بالصور.. سوق رفح التراثي.. أقواس وقباب تعيد مجد العمارة الأثرية
سوق تراثي جنوب قطاع غزة يتواصل العمل فيه تمهيدا لافتتاحه في شهر رمضان المقبل بديلا لسوق قصفته إسرائيل عام 2014.
أقواس وقباب تأخذك إلى تاريخ قديم من الحضارات وجمال العمارة، بدأت تتضح معالمها في سوق تراثي جنوب قطاع غزة، يتواصل العمل فيه تمهيدًا لافتتاحه في شهر رمضان المقبل، بديلاً لسوق قصفته إسرائيل عام 2014.
فعلى مساحة 900 متر مربع، ينهمك عشرات العمال في بناء السوق الأثري في بلدة الشوكة برفح، باستخدام كامل لمواد صديقة للبيئة مشكلا مشهدا جماليا لفت الانتباه في البلدة التي عانت كثيرًا جراء القصف الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة.
صديق للبيئة
ويقول المقاول المشرف على البناء محمود صقر: إن بناء السوق يعتمد على أدوات صديقة للبيئة حيث لا يستخدم الإسمنت، إنما الطين، والطوب الأحمر، لتدشين بناء يحاكي العمارة الفلسطينية القديمة.
وأوضح صقر في حديثه لـ"العين الإخبارية": إن ميزة البناء التكلفة المنخفضة، والعزل الحراري بما يوفر أجواء مناسبة في الصيف والشتاء، مشيرًا إلى أن تجربته وخبرته في بناء هذا النوع من المباني رشحه لبناء هذه التحفة المعمارية.
وعبر آلة مصنعة محليا، في ساحة العمل، ينهمك اثنان من العمال في خلط الطين المستخدم في صناعة الطوب، بعد أن يكون مر على مرحلة التنقية والفرز على آلية يدوية أخرى، فيما يدق 3 عمال مكعبات طينية بطريقة يدوية، وينقلها آخرون بعد جفافها لتستخدم لاحقا في البناء.
وأوضح صقر أن الطوب المضغوط، يصنع من تربة طينية تُخلط بالحصى الكركار، والرمل، وتضغط في قالب يدوي مع قليل من الماء، ليساعد على التماسك، ثم توضع المكعبات المصنوعة تحت غطاء بلاستيكي 3 أيام، وتُروى بعدها لمدة 15 يومًا بالمياه بشكل يومي.
اختيار صقر لم يكن عفويا، فقد أسهم في ذروة الحصار الإسرائيلي على غزة ومنع إدخال مواد البناء، في بناء 60 وحدة سكنية لصالح وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" لمواطنين هدمت إسرائيل منازلهم عام 2009، وقبل ذلك، أقام وحدات في الأغوار بالضفة الغربية.
هوية تراثية
ويحتوي السوق على 20 محلًا تجاريًا على مساحة 900 متر مربع، يضاف لها ألفا متر إلى جانب خان، ومكاتب إدارية.
ويشير صقر إلي أنهم اعتمدوا فكرة الأقواس والقباب كأسقف للمحال التجارية والممرات وغرف الإدارة؛ لتشكيل هوية تراثية وحضارية مميزة، أبهرت المترددين على المكان رغم عدم استكماله.
وارتبطت القباب والأقواس بالحضارة اليونانية القديمة، ووظفتها العمارة الإسلامية بأشكال مختلفة، فيما لا تزال بعض معالمها حاضرة في مباني أثرية بغزة إلى هذا اليوم.
رسالة للاحتلال!
منصور بريك رئيس بلدية الشوكة، المسؤولة عن إقامة المشروع، يوضح لـ"العين الإخبارية" أن بناء السوق جاء بديلا عن السوق الذي قصفت إسرائيل خلال العدوان على غزة عام 2014، مبينا أنهم اختاروا أن يكون البناء الجديد صديقا للبيئة، وشكلا غير تقليدي يوجه رسالة للاحتلال أننا باقون ومتجذرون في رضنا وهذه حضارة بلادنا باقية ولن تزول.
وتقع بلدة الشوكة شرق رفح جنوب قطاع غزة ويقطنها 17 ألف نسمة، وكانت بالماضي عبارة عن أرض خالية من السكان غير أن بناء مطار ياسر عرفات على أراضيها عام 1994 شكل حدثا مهما ودفع الكثير من المواطنين للإقامة فيها، وهو المطار الذي دمرته إسرائيل لاحقا، فيما كان قرب البلدة من الحدود مع إسرائيل سببا في استهدافها المتكرر.
وقال بريك: "عندما فكرنا بإعادة بناء المشروع أردنا نمطا جديدا ومغايرا، يعكس الحضارة القديمة والهوية المعمارية لمراحل سابقة، ما يجعله يشكل حالة جذب للجمهور".
ويشير بريك إلى أن السوق يشمل محلات على مسحة 900 متر، بالإضافة إلى مساحة محيطة تصل إلى 2000 متر سيستفيد منها الباعة والتجار في تسويق بضاعتهم، إلى جانب أنه سيضم مكاتب حراسة وإدارة ومياهًا للشرب، وسيكون ممره مغطى لتسهيل التسوق.
ووفق صقر وبريك، من المقرر أن ينجز المشروع حتى بداية شهر رمضان المقبل ليجري افتتاحه في الأجواء الرمضانية.