هل تجاوز الرئيس الأمريكي الخطوط الحمراء وأعلن قيام قواعد جديدة للاشتباك مع إيران بعد نجاحه في توجيه ضربة ساحقة لها باغتيال قاسم سليماني
هل تجاوز الرئيس الأمريكي الخطوط الحمراء وأعلن قيام قواعد جديدة للاشتباك مع إيران بعد نجاحه في توجيه ضربة ساحقة لها باغتيال قاسم سليماني رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ومعه أبومهدي المهندس (واسمه الحقيقي محمد صقر التميمي) نائب قائد الحشد الشعبي العراقي الذي أسسه ورعاه سليماني نفسه مع غيره من المليشيات والحركات في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
يخشى أن تستغل إيران هذه الدول للرد في ساحاتها وتعريضها لأخطار كثيرة مدمرة. ولهذا على القيادات المعنية أن تدرك التداعيات وتسعى لتجنيب الشعوب ويلات حروب الآخرين لأن المثل المعروف يقول "عندما تتقاتل الفيلة تسحق الأزهار والعشب". وَيَا أمان الخائفين.
لا شك أن الوضع بعد اليوم لن يكون كما كان قبله فالحدث جلل وإيران لن تستطيع أن تقف عاجزة عن الرد بشكل أو بآخر وسط تساؤلات تتردد في كل مكان عن الزمان والمكان وحجم الرد وهو أمر حتمي لحفظ ماء الوجه.
والواضح أن الرئيس دونالد ترامب قد أقدم على هذه الخطوة بعد أن وصل إلى حالة يأس من إمكان ردع إيران ووقف تمددها في المنطقة بعد سلسلة أحداث بدأت عند إلغاء الاتفاق النووي وعدة مواجهات في مياه الخليج وضد دول حليفة مثل المملكة العربية السعودية عند قصف منشآت أرامكو الحيوية وأخيراً قصف قاعدة أمريكية في شمال العراق ولهذا أقدم على هذه الخطوة التصعيدية ليحقق أحد الهدفين المطلوبين وهما:
الاستعداد للرد وخوض غمار حرب محدودة يوجه فيها ضربة ساحقة للبنى التحتية الإيرانية أو اتباع مبدأ "اشتدي أزمة تنفرجي" أي يتم التصعيد من الطرفين وصولاً إلى مفاوضات تنهي العداء وتضمن بداية سلام في المنطقة وهذا ما ألمح إليه ترامب عندما قال إن إيران لم تربح في الحرب ولكنها نجحت دائماً في المفاوضات.
أما عن الدوافع فإضافة إلى إدراك الخطر الإيراني على مصالح الولايات المتحدة هناك عدة عوامل داخلية منها قرب موعد الانتخابات الرئاسية والهجوم الشاسع من قبل الحزب الديمقراطي الذي وصل إلى حد التخطيط لعزله.
وكان رد الكونجرس سريعاً على الضربة الأمريكية إذ اتهم قادة الديمقراطيين ترامب بأنه يعرض أمن أمريكا لحرب كارثية ودعوة إلى إطلاع الكونجرس على جميع التفاصيل والمبررات والتداعيات، خاصة أنه رمى إصبع ديناميت في برميل متفجرات.
أما إسرائيل التي هللت للضربة فقد أعلنت حالة التأهب لأنها قد تكون هدفاً للضربة كما أن بنيامين نتنياهو رأى فيها مخرجاً لأزمة فساده ودخوله السجن والعودة إلى الحكم.
يبقى السؤال عن الزمان والمكان فلا شك أن كل الاحتمالات واردة من بينها إضافة إلى إسرائيل استهداف القواعد الأمريكية في العراق والخليج والأسطول الأمريكي ومنشآت أمريكية. وما يهمنا كعرب وسط هذه الجعجعة الكلامية والتهديدات وفرقعة السلاح أن يجنب الله أمتنا الأخطار المحدقة بها وهذا يتطلب الكثير من الحذر والمشاورات واتخاذ جانب الحيطة والحذر والاستعداد لأي طارئ لأن هذه الأزمة تختلف عن غيرها.
والأكيد أن دول الخليج العربي هي أكثر الأطراف تأثراً بما جرى ويجري ومطلوب منها عقد اجتماعات طارئة لاتخاذ قرارات الوقاية وحماية المنشآت العامة، فالوضع خطير جداً وأي خطوة ناقصة أو تطور ما سيكون له أبلغ الأثر.
كما يستدعي الأمر إجراء اتصالات عاجلة مع الدول الكبرى والتشاور مع الدول العربية لاتخاذ خطوات مشتركة لتعزيز العلاقات واتخاذ موقف موحد لمواجهة تعرض أي دولة عربية للاعتداء أو الخطر.
ولا بد من الإشارة إلى أن سوريا ولبنان والعراق هي الأكثر تأثراً بما جرى والتعرض مباشرة للخطر؛ لأن نفوذ إيران قوي جداً ولها فيها مليشيات تابعة لها مثل حزب الله والحشد الشعبي وغيرهما إضافة إلى الحوثيين في اليمن المدعومين إيرانياً.
ويخشى أن تستغل إيران هذه الدول للرد في ساحاتها وتعريضها لأخطار كثيرة مدمرة. ولهذا على القيادات المعنية أن تدرك التداعيات وتسعى لتجنيب الشعوب ويلات حروب الآخرين لأن المثل المعروف يقول "عندما تتقاتل الفيلة تسحق الأزهار والعشب". وَيَا أمان الخائفين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة