خربش وشبرق وبرطم.. مفردات غريبة أجازها مجمع اللغة العربية
اعتاد مجمع اللغة العربية في القاهرة خلال السنوات الأخيرة اعتماد كلمات دارجة باعتبارها مفردات فصيحة، ما يثير تساؤلات عن آلية ذلك.
ورغم أن العديد من تلك الكلمات معتمدة من المجمع بالفعل منذ سنوات، فإن الترويج لذلك من خلال صفحة المجمع بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حظي برواج واسع، واهتمام من الجمهور ووسائل الإعلام، التي نادرا ما تتابع أنشطة المجمع وأعماله.
ومن الكلمات التي اعتمدها المجمع فعل "استعبط"، موضحا أن "استعبط فلانٌ فلانًا بمعنى: تصوّره أو ظنَّه عبيطًا". ويأتي الفعل "استعبط" لازمًا بمعنى: ادَّعى العباطة، ومتعديًا بمعنى: تصوّره أو ظنَّه عبيطًا، ومضارعه "يستعبط"، ومصدره "استعباط".
وأوضح المجمع أن المعجم الوسيط أجاز كلمة عبيط منذ سنوات، وجاء في الوسيط: رجل عبيط: أي أبله غير ناضج، مشيرًا إلى أن "عبيط" محدثة، فكأن الفعل "استعبط" بمعناه المذكور، أُخذ من الصفة عبيط.. وهو أخذ مشروع بحسب قرارات مجمع اللغة المصري.
كما أجاز المجمع كلمات عامية أخرى مثل "شبرق، زوغ، تعشم، الفول المدمس، دردش، العنتيل، وزغرودة"، وذلك بهدف تقليل الفجوة بين العامية والفصحى، بشرط أن يكون هناك مسوِّغ لغوي لهذه الإجازة، خاصة أن العامية -في بعضها- لغة فصيحة سليمة، رغم أن البعض يتوهم عامية بعض الألفاظ، في حين تكون في الواقع غير ذلك.
وكشف الدكتور مصطفى يوسف الباحث في مجمع اللغة العربية والمتحدث الإعلامي باسم المجمع، إن إجازة بعض الألفاظ والأساليب يتم عن طريق لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع، بحيث يقدم العضو مذكرة لتعرض على اللجنة المختصة.
وعندما يتم إقرار اللفظ أو المصطلح في اللجنة، يتم عرضها على مجلس المجمع (الأعضاء المصريين فقط)، ولو أقره المجلس يتم عرضه على المؤتمر الذي يضم أعضاء المجمع المصريين وغير المصريين، فإذا أقره المؤتمر يكون اللفظ أو الأسلوب قد اكتسب بذلك المشروعية اللغوية التي تمكِّنه من الإدراج في معاجم المجمع.
وأوضح يوسف، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أبرز الألفاظ العامية التي أجازها المجمع، ومنها: التهريجُ، الكوزُ، التسيُّبُ، ملابسُ جاهزةٌ، عَمْرةٌ، خربشَ، شبرقَ، أَتَعَشَّم، اخْتَشَى، بَرْطَمَ فلانٌ، تَلَطَّمَ، تمزَّع الثوبُ، تَمَشْيَخَ، تهويش، جَرْجَرَ، خَمَّه، الخِناقة، داخ، دَبَّسَ فلانًا، دَرْدَبَ، دَكَّن الشيءَ، دَلَقَ/ انْدَلَقَ، الدَّوْخَة، رجل لَبْخَهَ، رَحْرَحَ، رَصْرَصَ، الخَوْتَة، دَوَّكَ الكلامَ، زوَّغ، ساب الشَّيءَ، سَتَّفَ، الشَّاطر.
كما تشمل قائمة الكلمات العامية المجازة، مفردات مثل: شَبْرَقَه، الشَّطارة، شَطَحَ، شَطْحَة، شَطَّبه، صَفْصَفَ المكانُ، عَزَمَه، عَشَّقَه، غَشيم، فَتْفَت، الفُرجة، فَضْفَضَة، قَبَّ على السطح، كَبَّ الماءَ، انْكَسَفَ/ الكُسوف، كِنَّ، لَبَّخ في الكلام، اللَّبْخَة، لبس ثوبًا بشوكته/ بشَوْكه، لَخَمَ فلانًا، لَخْمَهَ، المِشْوار، نَشْر الغسيل، نَشَلَ/ نَشّال، النُّقوط، هاوده في الثمن، هجَّ، هِدْمَة، وجَّت النارُ، ودَّاه.
