بالصور.. "العين" تزور أشهر إيطالية في باريس
الفصل الأول من القصة يبدأ في عام 1503 م، طلب تاجر الحرير من فلورنسا "فرانشيسكو ديل جيوكوندو" من صديقة الفنان ليوناردو دافنشي رسم زوجته.
للإيطاليين حساسية خاصة فيما يخص تاريخهم، خاصة عندما يمسّ أمورا مثل الطعام أو الفن الإيطالي، فهم يرون أنهم كانوا سبّاقين في تلك المجالات.
دوما كان هناك صراع من نوع مختلف بين الفرنسيين والإيطاليين، يخص أحد أشهر اللوحات العالمية، وعلى الرغم من أن الصورة وراسمها وصاحبتها إيطاليون إلا أنها تقبع في قلب العاصمة الفرنسية باريس، وهو ما أثار سخط كثير من الإيطاليين على مدار الزمن.
الفصل الأول من القصة يبدأ في عام 1503 م، حيث طلب تاجر الحرير من فلورنسا "فرانشيسكو ديل جيوكوندو" من صديقه الفنان ليوناردو دافنشي الذي كان الأشهر في عصره أن يرسم له زوجته، أم طفليه، بعد أن استقرت العائلة في منزل جديد، وأراد الزوج السعيد تزيينه بلوحة لزوجته. في نهاية الأمر لم يحدث ذلك لأن اللوحة بقيت غير منتهية عندما غادر دافنشي ميلانو وأخذها معه إلى فرنسا، حيث توفي هناك. اللوحة سميت الجيوكوندو أو موناليزا، أي "السيدة ليزا"، وهو اسم صاحبتها.
المكان قلب العاصمة باريس وتحديدا في قصر "اللوفر" الضخم، في الطابق الثاني في قاعة الاعمال الفنية الإيطالية.
في صباح يوم 22 أغسطس 1911، اتجه الرسام لويس بيرو الذي كان معتادا على رسم نسخ من لوحة الموناليزا لبيعها، للصالة التي تعرض فيها اللوحة في متحف اللوفر لرسم نسخ جديدة، حيث وجد النحات فريدريك لاجيرمي، الذي جاء هو الآخر لمشاهدة اللوحة، واتجها إلى مكان اللوحة ليجداه فارغًا.. لا شيء على الحائط، فقد اختفت الموناليزا.
في البداية ظن حراس المتحف أن اللوحة قد تكون لدى المصور الرسمي للمتحف، والذي كان يمتلك معرضا وصالة لبيع اللوحات في منزله، لكن لم يكن الأمر كذلك.
وفور وقوع الحادث اتجه قائد الأمن في باريس ومعه 60 محققًا لمتحف اللوفر، وأثناء عمليات البحث في المتحف عثروا على الإطار الخشبي للوحة والواجهة الزجاجية لها على السلم الصغير الذي يقود إلى صالة فيسكونتي بالمتحف.
رفع فريق البحث البصمات الموجودة في المكان، وتمت مقارنتها مع بصمات 257 عاملًا بالمتحف، ولم يتم التعرف على هوية السارق، وأُجبر مدير المتحف وقتها "تيوفيل أومول" على الاستقالة.
وأُفردت صفحات الجرائد للحديث عن الواقعة، وكان الشعب الفرنسي مصدومًا آنذاك، وقيل إنها مؤامرة يهودية أو جاسوسًا فعل ذلك، كما اتهمت العديد من الجرائد ألمانيا بالاستيلاء على اللوحة.
وعرضت إحدى الجمعيات وتُدعى "أصدقاء اللوفر"، مكافأة مالية كبيرة تبلغ 25 ألف فرانك مقابل عودة اللوحة. كما عرضت مجلة “اليسترواسيون” مكافأة 40 ألف فرانك لكل من يدل على مكانها، وكان هناك الكثير من العروض والمكافآت لكن دون جدوى، وتيقن المجتمع الفرنسي آنذاك أنه فقد أفضل لوحة فنية في العالم، وأنها لم تعد موجودة في فرنسا.
