صحف غربية: داعش مات جغرافيا.. لكن أفكاره الإرهابية حية
التخلص من خلافة داعش جغرافيا في سوريا والعراق لم يقتل أفكار التنظيم الإرهابي الذي لا يزال مصدر إلهام للمتشددين حول العالم.
منذ 5 أعوام، سيطر تنظيم داعش على مساحة تمتد لـ34 ألف قدم من أراضي العراق وسوريا، وجمع مليارات الدولارات من أموال الضرائب وعائدات النفط، قبل أن تختفي دولته المزعومة تقريبًا.
وبعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنائس وفنادق بسريلانكا، وأسفر عن 359 قتيلا ومئات الجرحى، أصبح واضحاً بشكل مخيف النفوذ المستمر لأيدلوجية هذا التنظيم، إذ تعد تلك الهجمات واحدة من الأشد فتكا بالعالم منذ أحداث 21 سبتمبر/أيلول 2001.
- رئيس سريلانكا يطلب استقالة قائد الشرطة ووزير الدفاع على خلفية "المذبحة الإرهابية"
- مولوي زهران هاشم.. "المحرض" على مذبحة سريلانكا
بيتر بيرجن، محلل شؤون الأمن القومي في شبكة "سي إن إن" الأمريكية نائب رئيس مركز أبحاث "نيو أمريكا"، وصف هجمات عيد الفصح في سريلانكا بأنها "رسالة تذكيرية مروعة" بأن أيدلوجية تنظيم داعش لم تخمد بخسارة خلافته المزعومة.
واستشهد بيرجن، في مقال له عبر "سي إن إن"، بما قاله مسؤول أمريكي حول إلهام داعش للمجموعة التي نفذت هجمات سريلانكا، مستنداً إلى معلومات تفيد بأن مشتبها به داعشيا أخبر مسؤولين هنود أنه درب متطرفا سريلانكيا مرتبطا بجماعة التوحيد الوطنية التي تتهمها السلطات بالوقوف وراء الهجمات الأخيرة.
وأعادت مجزرة سريلانكا للأذهان هجوم نفذه داعش في الفلبين، قتل خلاله 20 شخصاً داخل كنيسة، يناير/كانون الثاني الماضي، سبقها تبنيه هجمات على ثلاث كنائس في إندونيسيا، مايو/أيار 2018، خلفت 12 قتيلًا وإصابة آخرين، فضلًا عن هجوم على كنيستين في مصر عام 2017، أسفرت عن 49 قتيلًا.
وقال بيرجن إنه كما يتضح، فإن قتل خلافة داعش جغرافيًا لم ينهِ أفكار التنظيم، الذي لا يزال يلهم المتشددين حول العالم، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة شهدت ظاهرة مشابهة مع أيدلوجية أنور العولقي، رجل الدين المولود في الولايات المتحدة، وأصبح قائدًا لتنظيم القاعدة باليمن.
وأشار بيرجن إلى أن العولقي قتل خلال غارة أمريكية في اليمن عام 2011، لكن حتى بعد موته أثرت أفكاره على أكثر من 80 إرهابيًا في الولايات المتحدة، طبقًا مركز أبحاث "نيو أمريكا".
واتفقت صحيفة "واشنطن بوست" مع رأي المحلل الأمريكي، حيث قالت إنه ربما لم تعد قوات تنظيم داعش تسيطر على مساحات من الأراضي في العراق وسوريا، لكن الهجمات المنظمة في سريلانكا أثبتت أن التنظيم لا يزال يمكنه التسبب في مذابح تتخطى حدود خلافته المزعومة.
وقال خبراء متخصصون في شؤون الإرهاب إنه رغم خسارة داعش لأراضيه لكنه لا يزال مؤثرا، إذ يسهل الهجمات ويعد مصدر إلهام لأتباعه، من بينهم من فجروا أنفسهم هجمات الأحد الدموي.
بدورهم، أكد مسؤولون أمريكيون سابقون وحاليون أن السلطات السريلانكية حملت مسؤولية الهجمات لجماعة التوحيد الوطنية، لكن الجماعة ليس لها تاريخ من العمليات الإرهابية الكبيرة ولم تكن معروفة لدى وكالات الاستخبارات الأمريكية.
وقالت ريتا كاتز المؤسس المشارك بمجموعة "سايت" للاستخبارات إن داعش بنى شبكته العالمية من خلال تجنيد المقاتلين من المجموعات المتطرفة الموجودة حول العالم.
وبحسب هؤلاء المسؤولين، فإن وكالة الاستخبارات الأمريكية كانت تتعقب مجهودات التنظيم في تجنيد المقاتلين، وما يثير القلق الآن أن نحو 40 رجلا سريلانكيا غادروا بلادهم للقتال مع داعش في العراق وسوريا، وهناك ربما تعرفوا على أساليب المجموعة لصناعة متفجرات وتنسيق الهجمات.
وقال مسؤول سريلانكي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، إنه في وقت مبكر يرجع إلى 2017، حذرت الولايات المتحدة المسؤولين في سريلانكا من أن داعش يجند مقاتلين في جنوب آسيا، وأن تلك الجزيرة الواقعة بالمحيط الهندي قد تصبح "مركزًا" لأنشطة التنظيم.
لكن مسؤولين أمريكيين، تحدثوا أيضًا عن أنه لم يكن هناك ما يشير إلى أن واشنطن كان لديها إنذار مسبق بشأن هجمات عيد الفصح، مؤكدين أنه لو كان لديها معلومات لكانت أرسلتها للسلطات في سريلانكا.