قيادي سوداني يكشف لـ«العين الإخبارية» خطة الإخوان لتسليح المواطنين
مع تصاعد وتيرة الحرب بالسودان، وتضاؤل الحل السلمي، وتسليح المواطنين تحت مسمى "المقاومة الشعبية"، يرتفع منسوف الخوف من اقتتال أهلي
هذا ما أكده القيادي بالتحالف الوطني السوداني، وقوى "الحرية والتغيير"، ماهر أبو الجوخ، في مقابلة مع "العين الإخبارية"، كاشفا عن ما أسماها "الخطة ب" للكيزان، وهو مصطلح يطلقه السودانيون على أنصار النظام السابق من الإخوان.
وتأخذ الحرب في السودان التي كانت قد اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع، منتصف أبريل/نيسان الماضي، منحى جديدا يهدد بإشعال حرب أهلية أكبر، في ظل دعوات لتسليح المواطنين تحت ما يسمى "المقاومة الشعبية".
وقبل أيام، أطلقت مجموعات تسمي نفسها "المقاومة الشعبية المسلحة" دعوات لتسليح المواطنين، في عدة ولايات سودانية خاضعة لسيطرة الجيش.
دعوات رحّب بها رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي أعلن عن "تسليح المقاومة الشعبية بأي سلاح لدى الجيش، قائلا: "لن نمنع المقاومة السودانية من جلب أي سلاح، وأنه لا صلح ولا اتفاق مع الدعم السريع".
أبو الجوخ، لفت إلى أن "خطة الفلول للاستنفار هي إخراج موضوع الحرب وإدارتها من الشكل المؤسسي للجيش إلى شكل غير مؤسسي طابعه شعبي مدني، ولكنه في حقيقة الأمر حزبي التوجه تحت مسمي المقاومة الشعبية".
هدفٌ يسعى من خلاله الإخوان "لضمان وجود حاضنة مجتمعية شعبية تضمن لهم الاستمرار في الحرب حالما اختارت قيادة الجيش إنهاء القتال" وفق القيادي.
وسبق للبرهان أن نفى أي تحالف مع الإخوان، وقال إن الادعاء بوجود "كيزان" في الجيش هو "ادعاء كاذب".
خطاب البرهان.. ما له وما عليه
وفيما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة إثر اختيار قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، الاستمرار في الحرب بدلا من التفاوض، اعتبر أبو الجوخ، أن "معطيات الزمان والمكان وحتى الفئة المخاطبة ممثلة في قوات الجيش المنسحبة من ولاية غرب دارفور التي تم تجميعها في منطقة جبيت، تجعل الخطاب الحربي ورفض التفاوض هو السائد".
مستدركا "لكن من المهم التمعن في بعض جزئيات الخطاب التي حملت إشارات متناقضة فيما يتصل باستعداده للتفاوض واشتراطه لقاء السياسيين في بورتسودان".
كل ذلك - بحسب القيادي في التحالف الوطني- "يظهر أن الرجل فعلياً يتحرك في ظل التناقضات المحيطة به، فأنصاره من منسوبي النظام الفائت وحزب المؤتمر الوطني لا خيار لهم سوى الاستمرار في الحرب، مقابل رأي عام داخل قيادات عليا في الجيش يجنح لتقديرات عملية وواقعية وليست عاطفية أو سياسية أو حزبية تضغط في اتجاه المضي قدماً في المفاوضات".
يضاف لذلك، الضغوط الإقليمية والدولية التي تنظر بقلق بالغ لمسألة التسليح الأهلي هذه، كونها تقود المنطقة لحرب أهلية، في ظل انسداد هامش مناورات التجاذبات الإقليمية وتحركات قائد الدعم السريع السياسية والدبلوماسية التي حققت له مواقع متقدمة في المضمارين جعلت سيناريو إنهاء الحرب هو الأرجح. بحسب أبو الجوخ.
وتابع في هذا السياق "ترجيح وتفضيل إنهاء الحرب يسود منطقه على غيره، ولذلك فإن مسألة المضي قدماً بالحرب وهذه التعقيدات تبدو وكأنها استجابة لضغوط تيار استمرار القتال، وفي ذات الوقت تبدو وكأنها تسعى لتحسين الموقف التفاوضي باعتبار أن دخول المفاوضات في ظل الرفض يمثل موقفاً تفاوضياً أفضل من الإقرار بحالة التراجع العسكري."
سيناريو المناورة
وحول توقعاته باستجابة قيادة الجيش السوداني، للجلوس مع وفد القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) لبحث أزمة الحرب وتحقيق السلام، استبعد أبو الجوخ، الأمر، وعزا ذلك إلى أن "النقاشات بين الطرفين وصلت مرحلة بعيدة فيما يتصل بمكان وإجراءات اللقاء".
ولذلك، يرى الرجل أن "البرهان يتحرك وفق تناقضات المواقف الداخلية المرتبطة بجبهة مؤيديه، لكن تبقى الفئة الأكثر تأثيراً عليه وعلى مواقفه هي المتمثلة في التيار الواسع داخل الجيش وكابينته القيادية ".
وعن هذه الفئة، نوه بأنها "ستسعى إلى خلق كيان مواز لإدارة المعركة تحت مسمى المقاومة الشعبية".
تسليح المواطنين
وفيما يتعلق بدعوات تسليح المواطنين، واستجابة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، للأمر، قال أبو الجوخ: "أعتقد أن حديث قائد الجيش عن تسليح المواطنين ومنحهم الأسلحة والسماح لهم حتى بشرائها، هو أمر يُحسب عليه وليس له".
وهنا تساءل "إذا كانت المنظومة الأمنية والدفاعية تبيح حمل وتوزيع السلاح وشرائه من قبل المواطنين، فإن السؤال المطروح وبقوة: لماذا تمنح الدولة المنظومة الدفاعية والأمنية ثمانين في المائة من الميزانية العامة طالما أنها في أوقات الحروب تترك مسألة حماية المواطنين لأنفسهم؟".
واستطرد "أعتقد أن قائد الجيش قدم الإجابة الفعلية والعملية حول وجوب الانتقال من فكرة إصلاح القوات النظامية إلى إعادة تأسيس القوات النظامية، لأن الموجودة حاليا بناء على معطيات حرب الشهور التسعة وما قاله القائد العام للجيش في ذلك التصريح بات يستدعى الوقوف والإقرار بأن الأزمة بلغت مداها".
انقسامات عميقة
وحول ما إذا كان تسليح المواطنين يقود إلى حرب أهلية تؤدي إلى تفكيك السودان، أكد أبو الجوخ أن هذا الأمر "سينقل القتال من خانة الصراع المؤسسي بين الجيش والدعم السريع ومليشيات متحالفة معهما إلى حرب بمراكز قيادة جديدة ستحل رويدا رويدا بحكم المعطيات على الأرض لتصبح هي الفاعلة".
حربٌ أهلية يتخوف القيادي في التحالف المدني أن تكون ذات طابع مناطقي إثني قبلي، معربا عن خشيته أيضا، في أن يترتب على هذا الصراع تحوله في إحدى مراحله لقتال تدخل إلى حلبته مكونات خارج الحدود الجغرافية والسياسية.
"وبالتالي سيناريو هذه الحرب خطورته لا تقتصر على السودان، ولكن فرضية امتدادها إلى خارج الحدود بسبب تلك التداخلات الاجتماعية وهو ما سيجعل الحرب مهددة للسلم والأمن الإقليمي والدولي وتقود لا محالة لتدخل إقليمي ودولي لوقفها كما حدث في العديد من النماذج، مثل أفريقيا الوسطى، وحرب البلقان في تسعينيات القرن الماضي".
وأضاف "حدوث هذا السيناريو سيترتب عليه وضع كارثي بانفلات الأمور لحرب أهلية، ولكنه في ذات الوقت يحمل المنحنى الأخطر وهو حدوث انقسامات عميقة في المجتمع قد يترتب عليها تنامي فقدان القدرة على التعايش واختيار الانفصال السياسي".
ورغم تلك السيناريوهات، لا يفقد القيادي بالتحالف الوطني السوداني، وقوى "الحرية والتغيير"، ماهر أبو الجوخ، الأمل في إنهاء الحرب، وذلك استنادا لرغبة المكونات الاجتماعية التي تبدو ومن واقع تجربتها الحياتية أكثر حرصاً ورغبة في التعايش وعدم خوض حروب عبثية طويلة غير مجدية.
وختم حديثه "صحيح أن صوت الحرب والانتقام والموت يعلو ويرتفع، لكن الرغبة في الحياة، ورفض الموت المجاني، هما اللذان يسودان في خاتمة المطاف، ولذلك كما ذكرت في جزئية سابقة فإن الوصول لاتفاق ينهي القتال هو النقطة الحاسمة التي ستقضي على سيناريو الحرب الأهلية،لأن رغبة السودانيين والسودانيات هي أن يعيشوا في سلام بدون حرب وهو الأمر الذي سيحدث".
ومنذ منتصف أبريل / نيسان 2023 يشهد السودان حربا بين الجيش و"الدعم السريع" خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
aXA6IDEzLjU5LjEzNC42NSA=
جزيرة ام اند امز