قطع فنية من الحجر.. نحات إثيوبي يعيد أمجاد "المسلات"
الشاب الإثيوبي نيقوديموس برهاني يؤكد أنه يقتدي بخطى الآباء والأجداد من النحاتين، الذين صنعوا التماثيل والمسلات التاريخية
لم يكن الشاب الإثيوبي نيقوديموس برهاني معروفا عند الكثيرين من أبناء منطقته قبل 7 سنوات، حتى احترف فن النحت الذي ورثه عن الأسرة، ليصبح مشهورا باسم "المتحف المتحرك" ليس على مستوى مدينة أكسوم فقط وإنما على مستوى إقليم التجراي شمال إثيوبيا.
واقتدى برهاني، 28 عاما، بخطى الآباء والأجداد من النحاتين، الذين صنعوا التماثيل والمسلات التاريخية التى سجلت على قائمة التراث العالمي باليونسكو، حيث تعد من العجائب التي صنعتها البشرية من حيث أشكالها ومتانتها وأحجامها.
وبدأ برهاني الفن التشكيلي "النحت" قبل 7 سنوات، بوصية من أخيه الكبير الذي كان يمارس المهنة قبله، ويشارك والده الذي يخدم قسيسا في كنيسة أكسوم.
وقال برهاني، لـ"العين الإخبارية"، إن الأحجار التي يستخدمها تعرف محليا بـ"شاشمى" وهي نفس الأحجار التي نحتت منها مسلة أكسوم، مشيرا إلى أنه لم يستخدم أي ألوان في منحوتاته الحجرية.
وتعد مسلات مدينة أكسوم التاريخية مهد الحضارة الإثيوبية بإقليم تجراي شمالي البلاد، وشاهدة على واحدة من أقدم الحضارات في القارة الأفريقية.
وتميز شعب أكسوم، الذي تأسست مملكته في القرن الأول الميلادي قبل ألفي عام، بقدرته على تشييد مسلات ضخمة، يبلغ ارتفاع كل واحدة منها 24 مترا وبعمق 3 أمتار في باطن الأرض، ويبلغ وزن الواحدة منها 152 طنا.
ويمتلك الشاب الإثيوبي "برهاني" موهبة كبيرة في نحت نماذج تذكارية لمسلات أكسوم بأشكالها الفنية جامعا بين الماضي والحاضر بالحرف اليدوية ليثبت للعالم أنه قد حان دور الأحفاد ليعيدوا أمجاد الأجداد أو على الأقل ليذكر الناس أنه مر في هذه المنطقة جيل كان يفخر ويعتز بالحرف اليدوية، بحسب تعبيره.
وأوضح برهاني أنه يعمل على صناعة الهدايا المنحوتة من الأحجار، مثل الصلبان والتماثيل والسبح وأشكال أخرى وأحيانا حسب الطلب.
وقال: "أحاول أن أنحت بصورة احترافية مستفيدا من تجارب الآباء والأجداد"، مشيرا إلى أن الأحجار التي يستخدمها يتم جلبها من الأرياف من منطقة "تعدي رأرت" .
ولفت إلى أنه يشتري الأحجار بكميات كبيرة من المزارعين الذين يجلبونها في طريقهم لسوق المدينة.
وتابع أنه يبيع المنحوتات بأسعار زهيدة مقارنة بالجهد الذي يبذله في إعدادها من جوانب فنية، مشيرا إلى أن أغلب زبائنه من السياح الذين يأتون للمنطقة باستمرار فضلا عن سكان المنطقة.
وتزخر منطقة أكسوم بإقليم تجراي شمال إثيوبيا، بآثارها التاريخية من الكنائس والمسلات، كما توجد بها شواهد لقبور الملوك في غرف صخرية ضيقة، وكانت تشكل كل غرفة قبرا لملك من ملوك مملكة أكسوم تحوي جثمانه، بالإضافة لأثمن ممتلكاته وأغراضه.
وتعد مسلة أكسوم للملك عيزانا من أبرز المعالم المعمارية وأعظمها في أفريقيا، وهي عبارة عن عمود حجري ارتفاعه 100 قدم، يزن 160 طنا، وتعد أكبر مسلة في العالم مصنوعة من حجر واحد نحتت بطريقة تجعله يبدو مثل بناية من 13 طابقا.