شبح الحرب يعود لطرابلس.. عراب فجر ليبيا يهدد بحصار العاصمة
عاد شبح الحرب إلى العاصمة الليبية طرابلس بعد عام كامل من حلم الاستقرار ووقف إطلاق النار ومسارات الحل التي تنتهي بالانتخابات.
ولأن أزمة ليبيا أمنية في الأساس كما يقول خبراء سياسيون وأمنيون فإنه كان لا بد من وضع حل للمليشيات المسلحة قبل المسير إلى الانتخابات.
ويرى خبراء ليبيون أن المليشيات الإجرامية وعلى رأسها مليشيات الصمود التي يقودها الإرهابي المطلوب دوليا صلاح بادي، ومليشيات اغنيوة الككلي وغيرها ستعيد البلاد إلى "مشاهد 2014" حين انقلبت على نتيجة انتخابات مجلس النواب، فيما عرف حينها بـ"انقلاب فجر ليبيا".
ماذا حدث؟
مساء الأربعاء، شهدت طرابلس، ليلة طويلة من الاستنفار الأمني والتجول بأرتال مسلحة بأسلحة ثقيلة في شوارع العاصمة الليبية، ومحاصرة مبانٍ رسمية ومقرات حكومية رئيسية مثل مقر المجلس الرئاسي ومقر رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع وغيرها.
وقالت مصادر أمنية من العاصمة طرابلس -رفضت التصريح باسمها لخطورة الوضع الأمني- إن القوات المهاجمة هي مجموعة موالية لآمر منطقة طرابلس العسكرية المقال صباح الأربعاء من المجلس الرئاسي عبدالباسط مروان، بإمرة صهره "معطي بن رمضان".
وتضم القوة المهاجمة -حسب المصادر- "قوة دعم الاستقرار برئاسة المليشياوي غنيوة الككلي ومليشيات ثوار طرابلس ومليشيات الشيخ حكيم الـ42 ومليشيات النعاعجة المنتمية لمدينة ترهونة".
وتطالب المليشيات المهاجمة بإعادة مروان إلى منصبه، خاصة بعد إدانته في هجومه بمسلحيه على معسكر التكبالي الذي تسبب بمقتل ضابطين والتنكيل بثالث، بعد اقتحام مليشيات منزله، وفقا للمصادر نفسها.
وفي المقابل، تحشد القوات الموالية لآمر منطقة طرابلس العسكرية الجديد عبدالقادر منصور خليفة لطرد المليشيات التي تحاصر المقار الرسمية.
وأعلن المركز الإعلامي الحربي بالمنطقة العسكرية طرابلس أنه سيتصدى للمهاجمين الذين وصفهم بـ"المجرمين السارقين والشاذين الفاسدين وخريجي السجون والخونة والإرهابيين والقتلة".
وأضاف المركز عبر صفحته الرسمية على فيسبوك أن "من يحاول زعزعة أمن واستقرار العاصمة سيكونون بعون الله لهم بالمرصاد".
وأصدر المجلس الرئاسي الليبي القرارين (55) و(56) لسنة 2021، بإقالة آمر منطقة طرابلس العسكرية الليبية عبدالباسط مروان من منصبه، وترقية العميد عبدالقادر منصور خليفة إلى رتبة لواء، وتكليفه آمرا للمنطقة العسكرية إثر تدهور الوضع الأمني.
من هو بادي؟
وتزامن هجوم المليشيات مع تصريحات المعاقب دوليا صلاح بادي قائد ما تعرف بمليشيات الصمود، بإعلان عزمه محاصرة المقار الحكومية بالعاصمة طرابلس، وتعطيل إجراء الانتخابات الرئاسية، بالقوة كما فعل عام 2014 حين انقلب على نتيجة انتخابات مجلس النواب وطرده من العاصمة.
حينها استولى "بادي" على العاصمة الليبية بعد تدمير معظم منشآتها الحيوية، وعلى رأسها مطار طرابلس الدولي.
ولـ"بادي" تاريخ طويل في الانقلاب على مسارات الحل السياسي للأزمة الليبية، زاعما أنه بذلك يدافع عن "حقوق الثوار والمصابين وقتلى الحروب".
وسبق وهدد صلاح بادي بالانقلاب على الانتخابات حال ترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر للانتخابات الرئاسية.
كما سبق وأعلن رفضه اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف بين الفرقاء الليبيين أكتوبر/تشرين الأول 2020، وهدد بحمل السلاح ورفض الحوار السياسي.
و"بادي" يحمل رقم 71 ضمن قائمة الإرهاب التي أعلنها مجلس النواب الليبي منذ عام 2017 ، والتي تشملت أكثر من 75 إرهابياً متورطين في جرائم حرب داخل ليبيا.
كما أن بادي مدرج منذ عام 2018 على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، إضافة إلى عقوبات من قبل بريطانيا وفرنسا منها تجميد أرصدته ومنعه من السفر.
الأزمة الأمنية والتحالفات
ويرى الخبير الأمني الليبي العميد إدريس العصليبي أن المليشيات تخطط لإفشال الاستحقاق الانتخابي بأي ثمن، ولجأت إلى توتر الوضع الأمني خاصة بعد التحذير السابق من وزير الداخلية من أي توتر أمني سيؤثر على مسار العملية الانتخابية.
وتابع في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن هذه المليشيات وإن كانت مختلفة الأيديولوجية وتحاربت فيما بينها عشرات المرات إلا أنها دائما ما تتوحد في وجه الوطن، مثلما توحدت أمام الجيش الليبي عام 2019.
وأردف أن ما حدث يؤكد أن الأزمة في ليبيا أزمة أمنية بامتياز، وأن من يتجاوز هذا الملف لا يريد الاستقرار للبلاد.
وطالب بتفعيل بنود وقف إطلاق النار والاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات ومخرجات الحوار السياسي في جنيف والقاضية بحل المليشيات ونزع سلاحها، كخطوة أساسية للحل.
ورقة ضغط
أما الخبير السياسي الليبي محمد اللافي فيرى أن المحاصرة ليست أكثر من ورقة ضغط، وهم يدركون عقباتها جيدا، ولذلك لن تطول فقد سبق وحاصرت مقر الرئاسي لإجباره على اتخاذ قرارات معينة ثم فكت الحصار.
وتابع أن الحصار سينفض بمجرد إعلان السلطات الليبية عدم قدرتها على تأمين الانتخابات التي تعلم بالأساس استحالة إجرائها في موعدها، بعد 9 أيام من الآن.
وأكد اللافي أن السلطات الليبية تعلم أنه لن يرضى بتصعيد في العاصمة، وإلا لكانت احتجزت عددا من القيادات في المقار التي حاصرتها وهو ما لم يحدث.
واختتم بأن ما حدث يؤكد أهمية دعم لجنة 5+5 العسكرية في مقرراتها، والقاضية بحل المليشيات لأنها السرطان الذي ينهش في جسد الدولة الليبية، وأنه ببقائها لا حل قريبا للأزمة وإنما مجرد مسكنات وتدوير للوجوه.