غضب سوداني بعد صفع مدير جامعة لمتظاهرات ضد الغلاء
حالة من الغضب تعيشها الأوساط الحقوقية بعد تداول مقطع فيديو لقاسم بدري، مدير جامعة الأحفاد للبنات بالسودان، وهو يصفع طالبة
لأكثر من 5 أيام متتالية، لم تهدأ وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي في السودان، وازدحمت بردود الأفعال الغاضبة ضد مدير جامعة الأحفاد للبنات، البروفسيور قاسم بدري، الذي ظهر في مقطع فيديو وهو يصفع إحدى الطالبات اللاتي كن يرغبن في التظاهر ضد الغلاء.
أقر بدري بمحتوى الفيديو وأبدى تمسكاً بسلامة موقفه، لكنه لم يستطع الصمود أمام عاصفة الغضب، التي شملت منظمات حقوقية وناشطين وقطاعات واسعة بالمجتمع السوداني، ليخرج باعتذار السبت الماضي للأوساط السودانية وكل من يهمة الأمر عن تصرفه.
وأظهر الفيديو طالبات جامعة الأحفاد وهن يهممن بالخروج من حرم الجامعة إلى الشارع للتظاهر ضد رفع سعر الوجبات من قبل مشغل الكافيتريا الجامعية، ولكن بدري منعهن وأنهال عليهن بالضرب بكف اليد، وبرر فعلته بأنه يرغب في سلامة الطالبات التي تقع تحت مسؤوليته المباشرة.
وتزامنت الواقعة مع احتجاجات شعبية في عدد من المدن السودانية ضد ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الذي خلفته إجراءات تقشفية ضمنتها الحكومة بموازنة العام المالي 2018.
وخرجت بعض الطالبات في اليوم التالي لواقعة الضرب التي حدثت الأربعاء الماضي، في تظاهرات مؤيدة لمدير جامعتهن قاسم بدري، وحملن لافتات مكتوب عليها "عذراً بابا" في إشارة لرضائهن عما جرى، ولكن ذلك فاقم غضب الناشطين الحقوقين الذين رأوا في تصرف بدري خروجاً مريعاً عن أدبيات السلوك الحضاري ويهزم أسرة "بدري" رائد التعليم النسوي في السودان.
ومن المفارقات أن قاسم بدري ينحدر من أسرة سباقة ورائدة للتعليم النسائي في السودان، فهو حفيد بابكر بدري الذي افتتح أول مدرسة للبنات وسط البلاد إبان عهد الاحتلال البريطاني سنة 1903، رغم رفض السودانيين لهذه العادة وقتها، كما أسس نجله يوسف بدري "جامعة الأحفاد" كامتداد لمشروع والده، وهي جامعة خاصة مملوكة لأسرة بدري تهدف إلى تمكين النساء وتوفير فرص تعليمية لهن وتوسيع مساهمتهن في الحياة العامة وتنمية البلاد.
وأعلن قاسم بدري خلال بيان أصدره السبت الماضي، تحمله مسؤولية ضرب الطالبات، وقال: "قصدي كان وسيظل حماية الطالبات من أي مخاطر قد يتعرضن لها خارج أسوار الجامعة".
وأضاف في بيانه "إذا أدى ذلك إلى انعكاسات سلبية لدى البعض، فإنني أود أن أؤكد أن (الأحفاد) تسير في طريقها القويم، وأرجو أن يكون في هذا اعتذار وتوضيح".
وأكد بدري في اعتذاره أن مهمته وواجبه تكمن في الحفاظ على رؤية ومهام وأهداف الجامعة، وتهيئة الجو الملائم والحريات الأساسية للطالبات للتعبير عن آرائهن داخل الجامعة والحفاظ على سلامتهن والجامعة.
وكان نشطاء حقوقيون ومنظمات سارعوا إلى إعلان رفضهم التام لما فعله البروفسيور قاسم بدري، ودعوا إلى تحقيق شفاف في القضية التي شكلت مسار اهتمام الرأي العام.
واعتبرت مبادرة "لا لقهر النساء" الحقوقية، في بيان لها، أن ما فعله بدري مرفوض تماماً ولا يوجد ما يبرره أو يعلله، وطالبت مجلس إدارة الجامعة بإجراء تحقيق موسع في حادثة الضرب وسلوك بروف قاسم تجاه طالباته ونشر نتائجه بكل شفافية ووضوح.
وشددت أن ما جرى لا يشبه مؤسسة الأحفاد الرائدة في مجال التعليم النسائي وبروفسيور بدري الذي له إسهامات كبيرة في المجال "ولذلك صدمنا من الفيديو".
وأعربت هيئة "محاميي دارفور" عن صدمتها لتصرف بدري الذي سبق أن كرمته عام 2005 على إسهاماته ومؤسسته الأحفاد في مجال مناهضة العنف ضد النساء والتوعية بحقوقهن، واستيعاب طالبات دارفور اللاتي واجهن الحرب والنزوح.
وقال بيان صادر عن الهيئة: "ضرب الطالبات بواسطة رمز من رموز الاستنارة في السودان لمنعهن من التعبير بحجة حمايتهن، لا يعد ذلك من قبيل العنف الممارس ضد المرأة فقط، بل يتجاوز ذلك ليشكك في مدى التزام قوى الاستنارة بممارسة احترام المرأة وحقوقها في الكرامة الإنسانية"، وشددت على ضرورة إخضاع القضية للتحقيق وتقديم اعتذار صريح من الجامعة عن الواقعة.
وفسر ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي اعتذار بدري الذي ظل يرفض طوال الفترة التي أعقبت الحادث بأنه جاء نتيجة ضغط من منظمات دولية وتهديدها بوقف منح مالية كانت تخصصها للجامعة النسوية.