ألسنة لهب وأدخنة تكدر صباح الخرطوم.. والبرهان يفتش عن حلول في الخارج
وسط غياب بوادر الحل السلمي، باتت الاشتباكات والاتهامات المتبادلة، عنوان التصعيد المستمر، بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، فيما واصل رئيس مجلس السيادة جولاته الخارجية بحثًا عن حلول.
فمن الميدان، كانت الاشتباكات التي أشهر فيها الطرفان الأسلحة الثقيلة والخفيفة، في تصاعد مستمر، بحسب شهود عيان، أكدوا لـ"العين الإخبارية"، الإثنين، اندلاع مواجهات جديدة، في مدن العاصمة الخرطوم الثلاث: الخرطوم وبحري وأم درمان.
وحسب الشهود، فإن أحياء جنوبي الخرطوم، خاصة الواقعة جنوب "سلاح المدرعات"، تشهد قصفا مدفعيا وجويا، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
وأبلغ الشهود "العين الإخبارية"، أن مدينة بحري شمالي الخرطوم، شهدت أيضا قصفا مكثفا، مما أدى إلى تدمير منازل، وانقطاع المياه والكهرباء.
مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، شهدت بدورها اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في مناطق أم بدة والثورة، بحسب شهود العيان، الذين أكدوا أن الأحياء القريبة من "سلاح المهندسين" التابع للجيش في أم درمان لم تغب عنها الاشتباكات العنيفة التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
تبادل الاتهامات
وتبادل الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، مساء الأحد، الاتهامات بمقتل مدنيين في قصف مدفعي وإطلاق نار عشوائي بالعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة (وسط) ومدينة نيالا (غرب).
وقال الجيش السوداني في بيان عبر صفحته على "فيسبوك"، إن قوات الدعم السريع "قامت بقصف عشوائي لمناطق كرري شمالي أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، وأدى القصف إلى استشهاد 13 من المدنيين وجرح آخرين".
وذكر البيان أن "الدعم السريع هاجمت منطقة المسيد بولاية الجزيرة (المتاخمة للخرطوم)، وأطلقت النار عشوائيا على مواطني المنطقة مما أدى إلى استشهاد 3 مواطنين وجرح آخرين".
فيما أفادت "الدعم السريع" في بيان نشر عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بأن طيران الجيش "قصف مدينة نيالا في جنوب دارفور ما أدى لمقتل نحو 14 شخصا وجرح العشرات".
وتحدثت قوات الدعم السريع، عن "مجزرة أخرى اليوم في منطقة سوبا جنوب شرقي العاصمة الخرطوم، أدت إلى مقتل وجرح عدد كبير من المواطنين الأبرياء والعمال حيث قصف الطيران المنطقة التي لا يوجد فيها جندي واحد من قواتنا".
أوضاع دارفور
استمرار الاشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع"، جعل مدن نيالا والفاشر والجنينة، غربي السودان تعاني أوضاعا كارثية، مما ضاعف وطأة الأزمات الإنسانية.
وتشهد ولايات دارفور منذ اندلاع الأزمة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منتصف أبريل/نيسان الماضي، اشتباكات مسلحة، خاصة في مدن: "نيالا والجنينة وزالنجي والفاشر وكأس وأم دافوق وكتم".
وقال شهود عيان لـ"العين الإخبارية"، إن مدن دارفور، تعاني نقصًا غذائيًا حادا، مشيرًا إلى أن المستشفيات تفتقر إلى الإمداد الدوائي، مع ازدياد أعداد الإصابات.
ومساء الأحد، بحث رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مع حاكم إقليم دارفور (غرب) مني أركو مناوي، بمدينة بورتسودان، حاجة سكان الإقليم "الماسة للمواد الإغاثية المتعلقة بالإيواء" جراء القتال المتواصل بين الجيش و"الدعم السريع".
وقال مناوي، في تصريحات إعلامية، إن اللقاء بحث "القضايا الإنسانية التي خلفتها الحرب وتأثيراتها السلبية على المواطنين"، موضحًا أن "مواطني دارفور بحاجة ماسة إلى المواد الإيوائية والإغاثية لمساعدتهم على الاستقرار والعيش الكريم".
وأشار إلى "أهمية تنفيذ الاتفاق على أكمل وجه خاصة فيما يتعلق بملف الترتيبات الأمنية، لضمان استدامة السلام والاستقرار في السودان"، بحسب البيان.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وقعت الخرطوم اتفاقا لإحلال السلام مع حركات مسلحة ضمن تحالف "الجبهة الثورية"، فيما تخلف عن الاتفاق "الحركة الشعبية ـ شمال" بزعامة عبد العزيز الحلو، وحركة "تحرير السودان" بقيادة عبد الواحد نور، والتي تقاتل القوات الحكومية في دارفور.
ومساء الأحد، بحث مستشار قائد قوات "الدعم السريع" عزت يوسف، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، "حل الأزمة في السودان وإيقاف الحرب".
جاء ذلك خلال لقاء جمع يوسف مع فكي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحسب بيان من الدعم السريع نشر عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أشار فيه يوسف إلى أن "ناقش التطورات الراهنة وسبل الوصول إلى الحل الشامل في إطار الرؤية المطروحة من قوات الدعم السريع لإنهاء الحروب ومعالجة جذور الأزمة السودانية".
وقال إن "فكي نقل تصور الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا (إيغاد)، لحل الأزمة السياسية في السودان وإيقاف الحرب المستمرة وسبل معالجتها بصورة غير تقليدية".
وذكر البيان أن الجانبين "اتفقا على تبادل الرؤى والمقترحات حول كيفية إنهاء الأزمة بما يحقق السلام الدائم والاستقرار في البلاد والمنطقة".
جولات خارجية
ومع تصاعد الأزمة، توجه رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، اليوم الإثنين، إلى مدينة جوبا بجمهورية جنوب السودان، في زيارة رسمية.
ويجري رئيس المجلس، خلال الزيارة، مباحثات مع الرئيس سلفا كير ميا رديت، تتعلق بمسار العلاقات الثنائية وسبل دفع أفاق التعاون وتعزيزه بين البلدين، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب تطورات الأوضاع في السودان.
وكان في وداع البرهان بمطار بورتسودان الدولي، وفق بيان صادر عن إعلام مجلس السيادة، نائب رئيس مجلس السيادي، مالك عقار، والفريق الركن محمد الغالي على يوسف، الأمين العام لمجلس السيادة، وعدد من الوزراء
ويرافق رئيس المجلس خلال الزيارة وزير الخارجية المكلف علي الصادق ، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.
تأتي جولات البرهان الخارجية التي بدأها بالعاصمة المصرية القاهرة، في إطار البحث عن حل سلمي لأزمة الحرب في السودان التي قضت على الأخضر واليابس.
وفي 6 مايو/أيار الماضي بدأت السعودية والولايات المتحدة برعاية محادثات بين الجيش و"الدعم السريع"، أسفرت عن اتفاق في جدة بين الجانبين لحماية المدنيين، بالإضافة إلى أكثر من هدنة جرى خرقها وتبادل الطرفان اتهامات، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات.
ويخوض الجيش و"الدعم السريع"، منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وما يزيد على 4 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، بحسب الأمم المتحدة.
ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.