«ثقة دولية وتأهب لدحر الإرهاب».. دلالات انسحاب أتميس من الصومال
تمضي بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال "أتميس" في تنفيذ خطتها لمغادرة التراب الصومالي بشكل تدريجي.
وفي هذا الإطار ستقوم البعثة بنقل مسؤولية 8 قواعد عسكرية إلى القوات الصومالية، كما أعلنت في وقت سابق من هذا الشهر، على أن يغادر 3000 جندي الصومال نهاية الشهر الجاري.
- بوصلة «الانتقال الأمني».. الصومال ينشد دعما دوليا لبناء جيشه
- بناء الجيش الصومالي على مائدة مؤتمر دولي بنيويورك
يأتي ذلك بعد أن علقت "أتميس" مؤقتا خطط مغادرتها التدريجية في سبتمبر/أيلول الماضي، بطلب من الحكومة الصومالية، بهدف ترتيب الصفوف الداخلية للقوات الصومالية.
وتقول السلطات الصومالية إنها قامت بالفعل بإصلاح الخلل الذي أدى لطلب تعليق الانسحاب التدريجي، ووقعت مذكرة تفاهم لمواصلة تنشيط خطط الانسحاب مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
وتأتي خطط المغادرة الجارية خلال ديسمبر/كانون الأول ضمن المرحلة الثانية من الانسحاب، حيث استكملت القوات الأفريقية المرحلة الأولى في يونيو/حزيران الماضي بخروج 3000 جندي أفريقي وتسليم سبعة قواعد للجيش الصومالي.
وفجر مستشار الأمن القومي حسين الشيخ علي مفاجأة مدوية، اليوم السبت، في تغريدة على حسابه في منصة "أكس" جاء فيها "بداية من الغد الأحد، وبكل فخر واعتزاز، ستتولى وحدات من الجيش والشرطة الصوماليين مسؤولية حماية أمن مجمع القصر الرئاسي".
وأضاف المستشار الأمني "نقول شكرا ووداعا لوحدة القوات الأوغندية العاملة ضمن قوات حفظ السلام التي قامت بحماية مجمع الرئاسي الصومالي طيلة الـ16 عاما الماضية".
وأشار حسين الشيخ علي إلى أن هذه الخطوة تمثل علامة فارقة في خطة الانتقال الأمني في الصومال، حيث يتولى الصومال مسؤولية الأمن بشكل كامل نهاية 2024، ومغادرة كافة القوات الأفريقية البالغ عددها نحو 16 ألف جندي.
إعلان مستشار الأمني القومي بإخلاء القوات الأفريقية مجمع القصر الرئاسي في قلب مقديشو، الذي يضم كلا من مكتب رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ومقر البرلمان ومقار حكومية حساسة جدا من الوزارات ومجمعات أمنية حساسة لأجهزة الاستخبارات الوطنية، نال بإشادة الصوماليين.
وكانت أتميس تحمل على عاتقها مسؤولية حماية المسؤولين الصوماليين من هجمات ومخططات اغتيالات تدبرها حركة "الشباب" الإرهابية.
وقال مصدر رفيع المستوى في الرئاسة الصومالية لـ"العين الإخبارية"، إن قوات "شرطة عسكرية" خاصة تم تدريبها وتأهيلها، ستقوم بحماية المسؤولين والمجمعات الحساسة.
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "القوات التي تسيطر على أمن المجمع الرئاسي تحظى بثقة المسؤولين الصوماليين".
وفق المصدر نفسه، تدربت القوات بشكل مكثف في دولة صربيا في برنامج خاص من الدرجة الأولى لحماية الزعماء وأداء مثل هذه المهام الأمنية.
ويقول المحلل الأمني الصومالي عبدالرحمن حاشي، لـ"العين الإخبارية"، إن استئناف مغادرة القوات الأفريقية مؤشر إيجابي لسير خطة الانتقال الأمني بشكل مدروس ومحكم، لافتا إلى أن إخلاء القصر الرئاسي يكتسب رمزية لها وقع كبير في قلوب الصوماليين، تشير إلى استتباب الأمن والاستقرار.
وتابع أن "المرحلة الثانية من الانسحاب شملت إخلاء القوات الأجنبية مجمع القصر الرئاسي"، متابعا أن هذه الخطوة "تزيد ثقة الصوماليين بأنفسهم في حماية أمن بلادهم".
وأضاف: "يبرهن الإقدام على هذا التحرك على الرغم من إمكانية تأجيله لعام على شجاعة القيادة الصومالية الحالية وتفانيها في هزيمة الإرهاب، والإيمان بقدرات الجيش الصومالي الذي يمر بطور إعادة البناء والقتال ضد حركة الشباب في آن واحد".
ويرى حاشي أن "قبول المجتمع الدولي الانسحاب الأفريقي مؤشر إيجابي على ثقته أيضا بقوات الأمن الصومالية بعد سنوات من استثمار غير متوقف في إعادة تأهيلها وتدريبها ودعمها ومدها بالسلاح والعتاد والخبرات والمشورات".
ويتوقع الخبير الأمني أن الجيش الصومالي سيعاود من جديد إشعال جبهات القتال ضد حركة الشباب خلال الأسبوعين المقبلين.
وأشار الخبير الأمني الصومالي إلى أن التعليق الفني لمغادرة القوات الأفريقية في سبتمبر/أيلول الماضي كان مفيدا للصومال محليا ودوليا، حيث تم إعادة ترتيب صفوف الجيش ميدانيا والاستعداد لهجوم كبير مطلع العام المقبل.
وفي الفترة الماضية، نجحت مقديشو في حشد دعم دولي يتمثل بانتزاع قرار تاريخي من مجلس الأمن الدولي برفع حظر الأسلحة المفروض على البلاد، وتنظيم مؤتمر دولي حول أمن الصومال في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة بقيادة الرئيس حسن شيخ محمود.