نازحو جنوب السودان واتفاق الخرطوم.. بارقة أمل تنتظر "الأفعال"
رغم توقيع الفرقاء بجنوب السودان اتفاقا وضع حدا لحرب امتدت لأعوام، إلا أن هذه البارقة لم تخل من تساؤلات حول ما يحمله قادم الأيام.
وأمس الأحد، وقّعت الحكومة في دولة جنوب السودان على وثيقة اتفاق للسلام مع مجموعة من المعارضة المسلحة المنشقة عن النائب الأول لرئيس الجمهورية ريك مشار.
وجرى التوقيع الذي جاء بعد مفاوضات استمرت قرابة أسبوعين، من قبل مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية توت قلواك مانمي، فيما وقع عن المعارضة المنشقة زعيمها الجنرال سايمون قاتويج، في العاصمة السودانية الخرطوم.
وبينما يُنظر لهذا الاتفاق على أنه بارقة أمل جديدة، إلا أنه يطرح تساؤلات حول الأثر المتوقع أن يحققه بخصوص منطقة أعالي النيل الملتهبة والتي لم تنعم بالسلام والاستقرار النسبي الذي تشهده بقية أرجاء البلاد بعد التوقيع على اتفاق السلام المنشط بين الحكومة ومجموعات معارضة عام 2018.
ويرى أدموند ياكاني، الناشط المدني ورئيس منظمة تمكين المجتمع من أجل التنمية، أن الاتفاق الموقع بين الحكومة وفصيل المعارضة المنشق عن مشار بقيادة سايمون قاتويج المعروفة بمجموعة "إعلان كيتقوانق"، سيقود إلى وقف أعمال العنف المسلح وفقد المزيد من الأرواح والممتلكات.
وقال في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "هذا الاتفاق سيقود لوقف شامل لإطلاق النار، وهذا ما كنا ندعو له باستمرار، الخطوة التالية هي التنفيذ المخلص لاتفاق سلام الخرطوم بين الحكومة ومجموعة سايمون قاتويج".
وجاء التوقيع على اتفاق الخرطوم بين الحكومة ومجموعة سايمون قاتويج، بعد عدة مناشدات أطلقها مسؤولون حكوميون وناشطون في المجتمع المدني لرئيس البلاد سلفاكير ميارديت، من أجل التدخل لاحتواء خلافات المعارضة المسلحة.
دعوات تصاعدت بعد تجدد أعمال العنف المسلح بين المجموعتين في ديسمبر/كانون الأول المنصرم، والتي أدت إلى مقتل ما يزيد عن 50 شخصا في منطقة المقينص الحدودية.
من جهته أكد موريس صموئيل رئيس الوفد التفاوضي لمجموعة المعارضة المسلحة، أن الطرفين استطاعا من خلال الاتفاق الموقع بالخرطوم، أن يضعا النقاط على الحروف في الجوانب المتعلقة بالترتيبات الأمنية، لافتا إلى أنه "سيقود إلى حالة سلام واستقرار في ولاية أعالي النيل الكبرى في القريب العاجل".
وفي تصريحات للتلفزيون الحكومي بجوبا، أضاف صموئيل" نشكر دولة السودان التي قامت برعاية هذا الاتفاق، كما نشكر الرئيس كير لاستجابته لنداء مجموعة كيتقوانق التي أكدت التزامها باتفاق السلام المنشط نصا وروحا".
مستطردا "رسالتنا لشعب جنوب السودان الموجود في معسكرات النزوح واللجوء أن يعودوا لمناطقهم في أعالي النيل، لأن الحرب قد توقفت وجاء وقت التنمية والبناء".
ووفق صموئيل فإن أهم النقاط التي تضمنتها وثيقة الاتفاق الموقعة بينهم والحكومة، تتمثل في "الالتحاق باتفاق الترتيبات الأمنية المنصوص عليه في اتفاق السلام المنشط، من خلال تحديد مراكز لتجميع وتدريب قوات مجموعة المعارضة".
كما يتضمن "وجود عفو عام يصدره الرئيس بحق أعضاء المجموعة من أجل تعزيز الثقة، وقيام الحكومة بدعم مراكز تجميع وتدريب القوات، على أن يكون هناك وفد حسن نوايا ترسله مجموعة المعارضة للعاصمة جوبا لبدء مشاورات تنفيذ ما تم التوصل إليه في اتفاق سلام الخرطوم".
وفي أغسطس/آب من العام الماضي، اندلعت اشتباكات في منطقة أعالي النيل بين أنصار مشار والموالين للجنرال سايمون قاتويج، بعدما حاول الأخير أن يحل محل الأول في رئاسة الحزب الذي ينتمي إليه كلاهما "الحركة الشعبية لتحرير السودان".
واندلعت الاشتباكات في أعالي النيل بعدما أعلن خصوم مشار عزله من رئاسة الحزب ومن جناحه العسكري، فيما اعتبره حلفاء الرجل "انقلابا فاشلا".
"الأفعال قبل الأقوال"
وبالنسبة لجيمس ياك، وهو مواطن مقيم في إحدى معسكرات اللاجئين بولاية النيل الأبيض السودانية المتاخمة لولاية أعالي النيل، فإن أي حديث عن عودته مع أفراد أسرته لقريته التي فرّ منها بسبب الاقتتال "يحتاج لضمانات كافية وليس مجرد وعود".
وأضاف في حديث هاتفي مع مراسل "العين الإخبارية" في جوبا: لا يمكنني العودة إلى قريتي في هذه الظروف، فالحديث عن السلام يتطلب أفعالا على أرض الواقع، لم نعد نثق في أي طرف".
وتساءل "كم من اتفاق تم توقيعه والنتيجة هي المزيد من الموت والتشريد بسبب السلطة؟، الناس هنا في المعسكرات يريدون ضمانات حقيقية".
لكن المؤكد لدى ياك، هو أنهم سيراقبون الأوضاع إلى حين "أن يثبت القادة مصداقيتهم في الواقع وليس في الأوراق" على حد قوله.
وتابع: "نريد أن يتصالح معنا القادة أولا ، ونحتاج أن يتم تعويضنا عما فقدناه من ممتلكات لأننا لم نكن طرفا في الخلاف الذي وقع بين مجموعة مشار وسايمون قاتويج".
ولم تشهد منطقة أعالي النيل الكبرى الواقعة على التخوم الشمالية الشرقية لدولة جنوب السودان أي استقرار بسبب وقوعها تحت سيطرة مجموعات تابعة للمعارضة المسلحة بقيادة ريك مشار، رافضة لاتفاق السلام الموقع بين الحكومة وجماعات معارضة عام 2018.
وتأزمت الأوضاع مؤخرا بعد وصول الخلافات إلى مرحلة النزاع المسلح في أعقاب إعلان مجموعة من الجنرالات بقيادة سايمون قاتويج، الإطاحة بمشار من قيادة الحركة، العام المنصرم.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNy4yMzEg جزيرة ام اند امز