استقرار وتنمية ومشروعات جديدة.. جنوب ليبيا ينفض غبار الحرب

بعد سنوات عصيبة من الاقتتال والنزوح وهيمنة الجماعات الإرهابية، بدأت مدينة مرزق، الواقعة في أقصى الجنوب الليبي، تفتح صفحة جديدة عنوانها الاستقرار والتنمية.
يأتي ذلك بجهود تقودها القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، في خطوة تهدف إلى إعادة ترتيب المشهد الأمني والاجتماعي في منطقة لطالما كانت بؤرة توتر مزمن.
مشروعات تنموية
في مشهد يعكس بداية تحول جذري، دشن القائد العام للجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، اليوم الإثنين سلسلة من المشروعات التنموية والخدمية، تضمنت صيانة وتجهيز 1500 وحدة سكنية، إلى جانب إعادة تأهيل مؤسسات حيوية شملت: مقر بلدية مرزق، السجل المدني، جامعة فزان، كلية التقنية الطبية، معهد المهن الشاملة، ومبنى البريد.
كما شملت هذه المشروعات تطوير شبكات الكهرباء والمياه والطرق، في مؤشر على السعي لإعادة إعمار الجنوب وتوفير بيئة ملائمة لعودة الحياة الطبيعية إلى مرزق، بعد سنوات من الانقطاع والعزلة.
منطقة تنهض من تحت الركام
عانت مرزق خلال السنوات الماضية من اضطرابات أمنية واسعة، وصراعات قبلية دامية، فضلًا عن تغلغل جماعات إرهابية استغلت هشاشة الوضع الأمني.
لكن المشهد بدأ يتغير مع جهود المصالحة الوطنية والتي تُوجت باتفاق بين مكوني التبو والعرب، أنهى سنوات من العنف، ومهّد لعودة آلاف النازحين إلى منازلهم.
مرزق والقطرون.. موقع استراتيجي حساس
تمثل منطقتا مرزق والقطرون أهمية استراتيجية بالغة في جنوب ليبيا، باعتبارهما معبرًا تقليديًا للجماعات المتطرفة العابرة للحدود، مثل بوكو حرام، داعش، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
كما تقع هذه المناطق على خطوط تماس مع تشاد والنيجر، ما يجعل السيطرة عليها مسألة مركزية في جهود تعزيز الأمن القومي، وقطع طرق التهريب والهجرة غير النظامية، وتدفقات السلاح.
تحركات عسكرية
وفي موازاة المشروعات المدنية، أطلقت قوات الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية موسعة في مدينة القطرون، استهدفت مواقع للمعارضة التشادية وعصابات التهريب.
وأكدت رئاسة أركان القوات البرية أن العملية أسفرت عن القضاء على عدد من المسلحين، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات، بالإضافة إلى السيطرة على أوكار تهريب ومخازن سلاح.
وأشارت إلى أن هذه العمليات نُفذت بدعم من القيادات المحلية وشيوخ القبائل، ما يعكس حالة من التلاحم الشعبي مع المؤسسة العسكرية.
المصالحة الوطنية.. ركيزة للمرحلة المقبلة
تزامنت هذه التطورات الميدانية مع جهود سياسية يقودها مجلس النواب الليبي، الذي أجرى سلسلة مشاورات ومؤتمرات مع نخبة من الخبراء وممثلي المجتمع، بهدف إقرار قانون المصالحة الوطنية، كاستحقاق أساسي في طريق تنظيم الانتخابات المؤجلة، وإنهاء حالة الانقسام.
وتُعد تجربة مرزق في المصالحة بين العرب والتبو نموذجًا واعدًا يمكن تكراره في مناطق أخرى، لترسيخ السلام المجتمعي وبناء الثقة بين المكونات الليبية.
aXA6IDE4LjExNi40Mi4xNDMg جزيرة ام اند امز