يقلل خطر الوفاة المبكرة 17%.. ماذا لو توقفت عن الجلوس لمدة شهر؟

في الوقت الذي تحذر فيه منظمة الصحة العالمية من "وباء الجلوس"، يبدو أن سؤال: "ماذا لو توقفت عن الجلوس لمدة شهر؟" لم يعد خيالا علميا.
وأصبح التوقف عن الجلوس تجربة يستكشفها العلماء والمهتمون بالصحة الجسدية والعقلية على حد سواء، فمع تزايد عدد الوظائف المكتبية، وتحوّل نمط الحياة إلى الجلوس أمام الشاشات لساعات طويلة، بات الجلوس الطويل أحد أخطر الممارسات اليومية التي نقوم بها دون وعي.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الجلوس لساعات متواصلة مرتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري، واضطرابات الدورة الدموية، وحتى بعض أنواع السرطان.
والأسوأ من ذلك، أن هذه المخاطر لا تختفي تماما حتى مع ممارسة الرياضة لاحقا، إذا استمرت فترات الجلوس الطويلة يوما بعد يوم.
لكن ماذا يحدث إذا قرر الإنسان عكس هذا النمط بالكامل؟ تخيل أن تقضي شهرا كاملا دون أن تجلس مطلقا، تعتمد على الوقوف، المشي، وربما حتى العمل وأنت تتحرك.
وأظهرت دراسة نُشرت في "المجلة البريطانية للطب الرياضي"، أن تقليل وقت الجلوس إلى أقل من ثلاث ساعات يوميا يمكن أن يطيل متوسط العمر المتوقع بما يصل إلى عامين.
بل إن باحثين من جامعة كولومبيا أشاروا إلى أن استبدال ثلاثين دقيقة فقط من الجلوس يوميًا بنشاط خفيف، كالمشي أو الوقوف، يُقلل خطر الوفاة المبكرة بنسبة 17%.
وفي تجارب واقعية، أفاد أشخاص شاركوا في تحديات "شهر بلا جلوس" بتحسن في مستويات الطاقة، وتراجع في آلام الظهر والرقبة، وتحسن ملحوظ في المزاج العام وجودة النوم.
وأشارت دراسة أجرتها"مايو كلينك" إلى أن الأشخاص الذين يتحركون أكثر، حتى بالحركات البسيطة مثل الوقوف أو المشي البطيء أثناء المكالمات، يحرقون سعرات حرارية أعلى من غيرهم بمئات السعرات يوميًا دون أي تمارين رياضية.
لكن الأمر لا يقتصر على الجسد، فالوقوف والحركة المستمرة تعني تدفقا أفضل للدم إلى الدماغ، ما يعزز التركيز والانتباه، ويقلل من الشعور بالإرهاق الذهني. ولهذا لم يكن غريبا أن تعتمد شركات كبرى مثل "جوجل" و"أبل"،على مكاتب العمل الواقفة كخيار أساسي لموظفيها.
ورغم التحديات التي قد تواجه من يحاول تطبيق "شهر بلا جلوس"، خاصة في المجتمعات التي ترتبط فيها الراحة بالجلوس، إلا أن النتائج الصحية المترتبة على هذه الخطوة قد تكون محفزا كافيا لإعادة النظر في عاداتنا اليومية.
وفي زمنٍ باتت فيه حياتنا تسير بسرعة وتُدار من خلف الشاشات، ربما حان الوقت لنتحرّك حرفيا، فليس المطلوب أن نتخلى عن الجلوس بالكامل، بل أن نعيد إليه مكانته الطبيعية كفترة راحة لا عادة دائمة.