بعد 32 عاما من «الوصاية الدولية».. الصومال يستعيد «سيادته الحقوقية»

أقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال جلسة عُقدت في جنيف، قرارا مهما يمنح الصومال
"حق استعادة إدارته المستقلة والتامة لملف حقوق الإنسان"، وذلك للمرة الأولى منذ العام 1993.
الخطوة وصفت بأنها نقطة تحول تاريخية في مسيرة الدولة الصومالية حيث تم اعتماد القرار الأربعاء دون الحاجة إلى تصويت، في إشارة واضحة إلى الإجماع الدولي والثقة المتزايدة في قدرة مؤسسات الدولة الصومالية على إدارة شؤونها الحقوقية باستقلالية وكفاءة.
الرقابة الدولية
يُنهي القرار الجديد رسميا نظام المراقبة الذي فُرض على الصومال منذ عام 1993 في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية، والذي خضع بموجبه سجل البلاد الحقوقي لإشراف خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة.
وبذلك، تنتقل مسؤولية الرصد والتقارير الحقوقية إلى السلطات الصومالية، في إطار تعاون فني جديد مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان يركز على بناء القدرات وتعزيز الكفاءة المؤسسية بدلا من الوصاية أو التدخل الخارجي.
وطلب القرار من المفوضية، التشاور الوثيق مع الحكومة الصومالية، وتقديم دعم تقني ومؤسسي يهدف إلى ترسيخ معايير حقوق الإنسان، مع متابعة دورية وتقديم تقارير إلى المجلس في دوراته القادمة، بما يضمن استمرارية الرقابة التعاونية دون انتقاص من السيادة الوطنية.
اعتراف دولي
اعتبر الوفد الصومالي الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، برئاسة وزيرة شؤون الأسرة وتنمية حقوق الإنسان في الصومال، خديجة محمد المخزومي، القرار بمثابة "انتصار تاريخي للشعب الصومالي"، مؤكدة أن النتيجة تعكس صمود الدولة وثقة المجتمع الدولي في مؤسساتها.
وقالت الوزيرة عقب التصويت: "هذه لحظة فخر واعتزاز. لقد أثبت الصومال أنه تجاوز مرحلة التبعية وبلغ مستوى من النضج المؤسسي يؤهله لتحمل مسؤولياته في حماية حقوق الإنسان".
الموقف الصومالي خلال المداولات كان قويا في الدفاع عن حق البلاد في استعادة ولايتها الكاملة، مستندا إلى ما تحقق من تقدم في إصلاح المؤسسات الوطنية، وتعزيز سيادة القانون، وإنشاء آليات للمساءلة والشفافية.
يوم تاريخي
من جهته، رحب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بالقرار ووصفه بأنه "يوم تاريخي في مسيرة بناء الدولة"، مشيرا إلى أن الصومال عاد ليتولى مسؤوليته الوطنية والدولية في صون كرامة الإنسان وحماية الحقوق.
وقال في بيان رسمي: بعد ثلاثة عقود من الإدارة الخارجية، أصبح الصومال اليوم مستعدا لإدارة ملف حقوق الإنسان بكفاءة واستقلالية، في إطار مؤسساته الوطنية ودستوره الاتحادي.
كما أكد أن هذه الخطوة تمثل اعترافا دوليا بالتحول الجاري في البلاد، وتعكس نضوج التجربة الصومالية وعودة الدولة إلى موقعها الطبيعي ضمن منظومة الأمم المتحدة كعضو مسؤول وفاعل.
إنجاز يعزز السيادة
من جانبه، وصف مكتب رئيس الوزراء الصومالي ،حمزة عبدي بري، القرار بأنه إنجاز تاريخي يُعيد للصومال ملكيته الكاملة لملف حقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه يشكل امتدادا لمسار الإصلاح الإداري والمؤسسي الذي تتبناه الحكومة الفيدرالية.
وقال في بيان إن القرار "يجسد ثقة المجتمع الدولي في الإرادة الوطنية الصومالية"، وأنه ثمرة جهود دؤوبة من المؤسسات الوطنية لتعزيز منظومة العدالة والشفافية وفقا للقيم الصومالية والمعايير الدولية.
كما أعرب عن تقدير الحكومة الصومالية للمملكة المتحدة لدعمها المستمر في بناء مؤسسات حقوق الإنسان، وللشراكة المثمرة مع مجلس حقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية التي رافقت مسيرة تعافي الصومال منذ التسعينيات.
تعاون جديد
ورغم انتهاء ولاية الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في الصومال، أكدت الأمم المتحدة استمرار التزامها بتقديم الدعم الفني والبرامجي لمقديشو عبر قنوات التعاون الثنائية.
ويُعد هذا التحول من آلية المراقبة إلى الشراكة مؤشرا على تحسن البيئة السياسية والمؤسسية في الصومال، ونجاحه في الانتقال من مرحلة التعافي إلى مرحلة البناء المستدام.
ويرى مراقبون أن استعادة هذا التفويض يمثل إعادة تأهيل سياسية ورمزية للصومال على الساحة الدولية، ويعكس انتقاله من حالة "الدولة الخاضعة للرقابة" إلى دولة ذات سيادة كاملة وقادرة على الالتزام بالمعايير الأممية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjUg جزيرة ام اند امز