وجدير بالذكر أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة هو المنوط به منذ إنشائه عام 1932 إصدار الفتاوى والاستشارات اللغوية لمؤسسات الدولة المصرية كافة، بما فيها مصلحة الخزانة العامة وسك العملة التي تحرص دائمًا على استفتاء المجمع في الصيغة اللغوية السليمة للكتابة على العملات المعدنية.
وقد تلقى المجمع مؤخرا سؤالا من وزارة المالية المصرية حول الكتابة اللغوية الصحيحة لكلمة (2 جنيه) لعملة تطرح قريبا. وأوصى المجمع باعتماد (2 جُنَيْهان) لوضعها على أحد وجهي العملة الجديدة، على أن يُكتب الرقم (2) فوق كلمة (جُنَيْهان) مضبوطة بالشكل؛ وذلك تيسيرًا على العامة الذين يستهدون دائمًا بالرقم، ثم كتابة كلمة (جُنَيْهان) مضبوطة بالشكل أسفل الرقم؛ وبهذا يكون الاختيار قد عبَّر عن قيمة العملة حسابيًّا ولغويًّا.
ما رد المجمع على سؤال أخرى من البنك المركزي المصري، قبل سنوات، لبيان الكتابة اللغوية الصحيحة لفئتي 100 جنيه، و200 جنيه، وقد جاءت فتوى المجمع وقتها أن الكتابة الصحيحة هي: مِئَةُ جُنَيْهٍ، ومِئَتا جُنَيْهٍ- بحذف ألف مائة وفقًا لقرار المجمع في ذلك الذي أقرَّ جواز حذف ألف "مائة" مراعيًا في هذا نوعًا من التيسير الإملائي، وهو ما أخذ به البنك المركزي المصري بالفعل.
وتعود فكرة إنشاء كيان للغة العربية في مصر إلى نهاية القرن التاسع عشر، وتحديدا عام 1892، حيث أنشئ بدار البكري في القاهرة مجمع يضم رواد اللغة العربية في ذلك الوقت أمثال الإمام محمد عبده، والشيخ محمد توفيق البكري، والشيخ محمد محمود الشنقيطي، ولكن لم يستمر المجمع وقتا طويلا وتوقف بعد أشهر قليلة.
ثم أنشئ مجمع بدار الكتب المصرية عام 1916م، على يد الأستاذ أحمد لطفي السيد، ولكن توقف هذا المجمع أيضا بسبب قيام ثورة 1919.
وأخيرا تحقق الحلم في ديسمبر/ كانون الأول عام 1932 عندما أصدر الملك فؤاد الأول مرسوما ملكيا لإنشاء المجمع، ثم تلاه مرسوم ملكي آخر في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1933 بتعيين أعضائه العاملين المؤسِّسين.
واختير الأستاذ محمد توفيق رفعت رئيسا للمجمع، والدكتور منصور فهمي كاتب سرٍّ له، وتكون المجمع من 20 عضوا من العلماء المعروفين بتبحرهم في اللغة العربية، نصفهم من المصريين، والنصف الآخر من العرب والمستشرقين، وكانت هذه أهم ميزة للمجمع المصري عن غيره من المجامع الأخرى.
وفى عام 1982م صدر آخر قانون حَدَّد أعضاء المجمع المصريين العاملين بأربعين عضوا، وهم الذين يتكوَّن منهم "مجلس المجمع"، وحَدَّد الأعضاء العاملين من غير المصريين بعشرين عضوا، ومن هؤلاء الستين يتكون "مؤتمر المجمع".
كما نص القانون على أن المجمع هيئة علمية، لها شخصية اعتبارية، واستقلال مالي وإداري، ولرئيسه سلطة الوزير في كل شؤونه: العلمية، والمالية، والإدارية.
aXA6IDMuMTM5LjEwOC40OCA= جزيرة ام اند امز