لجنة "أبيي".. رياح سلام بين جوبا والخرطوم تخشى تقلبات السياسة
أعاد قرار رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، الإثنين الماضي، بتشكيل لجنة حكومية للتفاوض مع السودان حول ملف منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين روح الأمل من جديد لشعب جنوب السودان وعشائر دينكا نقوك التي تستقر بالمنطقة.
خطوة جاءت بعد أن أوشك الجميع أن يفقد الأمل في عودة الهدوء بعد مخاوف من عدم إحراز أي تقدم في ملف المنطقة من جانب الخرطوم، إلى جانب عدم قيام السلطات في جوبا باعتماد مخرجات الاستفتاء المجتمعي الذي أقامه مواطنو أبيي في أكتوبر/تشرين الأول 2013.
وعلى الرغم من تأخر الخطوة، لكنها استقبلت بحفاوة كبيرة، لكونها المخرج الوحيد للأزمة التي ظلت معلقة طويلا منذ توقيع اتفاق السلام الشامل في العام 2005 بين الحكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان.
وكلف رئيس جنوب السودان في مرسوم رئاسي توت قلواك مستشار الشؤون الأمنية، برئاسة لجنة تتمثل مهامها في التوصل إلى حل نهائي بشأن ملف أبيي مع الجانب السوداني، وينوب عنه في اللجنة دينق الور كوال، وزير شؤون شرق أفريقيا بالحكومة الانتقالية وأحد القيادات السياسية للمنطقة، بجانب 7 أعضاء آخرين من بينهم من تولوا المسؤولية عن ملف المنطقة وبرلمانيون مشهود لهم بالخبرة في المجال العام.
تفاؤل
بيتر جيمس، كاتب صحفي ومحلل سياسي في جنوب السودان، اعتبر أن تشكيل لجنة للتفاوض مع السودان بخصوص ملف أبيي يعد خطوة مهمة في دعم سبل السلام والاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى أن بقاء المنطقة معلقة بين البلدين يفاقم من معاناة سكانها يوما بعد يوم.
وأضاف، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "تشكل اللجنة سيقود لإيجاد حل ناجع لقضية أبيي، فمهامها ستكون استئناف التفاوض مع الجانب السوداني، وفي ظل أجواء السلام التي يعيشها البلدان أتوقع أن يكون هناك استقرار في المنطقة خلال الفترة المقبلة، فقط اللجنة تحتاج لعقد مؤتمرات قاعدية مع أصحاب المصلحة وأطراف الحكومة لتوحيد موقفها التفاوضي".
وأعطت اتفاقية السلام الشامل السودانية الموقعة في 2005 مواطني منطقة أبيي حق التصويت في استفتاء يختارون فيه ما بين البقاء في السودان أو العودة لجنوب السودان.
غير أنه تعذر إجراء الاستفتاء بسبب عدم التوصل لاتفاق بين حكومتي البلدين حول الترتيبات الخاصة بإقامته.
وتمسكت الخرطوم بمشاركة قبيلة المسيرية، بينما تصر جوبا على أن يقتصر التصويت على قبيلة دينكا نقوك، بحجة أن الأخيرة غير مقيمة في المنطقة بشكل دائم، ويأتي سكانها للرعي في موسم الجفاف، وهو ما ترفضه الخرطوم التي تقول، إن "النشاط الرعوي لا ينفي صفة المواطنة".
الهشاشة الأمنية
ويرى ماركو أنقوك، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي في جنوب السودان، أن طبيعة تكوين اللجنة يؤكد الطابع القومي لقضية أبيي، مطالبا الخرطوم وجوبا بالجدية في التعامل مع هذا الملف حتى لا تنفجر الأوضاع مرة أخرى بسبب الهشاشة الأمنية.
وأضاف أنقوك في حديث لـ"العين الإخبارية": "قضية أبيي قضية قومية، لذا نشيد بالخطوة التي اتخذها رئيس الجمهورية بتكوين لجنة تفاوض مع الحكومة السودانية للوصول إلى حل نهائي للقضية".
واستدرك قائلا: "إلا أنه يجب على المسؤولين في الدولتين التعامل بجدية مع هذه القضية حتى لا تتفجر الأوضاع ويحدث ما لا تحمد عقباه، خصوصاً أن الوضع الأمني في غاية الهشاشة، فضلاً عن تصاعد حالة الغبن والاحتفان بين سكان المنطقة جراء الهجمات المتكررة التي تشنها المليشيات في ظل غياب الدور الرقابي والأمني للقوات الأممية التي فشلت في السيطرة على المشكلات التي تحدث بشكل متكرر".
ويقضي الرعاة من قبيلة المسيرية حوالي 8 أشهر من العام جنوب أبيي -من نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى يونيو (حزيران)- قبل أن ينتقلوا شمالا بماشيتهم التي تقدر بحوالي 10 ملايين رأس من الأبقار بخلاف بقية المواشي.
أما لوار نيوك الكاتب الصحفي والمحلل السياسي من جوبا، فقال إن قرار تشكيل لجنة لقيادة التفاوض من جديد لأجل التوصل لحل نهائي لقضية أبيي جاء متأخرا بعد أن صمتت الحكومة في جوبا طويلا منذ أن قامت حكومتا السودان وجنوب السودان برفض نتائج الاستفتاء المجتمعي في العام 2013.
وزاد بالقول في حديث لـ"العين الإخبارية" إنه "رغم ذلك نتفاءل بتكوين اللجنة وتفاؤلنا يزداد بوجود مسؤول ملف أبيي دينق أللور كوال نائباً لرئيس اللجنة فهو دبلوماسي ومفاوض من طراز فريد سيستفيد رئيس اللجنة من خبرته لذلك نتفاءل، مع الأخذ في الاعتبار قضية أبيي تحتاج لإرادة سياسية من الدولتين وضغط من الأُسرة الدولية وخاصة أمريكا".
ونتيجة لفشل حكومتي الخرطوم وجوبا في الاتفاق على قواعد إجراء الاستفتاء وتشكيل المفوضية المشرفة عليه قامت قيادات منطقة أبيي بالشروع في إجراء استفتاء مجتمعي في الموعد المحدد من قبل الاتحاد الأفريقي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2013 نظمت قبيلة دينكا نقوك استفتاء أحاديا، وصوّت الناخبون من المنتمين لقبائل دينكا بالموافقة على ضم أبيي إلى جنوب السودان، بنسبة 99.9% من الأصوات، وسط مقاطعة من حكومتي الخرطوم وجوبا، وقبيلة المسيرية.
aXA6IDE4LjExOS4xMDguMjMzIA== جزيرة ام اند امز