خنق إيران اقتصاديا وضرب مواقع عملائها وتشديد الرقابة البحرية عليها، هي السياسة التي ستحدد شكل المفاوضات لاحقا وترسم أطرها.
يقدم جيف فايس شريك في مؤسسة استشارية مقرها بوسطن متخصصة في المفاوضات بين الشركات الكبرى، ومؤلف كتاب "دليل هارفرد بينزنس ريفينو إلى المفاوضات" نصيحته التالية للمقدمين على التفاوض "لا تتسرعوا بالدخول في الموضوع فوراً".
هذه التصريحات أطلقها الإيرانيون بعد أن فشلت محاولة الاستدراج الإيرانية، وبعد أن ثبت أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها مصرون على اختيار الظرف والوقت المناسبين لهما للجلوس للتفاوض.
إيران تستعجل المفاوضات والولايات المتحدة الأمريكية ترفض ذلك، على عكس ما يبدو الأمر، وعلى عكس ما يصرح به المسؤولون الإيرانيون.
فإيران تريد توسيع المقاعد وعدم حصر الطاولة بينها وبين الولايات المتحدة، وتريد إيران أن تجلس الآن وقبل أن يزيد تأثير العقوبات على الوضع الاقتصادي الخانق فتضعف أوراقها التفاوضية، وقبل أن تؤثر العقوبات على إمكانيات وقدرات إيران التمويلية لوكلائها في المنطقة، لذلك اختارت إيران ألا تنتظر، اختارت أن تحاول جر الولايات المتحدة للتفاوض عبر تدخل دولي!!
مراهنة على ما تعتقده من جوانب تظهر شخصية ترامب الانفعالية، تخطت إيران الخطوط الحمراء التي حددها أكثر من مسؤول أمريكي، والخاصة بالتحذير من التعدي على "الحلفاء" و"المصالح" الأمريكية، كما قال بومبيو وزير الخارجية الأمريكي إن "أي تعدٍّ على مصالح أو حلفاء الولايات المتحدة من قبل إيران أو وكلائها سيلقى رداً حاسماً"، فقامت بمهاجمة المصالح الأمريكية في مضيق هرمز قرب الفجيرة وخطوط إمدادات النفط في السعودية، وتوقعت إيران أن يكون هناك رد فعل انفعالي لن يزيد ربما عن ضربة محدودة في الداخل الإيراني تكون سبباً في تدخل دولي، بدعوى ضبط النفس يضع ملف المفاوضات على الطاولة، اليوم قبل الغد، تدخل يفرض على الولايات المتحدة التوقيت والظروف لا أن يتركها تختار الشروط والظروف المناسبة لها، إذ تخشى إيران أن يستمر هذا الوضع الخانق لها طويلاً، فتضطر أن تقبل الجلوس بعدها وهي في أضعف حالاتها.
التوقيت غير مناسب الآن بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الذين يريدون أن تؤتي العقوبات الاقتصادية ثمارها أولا، حتى تثمر سياسة خنق الرأس وقطع الذيل في إنهاء المشروع الإيراني التوسعي، والتهديدات التي يقوم بها هذا النظام على الأمن الدولي.
خنق إيران اقتصادياً وضرب مواقع عملائها ميدانياً وتشديد الرقابة البحرية على الحركة الملاحية لوقف تهريب السلاح الإيراني لهم، ولمنع سبل الالتفاف على العقوبات الاقتصادية، هي السياسة التي ستحدد شكل المفاوضات لاحقا وترسم أطرها.
لذلك بدأت دول مجلس التعاون الخليجي بتسيير دوريات أمنية معززة في المياه الدولية في الخليج العربي، وذلك بالتنسيق مع البحرية الأمريكية، حسب ما نقلت وكالة رويترز عن الأسطول الأمريكي الخامس. وبحسب بيان الأسطول الأمريكي الخامس، فإن "دول مجلس التعاون الخليجي... عملت بالتحديد على تعزيز درجة الاتصال والتنسيق فيما بينها لدعم التعاون البحري الإقليمي، وعمليات الأمن البحري في الخليج العربي".
ووفق ما تم الاتفاق عليه الأسبوع الماضي في اجتماع بمقر الأسطول الأمريكي الخامس في العاصمة البحرينية المنامة، فإن سفن دول مجلس التعاون الخليجي، سواء القوات البحرية أو خفر السواحل، ستعمل بالتنسيق الوثيق مع بعضها البعض، ومع البحرية الأمريكية.
من الضروري ألا تجلس أمام خصمك وهو مرتاح، ويملك الوقت كما تريد إيران الآن، ومن الضروري كما قال فيس ألا تتسرع بفتح الموضوع، بل عليك إنهاكه ثم الجلوس معه، لذلك قال جواد ظريف "تخييرنا بين التفاوض والحرب مرفوض كلياً ولدينا إمكانيات الصمود والمواجهة" وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني "لن يكون هناك تفاوض في ظل سياسات واشنطن الراهنة، المفاوضات تبدأ عملياً حين توقف واشنطن الضغوط والتهديد وتغير سلوكها، وأبلغنا بعض الوفود التي زارتنا سراً بأن موقفنا الحالي هو عدم التفاوض".
هذه التصريحات أطلقها الإيرانيون بعد أن فشلت محاولة الاستدراج الإيرانية، وبعد أن ثبت أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها مصرون على اختيار الظرف والوقت المناسبين لهما للجلوس للتفاوض.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة