وفاة البابا فرنسيس.. قضايا ساخنة يواجهها خليفة البابا الإصلاحي

توفي البابا فرنسيس، يوم الإثنين 22 نيسان/أبريل 2025 عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد أكثر من عقد من الزمن قاده على رأس الكنيسة الكاثوليكية.
تولى البابا فرنسيس، أول بابا من القارة الأميركية، زمام القيادة في وقت شهد فيه الفاتيكان العديد من التحولات الجذرية، حيث ناقش قضايا اجتماعية ودينية معقدة، وترك بصمة مميزة في إدارة شؤون أكثر من 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم.
من الأرجنتين إلى كرسي القديس بطرس
وُلد خورخي ماريو برغوليو في 17 كانون الأول / ديسمبر 1936 في بوينس آيرس، الأرجنتين، لأبوين مهاجرين من إيطاليا. بدأ حياته العملية في شبابه كحارس أمن في ملهى ليلي، كما درس الكيمياء، قبل أن يختار الحياة الدينية. تم سيامته كاهناً في عام 1969، ومن ثم تولى رئاسة الرهبنة اليسوعية في الأرجنتين عام 1973. وفي عام 2001، عُين كاردينالاً من قبل البابا يوحنا بولس الثاني.
انتخابه البابا وتحولات داخل الفاتيكان
في 13 آذار / مارس 2013، تم انتخابه ليصبح أول بابا من الأمريكيتين وأول يسوعي يتولى منصب بابا روما. كان فرنسيس معروفاً بتفضيله الابتعاد عن المظاهر الرسمية. فبدلاً من الإقامة في القصر الرسولي، اختار العيش في مقر بسيط داخل الفاتيكان. بدأ فرنسيس في إحداث تغييرات جذرية في الفاتيكان، مفضلاً الانفتاح على العالم، خصوصاً في الملفات التي تتعلق بالعدالة الاجتماعية، والفساد المالي، والنقد المستمر للنظام الاقتصادي العالمي.
مواقف حاسمة تجاه الهجرة والفقر
تجسد مواقف البابا فرنسيس لافتة تجاه قضايا الهجرة والفقر، حيث انتقد السياسات التي تعزل الحدود وتتعامل مع اللاجئين بقسوة. وفي أول رحلة رسمية له خارج روما، ألقى قداساً في جزيرة لامبيدوزا لتكريم ذكرى المهاجرين الذين فقدوا حياتهم في البحر الأبيض المتوسط. في عام 2024، وصف البابا "عولمة اللامبالاة" بأنها "مرض قبيح جداً"، مشيراً إلى تأثير السياسات التي تتبع الأسلاك الشائكة لمواجهة أزمات الهجرة، في إشارة إلى الجدار الحدودي الذي دعمته الإدارة الأميركية السابقة.
مواقف دينية وشخصية متباينة داخل الكنيسة
رغم تأييده لبركة الكهنة للعلاقات المثلية في قرار صدر عام 2023، إلا أن البابا ظل معارضاً لزواج المثليين، وهو ما تسبب في انقسامات داخل الكنيسة. كما تعرض لانتقادات بسبب رفضه ترسيم النساء ككهنة، وكذلك بسبب الإجراءات المحدودة التي اتخذها بحق المتورطين في قضايا الاعتداء الجنسي داخل الكنيسة.
إحدى المحطات البارزة في ولايته كانت إصلاحه للقانون الكنسي، حيث وصف الانتهاكات بحق الأطفال بـ "العار". واعترف في رسالة إلى أساقفة تشيلي عام 2018 بأخطائه في التقييم، بعدما كان قد دافع عن أحد الأساقفة المتهمين بالتستر على الانتهاكات.
دور البابا في السياسة العالمية
زار البابا فرنسيس عشرات الدول حول العالم، ومن أبرز محطاته زيارته التاريخية للعراق في عام 2021، حيث دعا المسيحيين إلى البقاء في وطنهم والمساهمة في إعادة بناء العراق بعد الحرب. كما عبر عن إدانته للحرب الروسية على أوكرانيا، ووصفها بـ "نفي لحلم الله". التقى بالعديد من القادة السياسيين، ومن بينهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ثلاث مرات. لكن تصريحاته في 2024، عندما دعا كييف إلى "رفع الراية البيضاء" للتفاوض، أثارت جدلاً واسعاً.
الاهتمام بالبيئة وتحديات سنواته الأخيرة
تبنى البابا فرنسيس نهجاً بيئياً قَوِيًّا، داعياً إلى مواجهة تغير المناخ وحماية البيئة. كما رحب بانضمام الرئيس الأميركي جو بايدن مجددًا إلى اتفاق باريس للمناخ، مما يعكس توجهه البيئي. وقد واجه البابا تحديات صحية في سنواته الأخيرة، إذ اضطر لاستخدام كرسي متحرك في بعض الأحيان، ومر بسلسلة من العمليات الجراحية.
الاستقالة والرمزية الروحية
في خضم الحديث عن استقالته المحتملة بسبب مشاكله الصحية، قام البابا بتعزيز حضوره الرمزي عبر زيارات متعددة، مثل زيارته لمدينة لاكويلا الإيطالية في 2022، التي ارتبط اسمها بالبابا سلستين الخامس الذي استقال من منصبه. كما قام بتعيين 21 كاردينالاً جديداً في نهاية عام 2022، ليضمن انتخاب خليفة له مستقبلاً.
مساهمة البابا فرنسيس في الوحدة الإنسانية والكنيسة
قالت كاثلين كامينغز، من جامعة نوتردام، إن البابا قد لا يكون قد أنجز كل ما كان يطمح إليه، لكنه نجح في إعادة الأمل للكثيرين ممن افتقدوا هذا الأمل. وأضافت: "هل وحّد الكنيسة؟ لا. لكنه أعاد الأمل إلى من كانوا يفتقدونه".
ومع رحيله، يطوى فصل استثنائي من تاريخ الفاتيكان، حيث قاد البابا فرنسيس الكنيسة في فترة كانت مليئة بالتحديات والتحولات الجذرية التي أثرت في العالم المسيحي.
محطات أخرى هامة في ولايته:
زيارته للبيت الأبيض (2015):
أصبحت زيارة البابا فرنسيس للبيت الأبيض في 2015 تاريخية، حيث أصبح ثالث بابا يلتقي بالرئيس الأميركي، وألقى أول خطاب له أمام الكونغرس الأميركي، داعياً المشرعين إلى التحرك الجاد لمواجهة تغير المناخ.
التعديلات القانونية:
شملت تعديلات البابا السماح للنساء بأداء أدوار القارئات والخادمات أثناء القداس، وهو قرار أحدث تغييرًا قانونيًا يعترف بدور النساء في الكنيسة.
aXA6IDE2MC43OS4xMTAuMTQzIA== جزيرة ام اند امز