الترجمة عن الروسية للعربية.. محاولات فردية تبحث عن دعم
معرفة الروس بالأدب العربي المعاصر تحتاج لمزيد من الجهد، لأن ما يترجم محاولات فردية خارج نطاق المؤسسات أو دور النشر الكبرى.
أكد المترجم المصري يوسف نبيل أن الترجمة عن الروسية في عالمنا العربي تحتاج لسياسات دعم وتخطيط مختلفة، لعدم وجود مؤسسات كبرى تراعي احتياجات السوق العربية وتضع الأولويات بحسب ما ينقص المتلقي، مشيرا إلى أن ما يجري على الأرض حاليا عبارة عن جهد فردي لعدد من المترجمين.
وتخرج يوسف نبيل في كلية الألسن بجامعة عين شمس، قسم اللغة الروسية، عام 2008، ويعد واحدا من أصغر المترجمين عن الروسية في العالم العربي ممن يمتلكون مشروعا واضحا في هذا السياق.
صدر له: "السند المزيف، في الدين والعقل والفلسفة، في العلم والأخلاق والسياسة لليف تولستوي، الحرس الأبيض لميخائيل بولجاكوف، حكايات من أوديسا وسلاح الفرسان لإسحاق بابل، حياتي لأنطون تشيخوف، وليوسف مشروع ضخم لترجمة "اليوميات" لتولستوى في 6 أجزاء صدر منها الجزء الأول.
ويشدد نبيل على الحاجة الماسة لجيل جديد من المترجمين عن الروسية مباشرة؛ حيث إن أغلب الموجودين على الساحة هم من جيل الأساتذة ممن تخطوا الخمسين.
وأشار إلى أنه باستثناء رولا عادل وأحمد صلاح الدين فضلا عن تجربته لا يمكن الحديث عن جيل جديد في مصر على سبيل المثال، موضحا أنه قد تكون هناك بعض الأسماء الجديدة التي ترجمت كتابا هنا أوهناك لكن هؤلاء لا يمتلكون المشروع أو الإنتاج الثابت.
وحول أزمة النقص الشديد في الترجمة عن الروسية مباشرة ووجود أعمال روسية كثيرة مترجمة للعربية عبر لغة وسيطة، أوضح أن الترجمة الوسيطة تظهر عندما لا تتوفر الترجمة المباشرة.
ويضيف: "إن كنت مسؤولا عن دار نشر وأود ترجمة أعمال عن الروسية فمن الطبيعي أنني سألجأ في البداية إلى مترجم يجيد الروسية مباشرة، لكن إن لم أجد فسألجأ إلى ترجمة وسيطة".
ويستطرد موضحا: "حاليًا من النادر أن نجد أعمالا روسية تترجم إلى العربية عن لغات وسيطة، لتوفر بعض المترجمين بالفعل، لكن بعض الأعمال المترجمة قديمًا عن الفرنسية والإنجليزية تُعاد طباعتها مثل أعمال دوستويفسكي الكاملة مثلا، وطالما هذه الأعمال غير متوفرة عن الروسية مباشرة بشكل كامل سيستمر إصدار هذه الطبعات، لذا فالأمر مرهون بحجم الترجمة عن الروسية مباشرة".
ويشيد يوسف نبيل بجهود عدد من المترجمين عن الروسية مباشرة مثل دكتور تحسين رزاق عزيز من العراق، ودكتور فؤاد مرعي من سوريا، وأحمد صلاح الدين من مصر، وبسببهم بدأت تتوالى ترجمة بعض الأعمال الروسية الحديثة، لكن عددها لا يزال قليلا.
ويلاحظ نبيل أن ترجمة الأعمال الكلاسيكية لم تتوقف حتى الآن، فمن جانب لدينا عدد كبير من تلك الأعمال مترجمة عن لغة وسيطة وتُعاد أحيانًا ترجمتها عن الروسية، ومن جانب آخر فإن أغلب أعمال العصر الذهبي لم تُترجم حتى الآن.
ويدلل على عدم وجود حركة واحدة منظمة في الترجمة عن الروسية بأن أسماء مثل دكتور تحسين رزاق عزيز ودكتور فؤاد المرعي والعراقي خيري الضامن تترجم أعمالا حديثة، بينما ينهمك هو وعبدالله حبة في ترجمة أعمال كلاسيكية لم تتم ترجمتها حتى الآن، بالإضافة إلى مشروعه المتعلق بأسماء من العصر الذهبي والسوفيتي شديدة الأهمية مثل زوشينكو وإسحق بابل اللذين لم تسبق ترجمتهما، بينما هناك مترجمون كبار في مجال أعمال متخصصة مثل المصري دكتور أنور إبراهيم الذي ترجم أعمالا نقدية مهمة، وكذلك دكتور محمد نصر الجبالي.
ويشدد نبيل على الحاجة الماسة لوجود مؤسسات داعمة للترجمة عن الروسية يمكنها تمويل مشروعات ترجمية لتشجيع دور النشر على هذا الاتجاه، مؤكدا على الحاجة كذلك إلى مزيد من الكتب النقدية التي تشرح المشهد الأدبي الراهن في روسيا، لأنه شديد الغموض حتى الآن بالنسبة لمعظم المترجمين.
وحول غياب ترجمة علمية عن الروسية، يرى أنه لتفادي ذلك لا بدّ من وجود مترجمين يجيدون الروسية، وفي الوقت ذاته لديهم خبرة علمية جيدة، موضحا أنه إذا كنا نتحدث عن عدد ضئيل جدًا من المترجمين عن الروسية في العالم العربي، لا يعمل منهم بشكل منتظم سوى 20 مترجمًا، فمن الطبيعي ألا نجد مترجمًا يجيد الروسية وفي الوقت ذاته لديه ثقافة علمية جيدة.
وأشار في هذا السياق إلى وجود استثناءات قليلة للغاية على رأسها ترجمات في علم اللغة شديدة الأهمية للدكتور تحسين رزاق عزيز.
ويؤكد نبيل أن معرفة الروس بالأدب العربي المعاصر لا تزال متواضعة وتحتاج لمزيد من الجهد، حيث لم تترجم إلى الروسية إلا قلة من الأعمال العربية لأنها محاولات فردية خارج نطاق المؤسسات أو دور النشر الكبرى، ويأمل أن يساعد التقارب الروسي ودول الخليج في إحداث طفرة على صعيد التعاون الثقافي بين روسيا والبلدان العربية.