مهندسة صعود اشتراكيي ألمانيا.. انسحاب "الشابة المعجزة"

على مدار عامين، تعلق أمل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في العودة إلى واجهة السياسة الألمانية، بشابة معجزة لم تكمل عامها العشرين.
فالفتاة ليلي بلادوسون التي تبلغ حاليا من العمر 20 عاما، وقادت على مدار العامين الماضيين، حملات الحزب الاشتراكي الديمقراطي على الإنترنت خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى في النهاية إلى تحقيق الحزب قفزة قوية وغير مسبوقة من 14% من نوايا التصويت باستطلاعات الرأي قبل فترة قصيرة، إلى حسم الانتخابات بـ25.7% من الأصوات.
لكن بلادوسون فجرت مفاجأة من العيار الثقيل، الأربعاء، مع إعلانها الانسحاب من الحياة السياسية، بعد أن كانت أحد أهم عناصر تحقيق الانتصار في الانتخابات، وحذفت موقع "تويتر" الخاص بها.
وكتبت الشابة المعجزة على "تويتر" قبل حذفه، قائلة: "قررت أن أسلك طريقًا جديدًا تمامًا بعد هذه الانتخابات".
وساعدت بلادوسون في تشكيل الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي على الإنترنت، وقدمت المشورة للحزب بشأن قضايا الإنترنت، منذ أن كان عمرها 18 عاما فقط، وتعلق بها أمل الاشتراكيين الديمقراطيين في العودة للواجهة.
وقالت الشابة عن انسحابها، في تصريحات صحفية اليوم الأربعاء: "سأواصل دراسة القانون، وأرغب أيضًا في العمل في مكتب محاماة في برلين في المستقبل".
وتابعت: "كطالبة، إنها خطوة منطقية بالنسبة لي أن أركز على موضوع دراستي إلى جانب العثور على عمل مؤقت بجانب الدراسة".
وقبل ظهور بلادوسون في 2019، كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي يعاني كثيرا في التواصل مع الأجيال الشابة، ما أدى إلى تراجع كبير في معدلات تأييده في انتخابات البرلمان الأوروبي السابقة، وانتخابات برلمانات الولايات في 2019.
لذلك، لجأت قيادة الاشتراكي الديمقراطي إلى الشابة لقيادة حملته في مواقع التواصل الاجتماعي، كأمل أخير في فتح قنوات تواصل مع الشباب، وزيادة معدلات التأييد في صفوفهم.
وكانت تجربة بلادوسون فريدة من نوعها بالنظر إلى عمرها، وعادة ما كانت الشابة تجلس في منطقة الصحفيين في البرلمان الألماني، ترتدي ملابس شبابية تناسب سنها، وتمسك حاسوبها الإلكتروني بين يديها، وتستعرض تويتر وفيسبوك وأنستقرام تارة، وتأكل تارة أخرى؛ أي تتصرف كشابة عادية، لكنها في الواقع أكثر بكثير من ذلك.
فسياسيو الحزب الكبار، كانوا يستمعون لها بشكل كبير، ويتبعون نصائحها في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي. وقبل أقل من عامين، كان نائب المستشارة الألمانية ووزير المالية والفائز بالاقتراع الأخير، أولف شولتز بطلا في أحد صور "سيلفي" التي نشرتها الشابة على صفحاتها، رغم أن الرجل معروف بالخجل، وندرة الظهور على "السوشيال ميديا".
كما كان من الطبيعي أن تنشر الشابة صورا مع وزير الخارجية هايكو ماس وهما جالسان على الأرض، وهو ما كان من الصعب حدوثه في السابق، وفق تقرير سابق لصحيفة بيلد الألمانية (خاصة).
وفي تصريحات سابقة، قالت بلادوسون لصحيفة "تاجس شبيجل" الألمانية: "أتعامل مع السياسة بشكل طبيعي وعفوي للغاية، وأتبع أحيانا طريقة خجولة في عرض المنشورات السياسية تثير الكثير من الاهتمام بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي".
ووفق الصحيفة ذاتها، فإن بلادوسون عمدت خلال العامين الماضيين إلى صياغة صورة الحزب الاشتراكي الديمقراطي بشكل يتلائم مع الأجيال الشابة، من أجل نيل ثقتهم وتأييدهم. وسبق أن قالت بوضوح في تصريحات سابقة "هدفي هو إعادة الحزب للواجهة مرة أخرى".
بدورها، اختارت صحيفة "دي تسايت" الألمانية (خاصة)، بلادوسون بين أهم 100 شخصية شابة في 2019، رفقة مشاهير أمثال توني كروس، لاعب ريال مدريد الإسباني وبطل العالم لكرة القدم مع منتخب ألمانيا في 2014.
وبدأت بلادوسون الاقتراب من السياسة وهي في سن 15 عاما، حينما خاضت تدريبا مع أحد أعضاء برلمان ولاية مكلنبورغ (شرق). وفي ذلك الوقت، قابلت الرئيس الألماني الحالي فرانك فالتر شتاينماير، الذي كان وزيرا للخارجية ونائبا بالبرلمان عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في هذا التوقيت.
ووفق تاجس شبيجل، خاض شتاينماير نقاشا طويلا مع الطفلة بلادوسون في هذا التوقيت، وانضمت الأخيرة فيما بعد للحزب الاشتراكي الديمقراطي بسبب إعجابها بالرئيس الألماني، وبدأت طريقا قادها للشهرة وبؤرة التأثير في سن مبكرة للغاية.
وعانى الحزب الاشتراكي الديمقراطي ظروفا صعبة في ٢٠١٩، حيث تعرض لخسارة كبيرة في الانتخابات الأوروبية في مايو/أيار من هذا العام، واستقالت رئيسته أندريا ناليس، وعانى فراغا على مستوى القيادة وفوضى سياسية استمرت أشهر، حتى انتخاب قيادة جديدة، ثم استمر في التراجع في استطلاعات الرأي حتى وقت قريب من الانتخابات التشريعية التي أجريت هذا الشهر.
لكن بفضل جهود سياسيي الحزب والشابة بلادوسون، نجح الاشتراكيون الديمقراطيون في العودة من بعيد والفوز بالانتخابات التشريعية، والاقتراب من حكم ألمانيا لأول مرة منذ 16 عاما.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز