حركات مسلحة على خط النار بالسودان.. مُسكّن مؤقت أم لغم قادم؟
مع تصاعد وتيرة الحرب بالسودان، وغياب الحل السلمي، انخرطت حركات مسلحة في القتال، في تحول يراه مراقبون "مسكنا مؤقتا" و"لغما" في طريق أي حكومة قادمة.
إذ أعلن رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، بدء مشاركة حركته في القتال إلى جانب الجيش ضد قوات "الدعم السريع".
ونشرت الحركة عبر منصاتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، فيديوهات تظهر رئيسها مناوي، وسط رتل من السيارات العسكرية وهي في طريق مغادرتها من مدينة عطبرة شمالي السودان، متوجهة للعاصمة الخرطوم.
وأشار مناوي إلى أن حركته انتظرت لأكثر من 10 أشهر على أمل إيجاد حل للأزمة الحالية، ولكن دون جدوى.
وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن كل من رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، وجبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، ومصطفى تمبور، قائد إحدى فصائل حركة تحرير السودان، الخروج عن الحياد والوقوف إلى جانب الجيش.
كما تشارك قوات الحركة الشعبية، بقيادة مالك عقار، وهو نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، في القتال إلى جانب الجيش.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، وقّعت الحكومة السودانية اتفاقا لإحلال السلام مع حركات مسلحة ضمن تحالف "الجبهة الثورية".
وتخلف عن الاتفاق "الحركة الشعبية ـ شمال" بزعامة عبدالعزيز الحلو، وحركة "تحرير السودان" بقيادة عبدالواحد نور، التي تقاتل القوات الحكومية في دارفور.
بموجب اتفاقية السلام التي وقعت في جوبا، آنذاك، أصبح للحركات المسلحة مشاركة في السلطة السياسية في الخرطوم.
صراع الوجود والغنيمة السياسية
بالنسبة للكاتب والمحلل السياسي، الهضيبي يس، فإن مسألة دخول بعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام "أمر اقتضته العديد من المتغيرات السياسية، أهمها تركيبة عناصر الحركات نفسها".
وأضاف في حديثه لـ"العين الإخبارية": :من ينظر إلى استراتيجية الحركات المسلحة ودخولها الحرب والاصطفاف مع الجيش يكاد يعود إلى استشعار خطر قد يداهمها ويتربص بحواضنها الاجتماعية التي تحمل أبعادا عشائرية وقبلية في أقاليم النيل الأزرق ودارفور".
وأوضح يس أن الحرب بالنسبة للحركات المسلحة باتت أشبه بصراع الوجود، يحمل كذلك رواسب تاريخية مفادها النزاع حول الأرض ومحاولات الاستيلاء عليها ما بين المجموعات في إقليم مثل دارفور".
ومن ناحية سياسية، يتابع المحلل نفسه: "ترغب هذه الحركات في أن تضمن لها موطئ قدم مستقبلياً عندما تتوقف الحرب، فهي أيضا تدرك جيدا أن اتفاقية سلام جوبا لن تدوم طويلا ولا بد من إسدال الستار عليها بدمج قواتها في الجيش السوداني إن طال الزمن أو قصر".
وزاد: "في تقديري فإن مشاركة الحركات المسلحة في الحرب الدائرة الآن بالسودان أمر أشبه بالمُسكّن المؤقت فرض عليها وفقا لمقتضيات بعينها منها ما هو سياسي، وآخر اجتماعي وسيزول بزوال الأسباب الآنية" في إشارة للحرب.
التحدي القادم
لكن من ناحية أخرى، قد تكون هذه الخطوة بمثابة لغم في طريق أي حكومة قادمة.
وفي هذا الصدد، لفت الهضيبي يس إلى أن "الحكومة القادمة ستكون أمام تحدٍ جديد، وهو كيفية نزع فتيل تلك الحركات حال رفضت الدمج والتحول إلى أطراف مدنية شأنها شأن أي كيان سياسي أو مدني بالدولة".
وفي حال تمردت تلك الحركات ورفضت التحول إلى مدنيتها "حينها قد يعود السودان إلى محطة المربع الأول من الحرب". وفق المحلل السياسي.
الفوضى الشاملة
من جهته يؤكد الكاتب والمحلل السياسي، عبداللطيف أبوبكر، أن مشاركة الحركات المسلحة في القتال "تهدد البلاد بالانزلاق نحو الفوضى الشاملة".
وفي حديثه مع "العين الإخبارية"، قال أبوبكر إن "مشاركة الحركات المسلحة في القتال إلى جانب الجيش السوداني، ستعقد الأزمة، وتطيل أمد الصراع نظرا لهشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، وانتشار السلاح ما يهدد البلاد بالانزلاق نحو الفوضى الشاملة".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلفت حوالي 13 ألفا و900 قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.