر.