إنزو فيراري.. سائق سباقات يصنع أسطورته في "ورشة متواضعة"
لا يمكن تصور أن علامة سيارات فاخرة مثل "فيراري" كانت بدايتها من ورشة متواضعة في قلب إسطبل مغمور.
لكن هذه هي الحقيقة التي مر بها مؤسس ماركة السيارات الأشهر في العالم، إنزو فيراري.
ولد إنزو فى 20 فبراير/شباط 1898 فى مدينة مودينا بإيطاليا التي تعرف باسم مدينة المحركات، وكان والده عاشقا للسيارات وسباقات السيارات خاصة "الفورمولا 1"، وورث عنه إنزو الصغير هذا الشغف.
فى سن الـ10 من عمره، خالف إنزو فيراري، أمر والده بعدم الذهاب لسباق أقيم بالقرب من مدينتهم بحجة أنه لا يزال صغيرا.
ودفعه شغفه للذهاب دون علم والده لرؤية هذا السباق، ومنذ ذلك الوقت، أسرت أصوات المحركات ومشهد السباق وتسارع السيارات مشاعر إنزو، ومن هنا تولد لديه الشغف والفضول لأن يصبح متسابق سيارات رياضية.
حلم يلح لأن يتحقق
في مرحلة مراهقته ما بين سن الـ10 إلى سن الـ19 كان كل ما يشغل تفكير انزو فيراري، هو سيارات السباق، وكيف يصبح سائق سباقات.
في هذه السن المبكرة عرف إنزو معنى الفقد بعد ختام خدمته في الحرب العالمية الأولى، حيث أصيب والده وأخوه الأكبر بمرض الإنفلونزا وتوفيا وظل فيرارى لفترة عاطلا بلا عمل، وبدأ من جديد فى التفكير فى شغفه.
ولم يضيع "انزو فيرارى" وقتا طويلا قبل أن يعود لزيارة أماكن السباقات، وبدأ فى التعرف على السائقين والتقرب منهم، ومن مديرين فرق السباقات.
ونجح أخيرا في إقناع مدير فريق سباقات شركة "cmn" فى عام 1919 بأن ينضم لطاقمه، حتى أصبح سائق سباقات لديهم، غير أن الأمور لم تسر كما تمنى، كونه لم يحقق انتصارات على مضمار السباق، وتعرض للطرد من الفريق عام 1920.
بداية التعاون مع ألفا روميو
بعد مغادرة فيراري لفريق CMN، نجح في الحصول على مكان فى فريق سباقات "ألفا روميو" الايطالية، وأصبح سائق سيارات سباقات "ألفا روميو" الأبرز، وحقق نجاحات معها.
وصل تميز إنزو حد أن تم تم تعيينه مديرا لفريق سباقات "ألفا روميو" وفى عام 1929 أنشأ "انزو فيرارى" جراجا (ورشة) خاصا به داخل اسطبل، لتصليح سيارات سباق فريقه من ماركة "ألفا روميو".
شرارة الإنطلاق
كان تأسيس إنزو فيراري لجراجه الأول لصيانة وتصليح السيارات الرياضية، بمثابة الشرارة الأولى التي ألهمته لتأسيس شركته الخاصة لصناعة السيارات الرياضية فيما بعد.
وأطلق إنزو على الجراج اسم "سكوديريا فيرارى"، بمعنى "اسطبل فيرارى"، وكان منطقيا أن تعقب هذه الخطوة، تأسيس إنزو لفريق لنفسه يحمل اسمه، وتعرض للفصل من "ألفا روميو" ما منحه الضوء الأخضر لإتمام هذا المشروع.
منحه من رحم المحنة
بعد فصل "انزو فيرارى" من "ألفا روميو"، قرر صنع سياراته الرياضية الخاصة ليخوض بها السباقات التي يتطلع للفوز بها.
وكان أول طراز رياضي من صنع فيراري باسم "فيرارى 125 اس"، وسجلت كأول سيارة سباق مصرح لها السير على الطرقات العامة قانونيا فى التاريخ 1947، وكانت هذه السيارة انطلاقة شركة فيرارى.
"الحصان الواثب"
بعد نجاحه في تأسيس الشركة، كان الدور على اختيار الشعار، واختار فيرارى شعار الشركة ليكون حصان أسود واثب مع خلفية صفراء يرمز لمدينة "مودينا" مسقط رأسه و يعلوه علم إيطاليا.
والسر وراء هذا الشعار سيدة إيطالية هي والدة الطيار الايطالى الشهير "فرانشيسكو باراكا"، وقد قدمت هذه السيدة الشعار لفيراري عام 1923 كهدية، مع العلم بأن هذا الشعار كان يضعه ابنها على طائرته ليجلب له الحظ.
حين التقى إنزو بلامبورجيني
بعد ما حققه إنزو فيراري من مجد، دفعه غروره إلى موقف لم يكن يدرك أبعاد ما سينتج عنه من أحداث ستغير التاريخ للأبد.
وذلك حين لوحظ عطل دائم بسيارات فيراري رغم ارتفاع تكلفتها، هذا العطل دفع أحد ممتلكي سيارة فيرارى، وهو شخص بارع فى الميكانيكا، بإصلاح العطل الذي كان في ناقل السرعة.
ولم يكتفي هذا الشخص بذلك، إذ قرر الذهاب الى "إنزو فيرارى" فى مكتبه، لاعطاؤه النصيحة، إلا أن "فيرارى" أهانه، وقال له "أنت مجرد مزارع وسائق جرار زراعي كيف تجرؤ على انتقاد سيارتي، التى تعد أفضل وأسرع سيارة فى العالم؟"، فرد عليه ذلك الشخص "هذا المزارع سيعلمك كيف تصنع السيارات الرياضية"، وكان هذا الشخص هو "فيروتشيو لامبورجينى"، مؤسس شركة "لامبورجينى"، الذي صنع في عام 1966 سيارة "لامبورجينى ميورا"، واعتبرت أول سيارة خارقة فى العالم.
وفاته
توفى "انزو فيرارى" فى 14 أغسطس 1988 عن عمر يناهز الـ90 عاما، وفى 2017 حدثت عملية سرقة فريدة من نوعها، حيث أحبطت شرطة مدينة "مودينا" الإيطالية عملية سرقة جثمان "انزو فيرارى" من مقبرته، والسبب فى محاولة سرقة جثته طلب فدية ضخمة من عائلة "فيرارى" أو من شركته لإعادة الجثمان.