تقول صوفي لود، وزيرة الابتكار الحكومي في الدنمارك: «لا أشجع الناس عادة على سرقة الأفكار من بعضهم بعضًا، لكن عندما تقوم الجهات الحكومية بتقليد الأفكار المبتكرة، وإعادة استخدامها بما يخدم العمل الحكومي، فإنني أؤيد مبادراتهم بقوة».
تقول صوفي لود، وزيرة الابتكار الحكومي في الدنمارك: «لا أشجع الناس عادة على سرقة الأفكار من بعضهم بعضًا، لكن عندما تقوم الجهات الحكومية بتقليد الأفكار المبتكرة، وإعادة استخدامها بما يخدم العمل الحكومي، فإنني أؤيد مبادراتهم بقوة».
في «متحف المستقبل» الجميل، في قمة الحكومات العالمية في الإمارات، شاركت الدنمارك بركن لافت أطلق عليه بدعابة شعار «أسرق بفخر»، وهو مشروع دنماركي رائد يدعو الناس إلى «سرقة» الأفكار الجيدة، أو بالأحرى تقليدها بعد استئذان أصحابها.
ومن هذا المنطلق، قامت بلديتان في الدنمارك بتشجيع «تقليد الأفكار المبتكرة»، حيث وزعت إحداهما أقنعة شخصية «زورو» السينمائية على الموظفين الذين «قلدوا أفكار الآخرين» المهمة، بعد استئذانهم، فيما قدمت بلدية أخرى جائزة «أبرز مقلد في العام» لأكثر استخدام مبتكر للأفكار المقلدة.
ليست المشكلة في تقليد أمر مميز يرتقي بحياة الشعوب، لكن الجريمة التي يرتكبها القيادي بحق مواطنيه هي أن يتربع على كرسيه، ويضرب بعرض الحائط أي مقترحات لتقليد أفضل التجارب المشرقة في العالم.
كل الحضارات قامت على التقليد والابتكار. فلو لم تقلد الدول فكرة البنية التحتية، أو دورات المياه، لظل الخلاء في أقاصي المدن والقرى. ولو لم تتبنَ الحكومات - وبسرعة مذهلة - الإنترنت، لكنّا نرسل خطاباتنا، ومقالي هذا، عبر ساعي البريد أو الفاكس، وربما بخط اليد، بدلاً من الهاتف الجوال. ولولا فكرة التقليد الحميدة، لما تمكنت البلدان أصلاً من تطوير اقتصادها، وبرلماناتها، وقضائها، وتعليمها، ومبانيها، فضلاً عن نظم رعايتها الصحية.
وأعتقد أننا يجب ألا نتوقف عند التقليد، بل نتجاوزه إلى ابتكار حلول لمشكلاتنا، ويبقى التقليد مقصورًا على الحاجة الملحة، أو ضيق الوقت، وقلة الخبرات في مجال معين.
ولحسن الحظ، كان مؤتمر قمة الحكومات العالمية زاخرًا بأفكار جاهزة للتقليد، أو «السرقة» إن جاز التعبير، وقد وجدتها تتجاوز 72 فكرة قابلة للتطبيق في بلداننا العربية. وكان لافتًا أن أروع الأفكار ليست محصورة في أميركا وبريطانيا، بل جاءت من شتى أرجاء المعمورة، من الصين حتى البرازيل.
وهذا دليل على أننا يمكن أن نكون مصدرًا للتقليد، إنْ نحن أحسنا صنعتنا، ووضعنا الإنسان المناسب في المكان المناسب، وأحسنا اختيار مستشارينا ومساعدينا، حتى تستحق النتيجة أن يشار إليها بالبنان، لا أن تكون مزيدًا من حفلة التطبيل والنفاق والتزلف، ونحن نسير في آخر ركب التقدم.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة