السودان.. معارك مستمرة وسط وضع إنساني معقد
لليوم الـ102 من الاشتباكات، تستيقظ العاصمة السودانية الخرطوم على أزيز الطائرات الحربية وأصوات المدافع الثقيلة، إثر المعارك المستمرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، الأمر الذي أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية.
وأبلغ شهود عيان "العين الإخبارية"، أن الاشتباكات العنيفة اندلعت جنوبي العاصمة الخرطوم بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، مع سماع دوي انفجارات.
وذكر الشهود أن قوات الدعم السريع، ما زالت تحاصر "سلاح المدرعات" بمنطقة الشجرة جنوبي العاصمة الخرطوم.
وحسب الشهود فإن مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، شهدت أيضا اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، مع تحليق مكثف للطيران الحربي.
وطبقا للشهود، فإن مدينة بحري شمالي العاصمة، شهدت أيضا اشتباكات عنيفة ودوي انفجارات مع تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
وطبقا لإحصاءات غير رسمية، فإن البنى التحتية والمنشآت الحكومية ومنازل المواطنين تضررت بسبب الحرب والقصف العشوائي من القوتين المتصارعتين.
وأفاد شهود عيان "العين الإخبارية"، بأن آلاف المنازل والمصانع والمؤسسات العامة في الخرطوم ومدن دارفور "نيالا، الفاشر، زالنجي، الجنينة، وكتم، وكبكابية وكأس" تعرضت للتدمير والنهب وتخريب وإحراق الأسواق بسبب القتال العنيف والقصف الجوي العشوائي.
تردي الخدمات
وما زالت خدمات الكهرباء والمياه والإنترنت تشهد ترديا متزايدا في جميع مدن العاصمة الخرطوم جراء القصف العشوائي.
ويقول المواطن عبد الوهاب موسى، "ما زلنا نعاني من انقطاع المياه والكهرباء في أحياء جنوبي الخرطوم لساعات طويلة جراء استمرار الاشتباكات المسلحة داخل الأحياء السكنية".
وأضاف موسى لـ"العين الإخبارية" أن "الوضع كارثي ونتمنى إيقاف الحرب فورا والعودة إلى الخيار السلمي".
من جهتها، تقول المواطنية أماني عبد اللطيف، "أن مدينة بحري تعاني من انقطاع المياه والكهرباء منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل الماضي".
وأشارت عبد اللطيف في حديثها لـ"العين الإخبارية"، "مدينة بحري تشهدت أوضاعا مأساوية جراء انقطاع المياه والكهرباء، ونشتري المياه من السيارات المتحركة".
من جانبه يقول المواطن، نادر فهمي، إن "مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، شهدت أوضاعا كارثية جراء انقطاع المياه والكهرباء والإنترنت لساعات طويلة".
وأشار فهمي في حديثه لـ"العين الإخبارية"، "أملنا الوحيد يتمثل في إيقاف الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها."
تحذير أممي
وحذرت منظمة الصحة العالمية من مغبة تدهور الأوضاع الصحية في السودان، وذلك بعد 3 أشهر من العنف في البلاد، مشيرة إلى خروج ثلثي المستشفيات من البلاد من الخدمة، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وقال بيان مشترك لمدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، أحمد المنظري، ومديرة منظمة الصحة العالمية لإقليم أفريقيا، ماتشيديسو مويت إنه: "خلفت 3 أشهر من الصراع وضعا تواجه فيه البلاد أزمة إنسانية كارثية امتدت إلى ستة بلدان عبر إقليمين من أقاليم المنظمة؛ إذ يحتاج 24 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية، منهم 6.2 مليون نازح داخلي في حين اضطر 757 ألف شخص إلى الفرار عبر الحدود سعيا وراء سلامتهم، وهذه الأرقام تزداد يوميا".
وأشار البيان إلى أن الوضع داخل السودان بلغ مستويات خطيرة، حيث خرج أكثر من 67 % من مستشفيات البلد من الخدمة في حين تتزايد التقارير التي تفيد بوقوع هجمات على مرافق الرعاية الصحية.
وفي الفترة من 15 أبريل/نيسان الماضي إلى 24 يوليو/تموز الجاري، تحققت المنظمة من وقوع 51 هجوما على مرافق الرعاية الصحية، الأمر الذي أسفر عن 10 وفيات و24 إصابة.
مستشفيات متوقفة
وحسب نقابة أطباء السودان، فإن 70 % من المستشفيات في مناطق الاشتباكات بالخرطوم والولايات الأخرى متوقفة عن الخدمة.
وذكر بيان صادر عن النقابة أن "70 % من المستشفيات في مناطق الاشتباكات متوقفة عن الخدمة، من أصل 89 مستشفى أساسية في العاصمة والولايات".
ونوَّه إلى أن هناك "62 مستشفى متوقفة عن الخدمة، و27 مستشفى تعمل بشكل كامل أو جزئي".
وأشار إلى أن "المستشفيات التي تعمل مهددة بالإغلاق نتيجة لنقص الكوادر الطبية والإمدادات الطبية والتيار المائي والكهربائي".
وذكرت النقابة وفق البيان أن "عددا من الاعتداءات تمت على المستشفيات والطواقم الطبية مؤخرا، بينها حادثة الاعتداء على طاقم منظمة (أطباء بلا حدود) بالضرب أثناء توصيلهم للمعينات الطبية للمستشفى التركي جنوبي الخرطوم، ونهب العربة واعتقال سائق سيارة المنظمة، الجمعة الماضية".
وأوضحت أن "عدد المستشفيات التي تم قصفها منذ بداية الاشتباكات ارتفع إلى 19 مستشفى، فيما تعرض 22 مستشفى للإخلاء القسري منذ بداية الحرب".
وأكدت النقابة أن "جميع المرافق الصحية ما زالت خارج الخدمة في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور".
مقتل الأطفال
وأسفرت الحرب المتواصلة من دون أي أفق للحل عن مقتل 3900 شخص على الأقل حتى الآن، بحسب منظمة "أكليد" غير الحكومية، علماً بأن مصادر طبية تؤكد أن الحصيلة الفعلية أعلى بكثير.
ويشكل الأطفال إحدى الحلقات الأكثر ضعفاً في هذه الحرب التي تتركز خصوصاً في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب).
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، بأنها تلقت "تقارير عن 2500 انتهاك صارخ لحقوق الطفل - بمتوسط واحد على الأقل في الساعة".
ورجحت المنظمة، في بيان، أن "يكون الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، وهذا تذكير قاتم بالأثر اليومي للأزمة على أكثر الفئات هشاشة، في بلد يحتاج فيه نحو 14 مليون طفل إلى دعم إنساني".
وأشارت إلى أن الأرقام المتوافرة في حوزتها تؤشر إلى أنه "قُتِل ما لا يقل عن 435 طفلا في النزاع، وأصيب ما لا يقل عن 2025 طفلا."
وأعربت المنظمة الأممية عن أسفها لأنه "في كل يوم، يُقتل الأطفال ويصابون ويختطفون ويشهدون المدارس والمستشفيات والبنى التحتية الحيوية والإمدادات المنقذة للحياة التي يعتمدون عليها وقد تضررت أو دُمرت أو نُهبت".
وأبدى تيد شيبان، نائب المديرة التنفيذية للعمل الإنساني وعمليات الإمداد في المنظمة، أسفه لأنه "في كل يوم، يُقتل الأطفال ويصابون ويختطفون ويشهدون المدارس والمستشفيات والبُنى التحتية الحيوية والإمدادات المنقذة للحياة التي يعتمدون عليها وقد تضررت أو دُمرت أو نُهبت". وأضاف شيبان الذي وصل إلى بورتسودان أن "الآباء والأجداد الذين عاشوا دورات سابقة من العنف يشاهدون الآن أطفالهم وأحفادهم في مواجهة تجارب مروعة مماثلة".
ويتبادل الجيش و"الدعم السريع" اتهامات ببدء القتال منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، وارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات لم تفلح في وضع نهاية للاشتباكات.
ومع دخول شهرها الرابع، خلّفت الاشتباكات أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم من المدنيين، ونحو 3 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، بحسب وزارة الصحة والأمم المتحدة.