السودان 2020.. تطلعات لتحقيق السلام وإنعاش الاقتصاد
قضايا تحقيق السلام وتحسين الوضع المعيشي ومحاسبة المتورطين من قادة النظام البائد على رأس أبرز القضايا التي ينتظرها الشعب العام المقبل.
يتطلع السودان في عام 2020 إلى التغلب على السياسات المدمرة التي اتبعها النظام الإخواني السابق على مدى 30 عاماً، ونتجت عنها حروب في أكثر من إقليم، وأنهكت اقتصاد البلاد وزادت معدلات الفقر.
وتعد قضايا تحقيق السلام وتحسين الوضع المعيشي ومحاسبة المتورطين في مختلف الجرائم بحق السودانيين من قادة النظام البائد، على رأس القضايا التي ينتظرها الشعب السوداني العام المقبل، وفقا لخبراء.
وبات الشعب السوداني مشبعاً بالأمل نحو إنهاء كل الأزمات التي عايشها خلال الفترة الماضية، بعد أن طوى صفحة نظام حكم الإخوان.
ملف السلام
ومنذ سبتمبر/أيلول الماضي بدأت في عاصمة جنوب السودان "جوبا" المفاوضات السودانية لتحقيق السلام بدارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة.
وتوصلت أطراف المفاوضات في جوبا إلى اتفاقيات داعمة لتحقيق السلام أبرزها "إعلان جوبا" الذي تضمن مبادئ حسن النوايا ووقف إطلاق النار، إضافة إلى وضع إطار زمني مدته سنتان يتم التوصل خلالها إلى اتفاق سلام شامل لإنهاء الحرب.
وتم تقسيم مفاوضات السلام السودانية إلى 5 مسارات هي "دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وشرق السودان، والوسط".
ويقول مدير مركز سلام ميديا، المتخصص في شؤون النزاعات، الدكتور عباس التجاني، لـ"العين الإخبارية": إن مفاوضات السلام التي تجري في جوبا تأتي في زمن مفصلي من تاريخ السودان بعد الثورة التي أطاحت بحقبة مظلمة من حكم الإخوان".
وأوضح أن الظروف ملائمة لتحقيق سلام شامل يسكت صوت الرصاص نهائياً في مناطق النزاعات، مشيراً إلى أن الأطراف أظهرت نوايا جادة تجاه تحقيق السلام خصوصاً الحركات المسلحة.
واعتبر التجاني أن دخول جوبا في خط السلام يعني إنهاء الحرب ليست في السودان وحسب وإنما في كل الشريط النيلي، مضيفاً: "تحقيق السلام حالياً ينسحب على جنوب السودان وهذه أهمية المفاوضات في المرحلة الحالية".
وأشار إلى أن المفاوضات السودانية تحتاج إلى مزيد من الدعم الفني من قبل المجتمع الإقليمي والدولي لمساعدة الوسيط في التغلب على بعض التعقيدات التي قد تعترض مسار التفاوض.
وذكر أن التركة السياسية البائسة التي تركها نظام المؤتمر الوطني البائد، فيما يتصل بقضايا الحرب والسلام، تعد واحدة من التحديات أمام المفاوضات.
وأكد أن "المفاوضات في جوبا تطلب منهجية تفاوضية توافقية بغرض الوصول إلى اتفاق سلام يحقق تطلعات الشعب السوداني قبل القوى السياسية الفاعلة في عملية التفاوض".
وتابع: "أصحاب المصلحة الحقيقيون في عملية السلام هم الشعوب المتأثرة بالحرب وآثارها، وذلك يستدعي الواعين من القوى السياسية للتعجيل بعملية تحقيق السلام حتى تنتقل هذه الشعوب لمرحلتي حفظ وبناء السلام".
تحذير من انحراف مسار الثورة
من جهته يقول القيادي بقوى الحرية والتغيير، نور الدين صلاح، لـ"العين الإخبارية": إن التحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية وقوى الحرية والتغيير إن لم تستطع معالجتها في عام 2020، قد يقود إلى انحراف الثورة عن مسارها نحو تحقيق الأهداف.
وذكر أن قضايا السلام والاقتصاد والعدالة هي على رأس أهداف الثورة التي قامت من أجلها وهو ما يجعل الحكومة الانتقالية والقوى السياسية تكثف عملها لإنجاز تلك الأهداف في أسرع وقت ممكن.
وألقى نور الدين صلاح باللوم على الحركات المسلحة في نظرتها لعملية السلام والمواقف التي اتخذتها من قوى الحرية والتغيير، مشيراً إلى أن تقسيم مسارات السلام إلى 5 يؤدي إلى تعقيد المشهد.
