كيف يتوقف تفشي فيروس كورونا المستجد؟
خبراء يؤكدون أهمية عدم خروج الحوامل والأشخاص الأكبر من 60 عاما والذين يعانون من مشكلات صحية أخرى من منازلهم قدر المستطاع خوفا من تفشي فيروس كورونا
عندما بدأ فيروس كورونا الجديد في الانتشار ديسمبر/كانون الأول الماضي في الصين فقط، كان العلماء يتحدثون عن سيناريو متفائل يمكن به السيطرة على الفيروس وهو "الاحتواء" أو تحديد المصابين وعزلهم ما يمنع الفيروس من الانتشار في مجتمعات أخرى حول العالم.
وبدا هذا السيناريو معقولا في البداية، لا سيما أن الاحتواء كان السبب في القضاء على وباء سارس الذي ظهر عام 2003 والذي يعد من عائلة فيروسات كورونا أيضا.
وفي الوقت الحالي أصبح هذا السيناريو أقرب إلى "المستحيل"، حسب عدد من الخبراء الذين أبدوا آراءهم في تقرير مطول نشره موقع "فوكس" الأمريكي.
وقالت تارا سميث، عالمة وبائيات في جامعة كنت ستيت في أوهايو الأمريكية، إنه منذ أسبوعين أو 3 أسابيع كان هذا السيناريو منطقيا، مضيفة: "لكننا تخطينا ذلك وخرج الوضع عن السيطرة".
وأوضحت: "مع مرور الأيام تعرفنا على المزيد حول فيروس كورونا المستجد، فعلى سبيل المثال أصبح هناك دليل حاليا أن الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض شديدة يمكنهم نشر كورونا الجديد، بالإضافة إلى أن الاختبارات التشخيصية البطيئة في بعض الدول مثل الولايات المتحدة وإيطاليا وإيران جعلت من الصعب تحديد عدد الحالات أو الأماكن التي يمكن أن ينتشر فيها الفيروس".
وبالرغم من أن منظمة الصحة العالمية أعلنت عن أكثر من 100 ألف مصاب بالفيروس وأكثر من 3400 حالة وفاة حول العالم، فإنه من المحتمل أن تكون هناك أعداد أكبر من المصابين بكورونا الجديد ولم يتم اكتشافهم وتأكيد إصابتهم.
أما عن كيفية القضاء على كورونا الجديد، فكانت إجابة معظم العلماء أن هناك احتمالا في استمرار انتشار كورونا الجديد بمعدل كبير وأن يتحول إلى "وباء" يصيب البشر بانتظام مثل البرد العادي.
من جانبه، قال ناثان جروبو، عالم وبائيات في كلية ييل للصحة العامة: "بدون لقاح فعال، لا أعرف كيف سينتهي ذلك قبل إصابة الملايين به".
وأضاف: "لا يزال هناك العديد من الأمور التي يمكن القيام بها لإبطاء انتشار كورونا الجديد والحفاظ على الأرواح وتوفير الوقت لتطوير علاج أو لقاح مضاد وتجنب السيناريو الأسوأ".
وقال آميش أداليا، باحث في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي: "كان ينبغي إدراك أنه لن يتم احتواء انتشار "كوفيد - 19" بسبب طبيعته البيولوجية التي تصعب هذه العملية، وبناء على ذلك كان ينبغي على كل دول العالم البدء في الاستعداد لوباء ومن ثم زيادة الاختبارات التشخيصية وتجهيز المستشفيات وصياغة رسائل وإرشادات للصحة العامة".
وتنبأ مارك ليبسيتش، عالم الأوبئة بجامعة هارفارد في بداية تفشي كورونا الجديد، بإصابة من 40 إلى 70% من البالغين بالفيروس حول العالم خلال عام، لكنه يقدر الآن هذه النسبة بـ20 إلى 60%.
وأوضح أن معظم حالات كورونا الجديد تكون معتدلة وبسيطة، لكن هذا لا يعني أن الملايين قد يموتون، مضيفا أنه إذا لم يتم احتواء الفيروس، ستكون الطريقة الوحيدة للسيطرة عليه هي أن تصبح لدى 50% من الأشخاص مناعة ضده.
ويعول العلماء على حرارة الصيف في الحد من انتشار كورونا الجديد، نظرا لأن عددا كبيرا من الفيروسات يصبح أقل انتشارا في درجات الحرارة والرطوبة المرتفعة، وهو ما يحدث في فصل الصيف.
ويعمل الباحثون على تطوير تقنيات لقاحات جديدة مضادة لكورونا الجديد مثل لقاحات mRNA، بالإضافة إلى الأجسام المضادة العلاجية المتطورة، لكن ربما يتطلب هذا وقتا طويلا يصل إلى عام أو أكثر.
وحاليا، تشهد الصين انخفاضا ملحوظا في عدد حالات الإصابات الجديدة بكورونا، والفضل في ذلك يعود إلى الإجراءات التي تقوم بها الحكومة في سبيل احتواء الفيروس، أبرزها اكتشاف الحالات وتتبعها وتعليق التجمعات العامة.
وأكد الخبراء أهمية عدم خروج الحوامل والأشخاص الأكبر من 60 عاما والذين يعانون من مشكلات صحية أخرى من منازلهم قدر المستطاع، علاوة على التوقف عن نشر الذعر والخوف من الأشخاص من عرقيات مختلفة، لأن ذلك سيجعلهم أكثر ترددا في الإفصاح عن حالاتهم والسعي للعلاج.
وشددوا على الالتزام بالإجراءات الوقائية مثل البقاء في المنزل عند الشعور بالتعب ولو كان بسيطا، وغسل اليدين باستمرار واتباع التوصيات الصحية الرسمية وتجنب الوجود وسط أعداد كبيرة من الأشخاص قدر الإمكان.