"سوق البلد" وسط بيروت.. "طاقة نور" قرب المرفأ المدمر
في قلب بيروت وعلى بعد مئات الأمتار من موقع انفجار المرفأ الذي أدى إلى تدمير نصف العاصمة بما فيها جزء كبير من أسواق المدينة.
يحاول شبان لبنانيون إعادة الحياة إلى هذه المنطقة وجمع اللبنانيين من كل المناطق عبر سوق شعبي يعرض المنتجات اللبنانية على اختلاف أنواعها.
هذا السوق الذي لا تزال مشاهده في ذاكرة الأجيال السابقة والذي كان مقصدا لكل أبناء المدينة منذ عشرات السنوات، يعود اليوم باسم "سوق البلد" بمبادرة من "جمعية أرضنا" التي أراد المتطوعون إعادة الحياة إليه رغم كل الظروف الصعبة، الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها اللبنانيون، وكانت نتيجة مشروعهم حتى الساعة أفضل من المتوقع، بحسب ما يقول أحد مؤسسي المشروع، مدير جمعية أرضنا، علي الدرة.
ويشرح الدرة لـ "العين الإخبارية" قائلا "بعد كارثة انفجار بيروت وما أصاب العاصمة قررنا أنا ومجموعة من الأصدقاء الناشطين الشباب العمل على مشروع ينطلق من فكرة "سوق مجتمعي" يجمع كل اللبنانيين من كل الأطياف والمناطق تحت مظلة "جمعية أرضنا"، واخترنا وسط بيروت لما تمثله هذه المنطقة من رمزية بالنسبة إلى كل اللبنانيين، وساعدتنا في ذلك "شركة سوليدير" عبر تقديم السوق المفتوح لنا مجانا.
أضاف: "عملنا على تطوير الفكرة انطلاقا من محاولة استعادة أسواق المدينة القديمة التي لطالما كنار نراها في "صور الأبيض والأسود" ويحدثنا عنها أهلنا وأجدادنا واخترنا أن يكون حتى الآن، يوما واحدا في الأسبوع هو يوم السبت بحيث يتمكن معظم الناس من زيارته ولا سيما العائلات منهم.
ويضيف الدرة "من هنا قمنا على المشروع بناء على أربعة مبادئ أساسية هي التنوع من حيث المنتجات واختيار المناطق والتأكيد على الجودة العالية، ولتحقيق ذلك بحثنا نحن بأنفسنا على المشاريع الصغيرة والمبادرات الفردية الموجودة في كل المناطق اللبنانية واخترنا الأفضل منها بحيث بات يشارك معنا اليوم 71 عارضا في مساحة السوق المفتوحة مجانا لعرض منتجاتهم لأن الهدف هو جمع اللبنانيين وليس الربح المادي، فيما هناك ما يزيد عن 250 عارض على لائحة الانتظار عبروا عن رغبتهم في المشاركة.
ولا ينفي الدرة أنه مع الإقدام على هذه الخطوة في ظل الأوضاع التي يعاني منها لبنان واللبنانيون كان هناك خوفا من عدم النجاح، لكنه وبعد ثلاثة أسابيع على انطلاقه يؤكد أن نجاحه كان مفاجئا بشكل ايجابي إلى حد كبير ويتزايد عدد زواره أسبوعيا.
ومع تأكيده العمل على توسيع المشروع ليشمل قطاعات ومنتجات إضافية ومتنوعة، يشرح الدرة أن المعروضات الأسبوعية حتى اليوم، تتوزع بين صغار المزارعين الذين يعرضون منتجاتهم الزراعية من الخضروات والفاكهة وغيرها وصغار المنتجين من تحضير المأكولات الجاهزة والمؤونة اللبنانية التراثية والألبان والأجبان ، كما هناك مساحات مخصصة لتحضير الطعام الطازج على أرض السوق إضافة إلى الشتول والزهور، مشيرا كذلك إلى أنه يتم العمل على توسعة المشروع ليصبح سوبر ماركت كبيرة تقدم كل متطلبات العائلات بما فيها اللحوم والأسماك.
ويتوقف الدرة عند صناعة الحرفيات بالتأكيد على أنه كان هناك إصرارا على اختيار، كما كل المعروضات، المتميز منها من ناحية الابتكار والفن في التنفيذ وذلك بهدف تسليط الضوء على أعمالهم المميزة ومنحهم فرصة لعرض منتجاتهم، مشيرا كذلك إلى النشاطات التي تنظم خصيصا للأطفال انطلاقا من فكرة المشروع عبر تعليمهم على الطبخ وصناعة الحلوى والزراعة وغيرها، وهو ما يلقى تجاوبا لافتا من الأطفال والأهالي، بحيث يتحول السوق إلى محطة أسبوعية للعائلة بكامل أفرادها.
وعن أسعار المنتجات المعروضة، لا سيما وأن هذه الأنواع عادة ما تكون مرتفعة في لبنان، يوضح الدرة " نحن حاولنا قدر الإمكان المساعدة بتقديم فرصة عرض منتجات العارضين والتسويق لها وكنا وسنبقى حريصين على النوعية الجيدة للمنتجات وبالتالي هم يبذلون جهودا أيضا لتكون بمتناول الجميع بأسعار تنافسية، مع الأخذ بعين الاعتبار الغلاء الذي طال كل شيء في لبنان بما فيها المواد الأولية التي يحتاجها المشاركون في السوق".
وفيما يتعلق بالنوعية والجودة، يشدد الدرة على أن هذه المهمة اتخذها فريق "أرضنا" على عاتقه بحيث يقوم بالمراقبة الدورية للمصانع وأماكن تحضير المنتجات والمعامل للتأكد من النظام وتوفر كل الشروط الصحية اللازمة حرصا على توفير أفضل نوعية للزبون وهذا أيضا ما تعكسه نسبة المبيعات الجيدة التي تسجل أسبوعيا رغم حداثة السوق، وهذا ما يجعلنا نطمح لتوسيع المشروع قدر الإمكان في المستقبل القريب.