الصومال في أسبوع.. الجيش بين سندان فساد فرماجو ومطرقة حركة الشباب
مخاوف في الصومال مع انزلاق البلاد إلى مرحلة خطيرة أسوأ من سابقتها بسبب استمرار الخلافات والمشكلات التي يعانيها الجيش الصومالي.
جاءت التطورات الأمنية في الصومال والتي تنذر بإنزلاق البلاد إلى مرحلة خطيرة بسبب الخلافات والمشكلات التي تضرب أركان مؤسسة الجيش، عقيب قيام وحدات من الجيش بالتمرد، وإخلاء عدد من المواقع، كأبرز أحداث الأسبوع المنصرم.
وبرزت إلى سطح الأحداث خلال الأسبوع تفاقم مشكلة رواتب الجنود في الجيش الصومالي، حيث أفادت أنباء متواترة بانسحاب وحدات من الجيش من عدد من القواعد المهمة في إقليمي شبيلي الوسطى والسفلى؛ احتجاجا على عدم صرف رواتبهم منذ 4 أشهر.
وذكرت وسائل إعلام صومالية أن حركة الشباب الإرهابية تمكنت من السيطرة على مواقع استراتيجية عدة خصوصا الطريق الساحلي الذي يربط مدينة مركا الساحلية في إقليم شبيلي بمدينة مقديشو فور انسحاب الجنود.
على صعيد متصل، قادت التصريحات المتضاربة للمسؤولين الصوماليين وتلكؤهم في الاعتراف بوجود أزمة حقيقية وعلى رأسهم رئيس الوزراء حسن علي خيري ووزير الدفاع وطاهر آدم علمي إلى ارتفاع موجة الغضب وسط الجنود الصوماليين في وقت بدت فيه قيادات الجيش الصومالي عاجزة عن إيجاد حل لمشكلة الرواتب.
ونفى رئيس الوزراء حسن خيري وجود مشكلة في الرواتب، مؤكدا صرف الجنود لكامل مستحقاتهم، فيما أعلن أن الحكومة الصومالية غير مستعدة لدفع مستحقات جنود لا يقدمون أي خدمات للبلاد.
وأصدرت وزارة الدفاع الصومالية بيانا أكدت فيه أنها تقوم بإجراء لحصر وتسجيل الجنود، مشيرة إلى صرفهم جميع رواتب الجنود المسجلين.
وردا على المواقف الحكومية الضبابية وعدم اعترافها بوجود أزمة مالية حقيقية، عقد عدد من قيادات الوحدات العسكرية في مدينة بلعد مؤتمرا صحفيا الثلاثاء الماضي أكدوا فيه وجود أزمة مالية داخل الجيش وعدم تسلمهم للرواتب منذ 4 أشهر.
ووصف تلك القيادات الأوضاع التي يمر بها الجيش خاصة في عهد حكومة الرئيس عبدالله فرماجو بأنها الأسوأ على الإطلاق بسبب تطبيقها سياسات إقصائية وتجاهلها المتكرر لضرورة علاج المشكلات الأمنية واللوجستية ونقص تمويل الجيش.
وألقت سياسات الحكومة تجاه الجيش بظلالها على قدراته في مواجهة التهديدات الأمنية المتصاعدة لحركة الشباب الإرهابية التي ازدادت حدة هجماتها الإرهابية، بحسب مراقبين، حذروا من مخاطر استعادة الحركة لقوتها مرة أخرى.
مصادر صومالية خاصة كشفت لـ"العين الإخبارية" أن حكومة محمد عبدالله فرماجو ونتيجة ممارسات الفساد ونهب الميزانية الحكومية من قبل المسؤولين الحكوميين باتت عاجزة عن الإيفاء بمرتبات جنود الجيش الصومالي، وتقوم بالالتفات على الأزمة المالية بمبررات واهية.
وذكرت تقارير صومالية متعددة أن الفساد يتفشى وسط كبار قادة الجيش أكدت أن عددا كبيرا من الجنود تم تجنيدهم لصالح حركة الشباب المدعومة من جهات خارجية مثل قطر تمهيدا لتمزيق الجيش وتحويله إلى مليشيات.