بعد ذلك بعامين وتحديدا عام 1913 في روما ظهرت "الموناليزا" مره اخري حيث اتضح أن عامل زجاج يُدعى فينتشينزو بيرودجيا، 30 عامًا، كان يعمل في متحف اللوفر، خبأ اللوحة بين ألواح الزجاج الذي كان يحمله، بعد أن نزع عنها الإطار الخشبي والواجهة الزجاجية، ففي يوم 21 أغسطس استغل غلق المتحف، وسرق اللوحة ووضعها خلف ملابسه إلى أن عاد للمنزل، وبسؤاله ضمن موظفي المتحف قدم حجة بدت مقبولة للشرطة، وخبأ اللص الموناليزا في شقة مهجورة في شارع مستشفى سان لو في الدائرة العاشرة.
وبعد عودته إلى إيطاليا حاول بيع اللوحة تحت اسم ليوناردي لتاجر أنتيكات يُدعى ألفريدو جيري، وأرسل وقتها خطابًا للتاجر يقول إن اللوحة التي سرقها بونابرت من إيطاليا لديه، وإنه لا يجب أن تخرج من إيطاليا مرة أخرى، واصطحب التاجر مدير متحف للتأكد من صحة اللوحة، وقاموا باستدعاء البوليس، وأُلقي القبض على بيرودجيا من قبل السلطات الإيطالية.
فرح الشعب الإيطالي لوجود "الموناليزا" في إيطاليا ووضعها في متحف البوفير في إيطاليا، واعتبروا السارق بمثابة بطل شعبي، وقد قال خلال محاكمته إنه قام بذلك بدافع الوطنية، وكان يعتقد أن الموناليزا سُرقت من إيطاليا على يد نابليون بونابرت، الذي كان معروفا بإعجابه بالموناليزا لدرجة أنه أمر بنقلها إلى غرفة نومه الخاصة.
وبعد اكتشاف الموناليزا جرت مفاوضات مكثفة وطويله استمرت لمدة عام بين فرنسا وإيطاليا، عادت بموجبها الموناليزا إلى باريس مرة أخرى في 4 يناير 1914، وتم عرضها في متحف اللوفر مجددًا تحت مراقبة شديدة، وتوافد الفرنسيون عليها من كل مكان للاحتفال بعودتها لفرنسا.
واليوم تعرض اللوحة بمفردها على جدار خلف واجهة زجاجية سميكة مضادة للرصاص، وأمامها حاجز يمنع اقتراب الزوار منها بالإضافة لوجود اثنين من الحراس بجوارها طوال الوقت، داخل أكبر قاعات متحف اللوفر وتحديدا في قاعة اللوحات الإيطالية بالدور الثاني في القصر الضخم.
والمثير في الأمر أن اللوحة الأشهر والأغلى في العالم، على عكس ما يعتقد الكثيرون، صغيرة حيث تبلغ أبعادها 30 إنشاً ارتفاعاً و21 إنشاً عرضاً، وعلى الرغم من ذلك تجد اصطفاف الآلاف حول اللوحة المشهورة بابتسامتها الغامضة ونظرتها الساخرة.
لطالما تغنى الكثيرون بهذه اللوحة ولطالما جذبتهم واعتبروها تمثيلاً للمرأة المثالية إلا أن هناك من يعتقد أن ليوناردو رسم وجهه هو في صورة السيدة ويعتمدون في ذلك على مطابقة لوحته الشخصية الشهيرة وأبعاد تقاطيع وجهه مع أبعاد وجه السيدة. ويقولون إنه احتفظ باللوحة لأنه كان يرى نفسه فيها وإنها كانت تعبيراً عن شخصه هو، إلا أن ذلك كله لم يجتز حد الافتراضات.
aXA6IDMuMTM4LjEzNy4xNzUg
جزيرة ام اند امز