وأكد أن بعض قوى الحرية والتغيير ترى أن ينحصر التفاوض في مسارين فقط هما "دارفور والمنطقتين" لجهة أن المسارات الأخرى يمكن معالجتها في إطار السياسات العامة للدولة.
وبين نور الدين صلاح أن "بعض المسارات يمكن أن تكون قنبلة موقوتة، ويتجلى ذلك في الاحتقان الذي يعيشه شرق السودان لعدم مشاركة جميع أصحاب المصلحة في المفاوضات".
وعلى ذات النسق يرى نور الدين صلاح أن مسار الوسط يمكن معالجة قضاياه في إطار السياسات العامة للدولة فيما يتعلق بطريقة الحكم وتوزيع الموارد الاقتصادية.
وتابع: "نحتاج إلى إرادة أكثر قوة لتحقيق السلام، كما نحتاج إلى أن يكون التناول بموضوعية مستمدة من حقائق على الأرض والنظر إلى المفاوضات باعتبارها حوارات بين شركاء وليس تفاوضا بين أعداء مختلفين".
الوضع المعيشي
وبجانب قضايا تحقيق السلام فهنالك قضية معالجة الوضع المعيشي للمواطنين، يترقب الشعب السوداني معالجات جذرية لها بعد سنوات من معايشة الأزمة بفعل سياسات النظام البائد.
وتدهورت الأوضاع الاقتصادية للسودان في عهد النظام السابق بصورة غير مسبوقة، ما دفع المواطنين للخروج ضده في مظاهرات انتهت بإسقاطه عقب انحياز الجيش للمحتجين في 11 أبريل/نيسان الماضي.
ومنذ تشكيلها تعهدت الحكومة الانتقالية باتخاذ برامج من شأنها معالجة الوضع المعيشي المتدهور للمواطنين من خلال زيادة الأجور للموظفين والعمال بنسبة 100%، إضافة إلى اعتماد دعم مباشر لأصحاب الدخل المحدود، وزيادة الإنفاق الحكومي على التعليم والصحة.
لكن مع ذلك يتخوف البعض من خطوة رفع الدعم عن بعض السلع كالبنزين والجازولين التي تعتزم وزارة المالية تضمينها موازنة عام 2020.
وأعلن وزير الثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، أن مجلس الوزراء شكل لجنة مصغرة لمناقشة خيارات رفع الدعم باعتباره الموضوع الأساسي.
وقال خلال تصريحات صحفية، عقب الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء برئاسة رئيس المجلس الدكتور عبدالله حمدوك، إن الميزانية تقترح رفع الدعم عن البنزين والجازولين بصورة متدرجة يقابله مضاعفة مرتبات العاملين بالدولة، فضلاً عن الدعم الاجتماعي النقدي المباشر للقطاعات الفقيرة، مع زيادة الإنفاق على التعليم والصحة لتحقيق مجانية التعليم والعلاج بالمستشفيات الحكومية.
ونوه بأن اللجنة الوزارية المصغرة ستبدأ اجتماعات للوصول إلى خيارات التدرج في رفع الدعم، مؤكداً أنه لا اتجاه لرفع الدعم عن الخبز في ميزانية عام 2020.
ويطالب نور الدين صلاح الحكومة الانتقالية بالانفتاح على الشعب السوداني ومشاركته المقترحات حول السياسيات التي تعتزم اتخاذها فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية.
وأوضح أن الشفافية مع الشعب وتبادل النقاش معه حول القضايا التي تتصل بمعيشته يقود جمع الأطراف إلى الوحدة والعبور إلى المستقبل.
كما أشار إلى أن الاقتصاد السوداني يواجه حالة ضمور بسبب السياسات التي انتهجها النظام السابق وتركت تشوهات تطلب معالجتها إجراء جراحة عميقة.
وأضاف: "لكن مستوى المعالجة يحتاج إلى الوضوح والشفافية وقابلية للاستماع لوجهات النظر المختلفة بعيداً عن السياسية الحالية التي توحي للشعب بأن وزارة المالية تفرض وجهة نظرها".
ومن جهته أكد المتحدث باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، أن مجلس الوزراء قرر طرح قضايا الموازنة لحوار مجتمعي مع القطاعات المختلفة من الشعب للاستماع إلى الآراء حولها، مع طرح أكثر من بديل من خلال هذه الحوارات حتى يرى المواطنون الخيار الأكثر قبولا.
aXA6IDMuMTQyLjEzMS41MSA=
جزيرة ام اند امز