وبحسب مصادر أمنية، تفاقمت الأزمة الأمنية في البلاد في ضوء سحب كينيا قواتها وإخلاءها جميع مواقعها في البلاد بداية الأسبوع وتلويح عدد من الدول بخطوة مماثلة.
والقوات الكينية جزء من قوة حفظ السلام الأفريقية التي تضم أيضا جنودا من أوغندا وبوروندي وجيبوتي كانت قد تشكلت في 2009 لمواجهة حركة الشباب الإرهابية.
وحذر خبراء أمنيون من تداعيات الأزمة الداخلية للجيش الصومالي على الوضع الأمني وتجدد احتمالات انزلاق البلاد نحو حالة فراغ أمني وسياسي وعودة البلاد إلى سنوات الحرب الأهلية والقبلية.
يرى الكاتب والمحلل السياسي الصومالي محمد نور سيدو أن حكومة فرماجو فشلت فشلا كاملا في إدارة الملف الأمني، متهما حكومة فرماجو وخيري بتحطيم الجيش من أجل بناء وحدات أمنية تابعة له بتمويل قطري.
وأشار "سيدو" في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى أن وصول فهد الياسين نصب نائب مدير الاستخبارات الصومالية، الملقب بعميل قطر، إلى سدة جهاز الأمن والمخابرات يمثل توجهات حكومة فرماجو في تهميش الجيش وإضعافه لصالح تقوية جهاز الأمن لقمع المعارضين والسيطرة على البلاد.
وحذر من تحول الصومال إلى دولة فاشلة ومنهارة أمنيا بسبب ضعف الجيش وتفككه إلى مؤسسات عشائرية وقبلية، ما سيقود إلى تفكك البلاد إلى دويلات صغيرة متناحرة.
واعتبر الخبير في شؤون القرن الأفريقي أحمد الحاج لـ"العين الإخبارية" أن قطر تنفذ مخططا بقيادة كل من عميلها فهد الياسين لتفكيك الجيش الصومالي وتحويل الصومال إلى دولة أمنية وقمعية.
وقال "الحاج" إن قطر قامت بإيصال عملائها بواسطة حكومة فرماجو إلى قيادة المناصب المهمة والحساسة في الجيش والشرطة لإجهاض التطورات الإيجابية في منطقة القرن الأفريقي.
وأشار إلى أن تمويل حركة الشباب الإرهابية جزء من مخطط يهدف إلى تفكيك جيش الصومال وإضعافه تمهيدا لتسليم البلاد إلى الجماعات الإرهابية مثل داعش التي تبحث عن موطئ قدم في منطقة القرن الأفريقي.
وحذر الخبير في شؤون القرن الأفريقي من انعكاسات هذه المخططات القطرية المشبوهة على أمن دولة المنطقة، ما سيقود إلى إحداث حالة خلخلة أمنية تحاول الدول الراعية للإرهاب الاستفادة منها.
واتفق الخبير السوداني في شؤون القرن الأفريقي محمد الأنور صالح مع الرأيين السابقين مؤكدا أن "الحديث عن وجود فساد في أوساط الجيش الصومالي لا يكفي، لأن هناك جهات متعددة تريد إبقاءه ضعيفا حتى لا يتمكن من القضاء على الحركات الإرهابية التي تستفيد دول مثل قطر وتركيا من وجودها".
وأضاف "الأنور"، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن "إضعاف الجيش يأتي في مصلحة دول مثل قطر التي تخطط لنشر الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي وإحداث فراغ أمني بالصومال، تمهيدا للتدخل في المنطقة لتنفيذ أجندتها ومخططاتها".
وحذر من خطورة حدوث فراغ أمني في الصومال في حال تواصل ضعف أداء الجيش على يد حكومة فرماجو، مشيرا إلى أن التهديدات الأمنية ستتفاقم داخل البلاد، وستقود إلى نشوء مؤسسات أمنية بديلة عشائرية وقبلية، ما يعني تفكك جميع مؤسسات الدولة الصومالية.